يروي ابن بطوطة مشاهداته في شهر رمضان، وما رآه في مكةالمكرمة من مراسم وعادات، بأن أهل مكة إذا أهل رمضان تضرب الطبول والدبادب عند أمير مكة. ويكون احتفال في المسجد الحرام، حيث تُجدد الحصر، وتكثر فيه الشمع والمشاعل، حتى يتلألأ الحرم نورا، ويسطع بهجة وإشراقا. وبعد أن يتحدث عن الصلاة والقيام والطواف واجتهاد الناس في العبادة على شتى مذاهبهم، يتحدث عن طريقة النداء والتنبيه للسحور، فيتولى المؤذن الزمزمي التسحير في الصومعة، التي تقع في الركن الشرقي من الحرم، فيقوم داعيا ومذكرا ومحرضا على السحور، وهكذا يفعلون في سائر الصوامع، فإذا تكلم أحد منهم أجابه صاحبه، وقد نصبت في أعلى كل صومعة خشبة على رأسها عود معترض قد علق فيه قنديلان (من الزجاج) كبيران يوقدان، فإذا قرب الفجر وقع الإيذان بالقطع مرة بعد مرة وحُط القنديلان، وابتدأ المؤذنون بالأذان. والذين لا يسمعون الأذان من أهل مكة يتسحرون على رؤية القنديلين. وفي ليالي الوتر من العشر الأواخر يختمون القرآن بالطريقة الجماعية، ويحضر الختمة الفقهاء والكبراء، والذي يختم بها أحد أبناء كبار مكة، فإذا ختم، نصب له منبر مزين بالحرير يخطب عليه، فإذا فرغ منه، دعا أبوه الناس إلى منزله فأطعمهم الأطعمة والحلوى، ويفعلون ذلك في كل ليلة وتر، ولهم في ليلة السابع والعشرين احتفال أعظم من سائر الليالي، يختمون القرآن خلف المقام الكريم وتشعل القناديل الزجاجية فيكاد نورها يغشى الأبصار، ويتقدم الإمام فيصلي العشاء ثم يبتدئ قراءة سورة القدر ويختم، وفي هذه الساعة يتوقف أئمة الحرم من أتباع المذاهب الخمسة وخامسها المذهب الزيدي فيحضرون الختمة، ويختم الإمام في تسليمتين ثم يقوم خطيبا مستقبل المقام، فإذا فرغ من ذلك عاد الأئمة إلى صلاتهم وانفض الجميع.