يحاول عدد كبير من المسلمين خلال شهر رمضان المبارك الافطار في البيت العتيق بمكةالمكرمة بجوار الكعبة المشرفة. في هذه الايام يتدفق ملايين المسلمين من ارجاء المعمورة لاداء العمرة في رمضان والتي تعادل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتشهد مكةالمكرمة اقبالاً من قبل زوار بيت الله الحرام على اسواق المنتجات الغذائية وتميزت مكةالمكرمة بكرمها مع الحجاج والمعتمرين. ولرمضان أثر بارز في مجتمع مكة نهارا، حيث لا يغادر الناس بيوتهم لشراء حاجات المطبخ من لحوم وخضروات وفواكه إلا بعد ان يمضي من النهار ثلثه لأنهم يسهرون حتى يتسحروا، ثم ينتظروا اذان الفجر ليؤدوا الصلاة ثم يذهبوا الى بيوتهم للنوم، واهالي مكة يعتنون بالسحور اكثر من الفطور، فترى المائدة تحتوي على اللحوم والارز والفواكه والادام والخضروات والحلوى. يقول الرحالة ابن جبير الذي حضر شهر رمضان بمكةالمكرمة عام 579 ه: حينما استهل هلال رمضان، وقع الاحتفال في المسجد الحرام بهذا الشهر المبارك وقد جددت الحصر وكثر الشمع والمشاعل وغير ذلك من آلات الاضاءة حتى تلألأ الحرم نورا وسطع ضياء. ان جماعة من التجار تنافسوا، فجلبوا لامام الكعبة شمعا كثيرا من اكبرها شمعتان نصبتا امام المحراب، فيهما قنطار وقد حف بهما شمع دونهما صغير وكبير.. فكاد لا تبقى في المسجد زاوية ولا ناحية الا وفيها قارئ يصلي بجماعة خلفه فيرتج المسجد لأصوات القراءة من كل ناحية فتعاين الابصار، وتشنف الاسماع بما تخشع له النفوس خشية ورقة. وكل وتر من الليالي العشر الاواخر يختم فيها القرآن، فأولاها ليلة الواحد والعشرين، ختم فيها احد ابناء اهل مكة، وحضر الختمة القاضي، وجماعة من الاشياخ فلما فرغوا، قام الصبي فيهم خطيبا ثم استدعاهم ابو الصبي المذكور الى منزله الى طعام وحلوى قد اعدها واحتفل فيها ثم بعد ذلك ليلة الثالث والعشرين وكان المختتم فيها احد ابناء المكيين ذوي اليسار، غلام لم يبلغ سنه الخمس عشرة سنة فاحتفل ابوه بهذه الليلة، احتفالا بديعا وذلك انه اعد له ثريا مصنوعة من الشمع مغصنة، قد انتظمت فيها انواع الفواكه الرطبة واليابسة واعد لها شمعا كثيرا، ووضع وسط الحرم شبه المحراب المربع اقيم على قوائم اربع، تدلت منه قناديل مسرجة واحاط دائر المحراب بمسامير مدببة الاطراف، فرز فيها الشمع واوقدت الثريا المغصنة، ذات الفواكه وامعن في الاحتفاء هذا الاحتفال.