الفرق بين بيع السجائر وبين عرضها دعائياً واضحٌ ومؤثر في تسويق التدخين ودعم انتشاره وبناء أجيال تمارسه. وقد يكون منع التدخين منعاً باتاً على المستوى الوطني، في أيّة دولة، ضرباً من المحال لأسباب معقّدة. إلا أن التحكّم في وسائل ترويجه أمر مختلف كثيراً. وقد نجحت دول مجلس التعاون إجمالاً في حظر الإعلانات والدعايات التي تروّج للتدخين، وإلى حدّ ما تحقَّق تقدّم نسبيّ في الحدّ من عرض التدخين في كثير من الأعمال الدرامية والأفلام. لكن كلّ ذلك لم يعد كافياً؛ إذ إن شركات التبغ وجدت وسائل دعائية لمنتجاتها في كثير من الأشكال، من بينها طُرق عرض المنتجات نفسها، فراحت تمنح مراكز التسويق أرففاً وحاويات مصمّمة تصميماً جمالياً لعرض سلع التدخين عرضاً جاذباً. ولأن السجائر سلعة مطلوبة عند المدخنين؛ وُضعت علبها عند الباعة أنفسهم. وفي موقع البائع يقف كل الزبائن. وكل هذه المفردات وسائل دعائية واضحة توجه رسائلها البصرية للكبير والصغير والمرأة والرجل ليعرفوا هذا النوع أو ذاك، ويُعجبوا بهذا التصميم أو تلك الطريقة في العرض. وحين أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية قرارها بمنع عرض السجائر في المحلات التجارية عرضاً تجارياً؛ فإنها أصدرت قرارها منتبهة إلى مشكلة الحرية الشخصية للمدخن، وفي الوقت نفسه الحق العام للآخرين الذين لا يريدون أن يشاهدوا هذه السلعة، أو لا يقبلون بأن يشاهدها أطفالهم. وهذا هو الفرق النسبيّ بين ترويج سلعة بشكل مباشر ووضعها في واجهة، وبين ترويجها بشكل غير مباشر عبر إبعادها عن عيون العامة. ومن المؤكد أن ذلك لن يقضي على التدخين، ولن يؤثر تأثيراً مباشراً في توعية المدخنين، ولكنه سيعبّر عن خطاب واضح مفاده أن السجائر ليست سلعة تُعرض للجميع، وأن طالبها سيكون قاصداً إياها عنوة، لا متأثراً بطريقة عرض ولا شكل علبة ولا وسيلة ترويج مكشوف. كما أن قرار الوزارة يضع حداً تشريعياً على الأقل لمنع بيع السجائر ومواد التدخين على الصغار غير الراشدين. هذا في ذاته إجراء تربويّ سليم. صحيح أن اختراقه ممكن وبعض الباعة لن يتردّدوا كثيراً في مخالفة النظام، إلا أن الرقابة الصارمة من شأنها أن تُحدث فرقاً في الموضوع.