يقرأها: عبدالمحسن يوسف يرسمها: معتصم هارون في البدايات الأولى نشرت نصوصًا مدهشة باسم «قمر منصور» ..تساءل المتابعون فيما كانت حدقات أعينهم تتسع: – من تكون هذه الفتاة التي تكتب بحبرٍ مختلف؟ من تكون هذه المثقلة بثنائية الوجود / العدم؟ وكيف تسنى لها الوصول إلى هذا الوعي الشاهق وهذه الثقافة العريضة العميقة؟ 2 بعد فترة من الزمن أماطت اللثام ومزقت القناع وأفصحت عن هويتها الحقيقية: إنها رجاء عالم.. ابنة مكةالمكرمة.. وهنا ازدادت حدقات الأعين اتساعاً.. 3 كتبت قصصاً للأطفال.. كما كتبت المقال والمسرحية والرواية.. ولم تكن نصوصها سهلةً أبداً.. لم تكن للتسلية ونيل الغفوة.. ولم تكن مدخلاً للنعاس اللذيذ! 4 قبل أن تكتب ما كتبتْ.. كرست وقتها للقراءة الصعبة.. وغاصت عميقاً في الفلسفة والفكر والسرد العالي.. لم تقف طويلاً أمام المرآة كما تفعل النسوة المفتونات بالزينة والمكياج. بل انحنت على منضدة التثقيف الذاتي. ومنحت ملامح وجهها للكلمات العصية على الترويض.. وامتلكت اللغة التي لا تقلد سواها.. 5 الكتابة عندها ليست ترفاً، ليست وجاهةً اجتماعية، ليست للتباهي، الكتابة لديها هاجس وجودي، وتصدٍّ حصيف للمحو والإلغاء والعدم.. 6 تقرأ بدأبٍ أجمل ما أنتجته الثقافة الإنسانية، وتكتب بإخلاص فناًّ رفيعاً، وأدباً متعالياً على إملاءات الناقد النمطي، ورغبات المتلقي العادي... وكأنها تقول بصوتٍ عالٍ: – «أنا لست كاتبة ما يطلبه المستمعون»! 7 لم تسعَ يوماً إلى النجومية.. لم تهرول خلف الشهرة. لم تحرق ذاتها في كتابة زاوية صحيفة يومية تدر عليها آلاف الريالات. ولم تستجب لغوايات المنابر الإعلامية، ولم تبدد وقتها في الفضائيات التي تتسلى بصراع المثقفين وحوار الديكة.. لقد آثرت العزلة والصمت والانزواء بعيداً عن الصخب الفارغ والمعارك التافهة وكرست وقتها وجهدها وحبرها لإنتاج أدبٍ فارهٍ.. 8 طلقت الوظيفة لتتفرغ للكتابة.. جعلت من أحلامها واقعاً.. ومن الأمنيات وجوداً.. واقتدارها المالي جعلته خادماً لثرائها الثقافي والمعرفي والإبداعي. وبإقامتها في باريس أضافت إلى لسانها لغة ثالثة تمكنها من مطالعة الأدب العالمي بلغاته الحية.. 9 فتحية إجلال للروائية المبدعة رجاء عالم، التي حين حصدت جائزة بوكر العربية مناصفة مع المبدع المغربي محمد الأشعري، قلت من دون مجاملة أو تردد إن رجاء تستحق هذه الجائزة بمفردها.. وإن لمن الظلم ما حصل لهذه المبدعة المدهشة..