قال رئيس نادي الرياض الأدبي الثقافي الدكتور عبدالله الوشمي: إن الاحتفاء بالمنجز الروائي لرجاء عالم، يعني الاحتفاء بالرواية المحلية والوقوف مع تفوقها وتألقها، والتي عززت قدرة المبدعة السعودية في حضورها في المحافل العربية و العالمية عبر بوابة السرد الروائي، كما استطيع أن أقول إن الفوز الحقيقي أن نجتمع للحديث عن فوز رجاء عالم في غيابها، إذ يمثل الحديث عن فوز النص في غياب مبدعته منتهى الفوز، إذ لا يحتاج ما قدمته عالم إلى حضورها مع كل متحدث عن فوزها، ومن ثم يجعلها ليست في حاجة لأن تكون حاضرة للدفاع عما دونته في روايتها (طوق الحمام) إذ تركت للمتحدثين عن فوزها نجاحا ينوب عنها، ويقوم مقام حضورها، مترجما ما قدمته من إبداع. د. الوشمي: تركت لنا رجاء فوزا نتحدث عنه في غيابها إذ لا يحتاج إلى مدافعين ومضى الوشمي في حديثه مؤكدا على أن عالم استحقت الفوز، مبكرا من خلال القراء والمتابعين للمشهد الروائي، وذلك من خلال ما قدمته من نصوص سردية، سبقها تألقها كاتبة من جانب وقاصة من جانب آخر.. إضافة إلى ما تثيره كتاباتها من عبقرية إضافية قادرة على أن تصنع في نصوصها تفوقا إبداعيا من رواية إلى أخرى، مما جعلها تختط لتفوقها الروائي مسلكا متميزا، ومفردة جديدة، وإرثاً مكياً بأدوات مختلفة، نظر النقاد والمتلقون إليها عبر عدة مستويات من التلقي لنصوصها السردية، عبر تجربة حاضرة في الإبداع، جعلت من رجاء فائزة ومرشحة للفوز بعدة جوائز قبل تتويج جوائزها بجائزة البوكر للرواية.. جاء ذلك خلال الأمسية التي أقامها النادي مساء يوم أمس الأول، احتفاء بفوز الروائية السعودية رجاء عالم مناصفة بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لهذا العام 2011م. د. فوزية أبو خالد: جاءت سيرة المكان عند (مشكاة مكة المضيئة) بمداد سردي جديد د. الشتوي: تحتاج رواياتها إلى دراسات نقدية بعيدا عن التصنيفات الجاهزة هند السديري: تتميز نصوص عالم بالمزج بين عوالمها المسكونة بقضايا المرأة ووصفت الروائية منيرة السبيعي، كتابات عالم بأنها جمعت بين الجانب الأسطوري، والآخر الصوفي، مازجة خلالهما الوجود الإنساني، بأسلوبها الخاص الذي تميزت به، والذي يمكن تسميته بحبكة (الماورائيات) التي استطاعت عالم من خلالها أن تقدم ما حملته نصوصها من قضايا بعمق، دللت فيه على تمكنها الروائي، برؤية مختلفة استطاعت أن تقدم في روايتاها وعبر شخوصها نصا روائيا مغايرا.. مشيرة إلى أن فوز (طوق الحمام) يعكس محطة من محطات النجاح التي تمكنت عالم من التميز به روائية، أكدت به على قدرة الرواية النسوية في مشهدنا المحلي إلى الوصول إلى العالمية بإبداع متفرد. د. إبراهيم الشتوي وفي مداخلة ، للدكتورة فوزية أبو خالد بعنوان (الكتابة بحبر المكان) قدمتها نيابة عنها منيرة السبيعي، قالت أبو خالد: لم يكن لي إلا أن أكيد للألم بالرقية المكية، فأرشو الرقيب وأوسع المسرى على طريق الحرير المكي، لألتقي بمشكاة مكة المضيئة أبدا السامقة رجاء عالم.. فلم تكن تجربة رجاء في روايتها تجربة مرئية على مستوى تفكيك رموز المكان جغرافيا وتاريخيا وبشريا، والتي تشهق كبرج ممتنع بين ما يعرف بتيار الواقعية السحرية، وبين ما يمكن أن يكون مزيجا من الفانتازيا السريالية والترميز السحري للواقع، ولكنها لكل ذلك كانت تجربة مثيرة وثرية لاكتشاف أبعاد جديدة للعلاقة بين التنظير العلمي وبين الإبداع الأدبي في علاقته بالمكان من ناحية، وفي علاقته بالمطلق من الناحية الأخرى.. متسائلة في ورقتها: هل فاجأتنا رجاء عالم حين حلت بحبرها في جبال مكة وفي هوائها وحاراتها..وكتبت سرية المكان بماء جديد؟! د. عبدالله الوشمي من جانبه قال الدكتور إبراهيم الشتوي: قدمت رجاء عالم في رواياتها للكتابة العربية بعدا عالميا، انطلقت فيه من المكان المحلي بمداد مختلف، أشكلت في بداياتها السردية على تصنيف بعض المتابعين من النقاد لها من حيث المدرسة الإبداعية التي يمكن ضم أعمالها الروائية إليها، إلا أنها سرعان ما تحولت نصوصها إلى ما يستحق المتابعة بما لفتت إليه الانتباه، من كونها كاتبة وساردة اعتنت فيما كتبته باللغة بشكل كبير ملفت للناقد والقارئ، عبر تداخل عميق بين عناصر الصورة المكونة لتلك العناصر، إضافة إلى ما تشكله رواياتها من تداخل متماسك ومتلاحم في سردها، فقد مثلت الصوت العربي، الذي ساهم في إيصال الصوت الكتابي النسوي المحلي إلى العالمية، متجاوزة المكان المكي إلى فضاء مفتوح ، طرحت من خلاله قضايا المرأة السعودية، وما شكلته مستجداته المعاصرة. ومضى الشتوي في حديثه مؤكدا على أن تجربة رجاء الرواية بحاجة إلى المزيد من الدراسات النقدية، التي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن الدراسات النقدية التقليدية المألوفة التي تقوم على التصنيفات الجاهزة..معللا هذه الحاجة النقدية بأن ما قدمته صاحبة (طوق الحمام) وغيره من نصوص، بحاجة إلى قراءات مستفيضة وعميقة تستطيع أن تكشف لنا الجماليات البلاغية في روايات عالم.. مختتما حديثه بأن ما كتبته عالم من نصوص ليست مستغلقة، لكون خيوط الحبكة السردية الرئيسية في رواية رجاء واضحة لعامة القراء، إلا أن التفاصيل وما يقبله النص من تعدد وتأويلات تجعله قادرا على أن يحمل تعددية على مستويات مختلفة وخاصة فيما تضمنه عالم في نصوصها من تعددية على مستوى البعد الاجتماعي في النص. أما الأستاذة أماني السليمي، فوصفت الاحتفاء بفوز عالم بجائزة البوكر، بأنه لا يمكن أن يوصف من قبيل الدهشة، لما وصلت إليه الرواية النسوية المحلية من تقدم متواصل..وأن ما مثلته عالم يعكس فوز الروايات السعوديات في إبداع فن الرواية.. تلاها الدكتور محمد ثابت، بمداخلة تحدث فيها عن الجوائز وما تعطيه للنص وللمبدع من المحفزات، إلى جانب ما تقدمه لهما من الحضور والدافعية على المستويين القريب والبعيد لدى الناقد والقارئ على حد سواء. وفي مداخلة للأستاذة هند السديري، قالت بأن كتابات المحتفى بها تميزت بالطرح النخبوي في بعض رواياتها، والرمزية في نصوص أخرى، إلى جانب الواقعية السحرية، لتجعل من الرمز والشخصية تقنية تطرح من خلالها الكثير من قضايا المرأة بوجه خاص، اتسمت فيه عالم بالمزج بين عالمين واقعي وآخر يمتد في الرمزية والأسطورية. أما الأستاذ محمد العرفج، فقد طرح عددا من التساؤلات حول كتابات عالم من الجوانب الفلسفية والأخرى الرمزية، إلى جانب ما يوصف بالسحرية..مستعرضا العديد من مقولات عالم عن رواياتها.. ومقارنا بين ما كتبته عالم قاصة، وما سردته روائية، وما تميزت به كتاباتها في الفنين.. تلاه مداخلة للأستاذة سماهر الضامن، التي تحدثت عن العديد مما تميزت به نصوص عالم من منعة، تحتاج إلى قراءات أعمق وأوسع، مما جعل أعمالها تتخذ في مجملها ما يشبه المشروع الروائي، عبر تدرج مع قرائها فيما كتبته من روايات، إلى جانب قدرتها على الترفع عن الهموم الوقتية البسيطة، عبر عشق بين في نصوص المحتفى بها للغة، ومدى ما تمتلكه من قدرات على تطويع اللغة وحسن توظيفها في نصوصها بشكل انفردت به فيما قدمت من أعمال روائية، مما انعكس على اهتمام النقاد بنصوصها بشكل تدرج في الاتساع والاهتمام من رواية إلى أخرى.