من أعماق المجتمع المكي، إلى فضاء المدن الحجازية..تعود بك إلى بيئة مختلفة، تتجاوز ببنائها مكونات المكان، وحركة الشخوص عبر موروث التراث الشعبي حجازيا كان أو مكيا ..لتمتد بنسيج الحبكة عبر مسالك فنية غير مألوفة، كونتها أنامل النص لتعبر من مجرد التراث المحدود بقطبي (الزمكانية) إلى ما قد يتماهى بالأسطورة حينا..وبالغرائبي (المتخيل) حينا آخر.. إذ لا يمكن أن تكون الشخوص مجرد متبارين في مجرد صراع داخلي استهلكته النصوص السردية الروائية التي ألفها كثير من القراء..وإنما تتحول ديناميكة الشخوص إلى أدوار مركبة تتجاوز هذا البعد إلى أن تقوم بما يمكن تسميته (أللا شخوص) عندما تمتد بالزمان إلى (أللا نهاية) وتجعل من المكان محركا مختلفا يلتف فيه وحوله النص مع بقية عناصر محركات الإبداع في روايات رجاء عالم، الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية (جائزة البوكر) في دورتها الرابعة، عن روايتها (طوق الحمام). الكاتب والناقد الدكتور عالي بن سرحان القرشي، استهل حديثه عن فوز عالم بالجائزة قائلا: حقيقة رجاء عالم، روائية لها مكانها في الرواية العربية، و بلغت في مجال الفن الروائي مستوى متقدماً ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى الرواية العربية، فرجاء ليست مثل كثير من الروائيين الذين يخلقون ويشكلون عالم الرواية من عالم متكون، لكنها هي التي تشكل عالم الرواية، ثم تشكل روايتها وحركة شخصياتها، والعلاقات السردية داخل هذا العالم الذي هي شكلته أولا، ولذلك نرى أن عالمها الروائي يمتد بالشخصيات في (لا زمن ) إذا جاز التعبير، ذلك لأن العالم الذي تتحرك فيه الشخصية عالم يمتد بين القدم حتى آفاق غير منظورة في بعض الأحيان، وتتكون فيه حركة هذه الشخصية وحركة هذا السرد، لذلك نجد أن شخصيات عالم لها علاقات تاريخية خلقتها الرواية، وهي في سرد الرواية تعيش في عوالم متحركة فيما بينها. أما عن البيئة الحجازية ومكة تحديدا في روايات عالم فقد أشار د. القرشي إلى أن من ينظر إلى روايتها من منطق الرؤية العامة مقارنة بروايات أخرى، ومن منظور البيئة الحجازية وبيئة غير ذلك..فهو يجد في روايتها بأن الشخصيات غير مستقرة في بيئة محددة..مشيرا إلى ما نجده في سردها الحواري، الأزقة، العادات، الأعراف..إلا أن ما يحرك هذا العالم هو وجود يجعل من وجود هذه البيئة موجودا مختلفا،، وليس وجودا بمعنى وجودها في أي نص، مؤكدا في ختام حديثه حول هذا الجانب بأن هذا الوجود في نصوص عالم ليس نسخة كربونية لمشهد متكون، أو نسخة لآخر يعاد إلينا نقله. ومن جانب آخر تحدث رئيس نادي الرياض الأدبي الثقافي الشاعر الدكتور عبدالله الوشمي من منظور (الفوز إلى التكريم ) قائلا: سأبدأ بجملة تساءل مفهوم الجائزة، حيث إن الجائزة تمنح لشخص إثر اجتهاداته وتتابع مسيرته، ولا تمنح لتاريخ جماعي، فالإبداع فردي، ومن هنا فلن أقول: إن فوز رجاء هو فوز للإبداع السعودي، كما أنه ليس فوزا لرجاء عالم أيضا، فالإبداع السعودي ورجاء عالم لهم حضورهم الخاص. وأضاف د. الوشمي في حديثه بأن هناك عدداً من النماذج السعودية، وصلت إلى مستويات ومسارات جادة ومتميزة، وكان لرجاء حضورها اللافت المتميز في عدد من المشاهد الثقافية العربية..مؤكدا أن هذه الجائزة وهذا الفوز يمثل تكريما لمسيرة رجاء، ولنصها الروائي المتميز، واحتفاء بالقدرة الإبداعية في نقل الإطار المحلي إلى مستوى عالمي، إلى جانب نقل تفاصيل المكان إلى صياغات إبداعية عليا. ومضى د. الوشمي في حديثه فقال: إذا كنا نهنئ الأديبة رجاء بهذا الإنجاز، فإننا مع تهنئتنا للوسط الثقافي السعودي بالقفزات المتميزة، نلومه على عدم الاحتفاء الإعلامي الجاد بمسيرة المبدعين والجادين، ومنهم رجاء عالم التي يمثل فوزها تكريسا جميلا للسعودية في مسيرة البوكر، وهو ما يجعلنا نتطلع إلى فحص جاد لمسيرة الإبداع الروائي المحلي.. متمنيا ختاما لحديثه بأن تتضافر الجهود في وضع أطر جادة لمسيرته من خلال الدراسات النقدية التي ترافقه وتقوم بتحليله، معتبرا هذه الأمنية من جانب آخر بمثابة دعوة يوجهها إلى الجامعات السعودية، لتحفل بإبداعات رجاء، ولتقوم بدراستها. وعن دروس جائزة البوكر وصف الناقد والكاتب الدكتور معجب العدواني، بأن المثابرة والطموح مفردتان صالحتان لتكونا عنوان خاتمة تتويج الروائية السعودية رجاء عالم بالفوز مناصفة مع الروائي المغربي محمد الأشعري.. مستهلا حديثه بالتهنئة للروائية التي طوقت بتاج عملها الروائي "طوق الحمام" جبين الوطن، كما أشعل الروائي عبده خال شهب التفوق البوكر في العام الماضي برواية "ترمي بشرر". وقال د. العدواني: أرى إلى أن هذا الفوز بوصفه تتويجاً لطموح عالم الدائم وجهودها الإبداعية، التي استمرت ما يناهز ثلاثة عقود، وأنتجت أعمالاً سردية في الرواية والقصة القصيرة والمسرح، كان آخرها عملها الروائي المتوّج. ومن المهم الإشارة إلى ما يمكن عده أمرًا مهمًا في تجربة عالم، إذ يمكن تصنيف كتابتها في ثلاث مراحل: الأولى تبدأ بكتاباتها المسرحية مثل :"الرقص على سن الشوكة" ورواية " 4صفر"، وتتمثل المرحلة الثانية التي تشكل الاتجاه العام لكتابتها وبدأت منذ صدور مجموعتها القصصية "نهر الحيوان"، ثم توالت أعمالها الروائية "طريق الحرير" و"مسرى يارقيب "و "سيدي وحدانة" و"حبا" و "موقد الطير"، ويندرج عملها الأخير في هذا الاتجاه، أما روايتا "خاتم" و"ستر" فتمثلان الاتجاه الثالث في كتابتها، وأعتقد أن هذا التقسيم الثلاثي يشكل مجمل اتجاهات الكتابة الإبداعية لدى عالم، وهي في مجموعها تمثل إنتاجًا كتابيًا مختلفًا ومتفردًا في تجربتها الروائية، إذ تتميز بكونها صالحة للبحث النقدي المعمّق، فهي تحوي ثراء على مستوى الدال بتقاطعها مع العديد من النصوص المختلفة وانفتاحها عليها؛ الأمر الذي جعلها أرضًا خصبة لاستقبال أدوات النقد الحديث، ويثبت ذلك عدد كبير من الدراسات الأكاديمية التي تناولت مشروعها الكتابي. وأضاف د. العدواني بأنه إلى جانب ذلك تجدر الإشارة إلى كون أعمالها تحوي ثراء على مستوى المدلول في تناول أوضاع ثقافية واجتماعية سائدة وعلاقاتها المتنوعة، كما أن أعمال عالم لا تتمثل البعد العجائبي فحسب بل تمتد إلى الأسطوري، وتستلهم أيضًا بُعد الكتابة الحديثة الذي يظهر في إطارات تشكيلية بصرية عدة، ولاسيما تلك التي تتواتر في حقل الشعر الحديث.. مستعرضا ما حمل العمل الروائي "طوق الحمام" من السمات العامة لكتابة عالم في المرحلة الثانية، والتي يمثلها هذا النص خير تمثيل، موضحا في حديثه بأنه من تلك السمات استلهامها الدائم للتراث، وتركيزها على الجوانب المهمشة مكانا وزماناً، فقد اختارت أن تواصل كشفها لمخبوء المجتمع المكي المتعدد، وحددت روايتها في زمان مهمش لم يتم الكشف عنه إلا في هذا العمل، لقد كتبت عالم تاريخ تلك الفترة وذلك المكان من خلال استثمار شخصيات كثيرة انبثقت أدوارها من مشهد جريمة في زقاق "أبو الرووس". ولعل ذلك يؤدي وظيفة روائية تتمثل في تلاؤم وتناسب ذلك التنوع والاختلاف الذي شهده ولا يزال المجتمع المكي مع هذا العدد الكبير الذي يمثل فسيفساء لشرائح اجتماعية مختلفة. وقال د. العدواني: لقد اطلعت على الأعمال الروائية التي رشحت للجائزة في المرحلة الأخيرة، وكان عمل عالم من بينها، ولحظت تفوق هذا العمل، ووجدت أن اللجنة ستقع في محك اختبار حقيقي مع معاييرها، إذ إن فوز خال بجائزة العام الماضي قد يقصي عملاً سعودياً آخر مرشحاً في هذا العام، ولكن اللجنة وُفقت تماماً في اختيارها، وكانت جودة "طوق الحمام" معياراً أساساً دون النظر إلى اتجاه الجائزة إلى السعودية في عامين متتاليين. وذكر د. العدواني في حديثه، بأن هذا الأمر يقود إلى استخلاص نتيجة ربما بدت مهمة، فالشعور بأن الرواية السعودية تتفوق بفوز خال وعالم، وتحقق إنجازها المتميز أمر لا غبار عليه، ولكن علينا ألا نبالغ في النظر إلى الرواية السعودية بمنظور عام، منبها هنا إلى ضرورة التأكيد على أمرين يبدوان مهمين: أحدهما في كون التفوق مقصوراً على الروائيين والأعمال الفائزة وهما عملان من مجموع أعمال تراكمت بصورة كبيرة ولاسيما في القرن الجديد، وثانيهما ويمكن النظر إليه من زاوية تستدعي العموم إذ يتصل بكون هذا الفوز محدوداً بجيل روائي له خبرته الكتابية الطويلة، وهو جيل روائي برز في التسعينيات، وحقق نسباً عالية في التلقي، ولايزال يقدم عطاءه المتواصل.. مما يعني أن على جيل الروائيين والروائيات الجدد أن يجعلوا هذا الفوز ملهماً يضيء طريق تجاربهم الإبداعية، ليظل مع هذا الأمل معقودا في هذا الجيل ليقدموا إضافتهم إلى البناء الروائي السعودي. من جانب آخر أشار رئيس نادي جدة الأدبي الثقافي الكاتب والناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني، إلى أن فوز عالم مناصفة بالبوكر، يدل دلالة واضحة على أن الرواية محليا، قد اكتمل قطباها النسائي منه والذكوري في إبداع هذا الفن، مشيرا إلى ما حققته الرواية المحلية من فوز في العام الماضي، والذي جاء ممثلا في فوز الراوئي عبده خال عن روايته (ترمي بشرر). وقال د. القحطاني: إن فوز الروائية رجاء عالم في هذه الدورة من البوكر العربية ، يؤكد بدليل جلي على أن النغمة الروائية عن القطبين في الإبداع الروائي، هي محفزة ومحرضة على حصد الجوائز، لا سيما الفوز بهذه الجائزة، وهذا مما يؤكد – أيضا – أن فوزها ليس فوزاً للرواية النسائية في مشهدنا المحلي فحسب، وإنما هو فوز باكتمال منظومة الرواية بقطبيها النسائي والذكوري، لغة وحبكة وصناعة..مشيرا إلى ما حفلت به أعمال عالم من احتفال بالعمق في نصوصها الروائية، والتي وصفها د. القحطاني بأنها لم تتخذ لنفسها في الرواية مكانا قصيا.. وإنما اتخذت لها في هذا الفن مكانا علويا. ومضى د. القحطاني في حديثه عن فوز عالم مؤكدا على أن الفوز بهذه الجائزة من شأنه إعطاء راحة نفسية، إلى جانب ما يحققه الفوز لدى المبدع والمبدعة بأن أي منجز قوي، سيأخذ حقه ومكانته التي تليق به في المشهد والاحتفاء به..مختتما حديثه بأن فوز خال في العام الماضي من الدورة الثالثة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) في دورتها الثالثة، وفوز رجاء عالم بها في الدورة الرابعة، بشكل متتالي بلا انقطاع، دليل على سيل منهمر من الرواية في المملكة، استطاعت أن تضرب بأطنابها في المشهد الثقافي معلنة لنفسها: لقد نجحت.. لقد فزت..لقد حققت، ليس للرجل أو المرأة فحسب وإنما للجميع بأن المشهد أنجز ونجح وحقق.. أما الكاتب والناقد الدكتور عبدالله المعيقل فقد وصف فوز عالم مناصفة بجائزة البوكر العربية، بأنه يأتي من منظورنا في المشهد المحلي إلى كون رجاء عالم تجاوزت بحضورها الروائي المستوى المحلي والعربي إلى ما يمكن لأن نصفه بكل اقتدار بالمستوى العالمي فيما قدمته من أعمال روائية، عطفا على كثرة ما كتبته في فن الرواية، إضافة إلى نوعية ما كتبته في هذا الفن السردي، وعلى ما تكتبه عن المجتمع المكي تحديدا، الذي أشار المعيقل إلى أن عالم في رواياتها تتكئ على التراث المكي، إلى جانب موروثه الشعبي والتاريخ المكي والبيئة الحجازية بوجه عام ممثلة فيما نجده في روايات عالم. ومضى المعيقل في حديثه قائلا: أنا لا أتصور أن هناك من الروائيات أو الروائيين المحليين، من ينافس عالم في فن الرواية، مع وجود روائيات وروائيين لهم حضورهم في مشهدنا الثقافي، إلا أن عالم تنفرد فيما تنفرد فيما قدمته من روايات من تميز فيما وظفته في نصوصها السردية من توظيف للعديد من الجوانب التي اختصت بها وتمثل فرادة في رواياتها، والتي يأتي من ضمنها توظيفها للجانب الفلكلوري، إلى توظيف الجانب الصوفي، إضافة إلى الجوانب العجائبية، فيما حفل به التراث المكي، منذ روايتها الأولى، فعندما نقرأ روايات عالم، لا بد وأن نعيش عالما مختلفا مع عالم، ليظل القارئ متسائلا أمام القدرة الروائية التي تجسدها روايات رجاء، وذلك من خلال الكيفية التي استطاعت بها أن تستحضر كل هذه المقومات من جانب..واقتدارها المتفرد بعد ذلك في توظيفها لهذه الجوانب، التي لا يمكن أن نستقصيها عندما نتحدث عن عالم من منظور الحديث العام عن مجمل ما تميزت به أعمالها من مقومات جعلت من أعمالها الروائية جميعها، أعمالاً روائية ناجحة ومتميزة. وأضاف د.المعيقل بأن الحديث عن عالم من خلال فوزها بجائزة البوكر العربية مناصفة، أنه مما يبهج من جانب فوزها، وما يحزن – أيضا – من جانب آخر، معللا هذا بأن رجاء كانت تستحق الفوز دون مناصفة في هذه الجائزة..وخاصة إذا ما نظرنا إلى هذا الفوز من منظور فوز عالم بجوائز عديدة تجعل المتابعين لها غير مندهشين بفوزها بهذه الجائزة، ومن خلال ما حققته من نجاح وحضور عربي وصل إلى العالمية..مؤكدا استحقاق عالم لهذه الجائزة، التي يجعل منها مصدر مفخرة للمشهد الثقافي المحلي.. مختتما حديثه بما يعزز حضور عالم الروائي عطفا على ما تمتلكه من أدوات وتقنيات فنية متفردة في كتابة النص الروائي، والتي تتمثل في قدرتها على استحضار العوالم الموغلة في التراثية والإدهاش الغرائبي، الذي استحضرته عبر مكة إذ هي ابنتها، والذي لا يمكن لكل من أبناء مكة روائيين أو روائيات أن يسردوا نصوصا روائية كما هو الحال عند رجاء التي استحضرت هذه المقومات ثم صهرتها في عمل فني..إذ استطاعت أن تصهر كل تلك الثقافة الشعبية بكل مكنوناتها وجمالياتها في روايتها،لتقدم لنا أعمالا فنية لا توثيقية أو تاريخية كما قد يتصوره البعض، نظرا لما غاصت إليه بعمق ووعي، باتجاه عوالم أبدعتها وصاغتها بشكل فني جديد. من جانبه وصف الكاتب والناقد الدكتور سلطان بن سعد القحطاني، بأن كل جائزة باسم الوطن تعد مصدر اعتزاز وعلينا الاحتفاء بها، بصرف النظر عمن منحها، وعن جودة العمل من عدمه..مؤكدا أن فوز رجاء عالم جائزة البوكر بوصفها جائزة تذهب إلى روائية سعودية في دورة تالية يدلل على جدارتها بهذا الفوز الذي جعل النص السردي حاضرا في دورتين متعاقبتين من الجائزة..مشيرا إلى أن الروائية رجاء عالم إذا ما تحدثنا عن استحقاقها للجوائز فهي ممن استحقوا جوائز تتجاوز جائزة البوكر. وقال د. القحطاني: لقد أثبتت عالم وجودها في الآونة الأخيرة واكتملت أدواتها الفنية، وفي ظني أنها التي شرفت الجائزة، وليس العكس، خاصة في هذه الرواية الناضجة، التي كان من حق عالم أن تفوز بها كاملة دون مناصفة، لكن لجنة التحكيم ربما مالت في هذه المناصفة كل الميل.. فهنيئاً لنا بفوز روائيينا، والجائزة لكل المثقفين العرب، والسعوديين على وجه الخصوص. كما تحدث الناقد والكاتب الدكتور صالح زياد عن فوز عالم بقوله: حين تُذْكَر الرواية السعودية، فإن رجاء عالم في الأسماء الأولى التي تتصدرها، وحين يذكر إبداع المرأة العربية فإن رجاء عالم من أوائل السيدات المبدعات اللاتي يشار إليهن بالبنان، فلقد كان فوز رجاء عالم بجائزة البوكر للرواية العربية هذا العام، عن روايتها "طوق الحمام" إعلان جدارة واستحقاق يتجه إلى هذه الرواية تحديداً بالقيمة، ولكنه في الوقت نفسه يتوج جهداً متصلاً من الإنتاج الروائي الذي يمتاز بتعدد نماذجه وتواليها وحفولها بما يرسم لها بصمة خاصة في مختلف العناصر السردية. وذكر د. زياد في حديثه بأن يتصور أن "طوق الحمام" رواية عالم الأخيرة، أنموذج قصي لما أخذت رجاء به نفسها من عكوف على صناعة الرواية وصهرها بما يخرجها عن البساطة واليسر.. لكون الرواية ذات حجم كبير، إذ تبلغ 566 صفحة، وتتألف من قسمين، أولهما: أبو الروس، وهو زقاق بائس وغريب في مكة، وأبو الروس هنا نفسه من يحكي، والثاني: مدريد 2007، وفي القسمين يتوالى السرد تحت عناوين جزئية وفي مساحات لا تتطول.. مشيرا إلى أن عالم في هذا النص توظف التحقيق الجنائي، وفحص الرسائل واليوميات والوثائق، واستجواب أبرز شخصيات الزقاق، إلى جانب ما استطاعت أن تستثمره في حركة الزمن واستثمار للأسطوري والغيبي، كاشفة عن جوانب تاريخية في حياة مكةالمكرمة.. المدينة المقدسة التي اختصتها رجاء بأبرز عوالمها الروائية وأكثرها خصوصية.. واختتم د. زياد حديثه قائلا: كما نعهده في روايات رجاء جميعاً، فإن لرجاء ولعاً مستمراً بالتجريب ومغامرة محسوبة تجاه المجاوزة للعوالم السردية المألوفة والمنسابة برتابة أو التي يقرأها المرء سريعاً.. ولا تخطئ العين في روايات رجاء ثقافتها المتينة ولغتها الخلاقة، وهذان العنصران أساسيان لإنجاز سرد ممتاز.. وعلى الرغم من أن مستوى الروايات التي تضمنتها القائمة القصيرة للجائزة متقارب، فقد كنت أتمنى أن تفوز رجاء بالجائزة لوحدها، لامتياز روايتها ولتاريخها ولأنها المرة الأولى التي تفوز فيها بالجائزة امرأة.