قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا)، وقال – عليه السلام- : (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ) ففي الأولى نهي عام عن التعدي -قولاً- على الميت أيّاً كان! وفي الثانية نهي خاص عن التعرض لصحابته -رضوان الله عليهم- وبيان لفضلهم ومنزلتهم، وكفى بهذين الحديثين مانعاً وسدّاً لكل متطاول بالسبّ والشتم على بعض الصحابة. فإن علمنا أن الله سبحانه قد نهى نبيه وصحابته عن سبّ أوثان لا تنفع ولا تضر مرتبطة بأعظم ذنب يعصى به الله وهو الشرك بقوله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) ثبت لدينا بما لا يدع مجالاً للشك بطلان من يرون سلامة فعلهم بسبِّ الصحابة رضوان الله عليهم بزعم نصرتهم لآل البيت رضوان الله عليهم، ذلك أن سبّ آلهة المشركين مع كونه حقاً ويحقق المصلحة إلا أن النهي يأتي لوجود المفسدة المترتبة عليها بقيام المشركين بالتطاول -ظلماً وجهلاً- على مقام الله عز وجل! فكيف حال من اقترف جريمة سبّ الصحابة رضوان الله عليهم وهو يعرف انتفاء المصلحة الناشئة منها مع تحقق حصول المفسدة المترتبة؟! الأمر الذي لا تقرّه الشريعة أساساً، ولانتفاء وجود «الجهل» في حقِّ من يسوقون أعذارهم تبريراً لهذا الفعل القبيح الذي يعارض النصوص القرآنية المؤكدة لفضلهم ومنزلتهم تكتمل حلقة الافتراء على صحابة رسول الله عليه السلام. نستخلص مما سبق حقيقة أن الدين يقف موقفاً حاسماً من «ثقافة السبّ» بدحضها ومنع أسبابها صيانة للأخلاق؛ وحفظاً للأعراض؛ وتوثيقاً لحضارية المنهج وموقفه واضح بوجوب حبّ الصحابة فكيف هو الحال مع الانتقاص منهم وشتمهم؟!