يصف الشاعر العماني سيف الرحبي الجو الثقافي في المملكة العربية السعودية بأنه جو خصب، ويرى أنَّ مثقفي وأدباء المملكة بمختلف أجيالهم، متابعون للثقافة بشكل عام. ويؤكد الرحبي «دائماً ما أشير للجو الثقافي في المملكة بأنه جو طليعي»، مضيفاً «ثمة إبداع على صعيد الرواية والشعر والبحث الأكاديمي». ويشيد الرحبي بالأديبة السعودية فهي «أصبحت بارزة في المشهد الثقافي العربي بروزاً قوياً فرض نفسه رغم الهيمنة الذكورية، ورغم سطوة كثير من قيم التخلف الاجتماعي»، مشيراً إلى قدرتها في اختراق الحواجز، وطرح قيم الحرية والمساواة. ويتفق الرحبي على أنَّ غالبية المقابلات التي تجرى معه محاورها مكررة، ولم تعد تعنيه المقابلات، ولا يقبل بها إلا لضرورات الصداقة، أو مناسبات معينة. ويرى الرحبي أن المقابلة «نوع من تحصيل الحاصل»، فما يستجد على الشأن الثقافي، أو الأدبي، يمكن أن يوظف عبر مقالة، أو نص أدبي. ويؤكد الرحبي «الأسئلة العامة التي تطرح من المحيط إلى الخليج لم تعد تعني شيئاً». ويعزو الرحبي ضعف أسئلة بعض الصحافيين وتكرارهم لأسئلة معينة إلى عدم البحث في التجربة الشعرية، فالصحافي يكتفي ب «كليشيهات» معينة، ولا يطور من نفسه، ولا يقرأ جيداً، طارحاً بضعة أسئلة يحتفظ بها، ولا يخرج عن السياق الروتيني، ويعيش ويرتزق من مهنته فقط، بعكس الآخرين الذين يقرؤون الأدب والفكر قراءة جيدة، ويرون في مهنة الصحافة منبراً للإبداع. والرحبي، الذي يرأس تحرير مجلة «نزوى» التي تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، يعد هذه المجلة إنجازاً إبداعياً، لكن مشكلاتها لا تحصى، سواء على صعيد الكتاب، أو الرقابة، أو التمويل. ويحاول الرحبي أن يتخلى عنها، لكي يتفرغ بشكل كامل لمشروعه الإبداعي، وللتأمل، والكتابة. وينفي الرحبي ما يتكرر ذكره في كون الصحافة قاتلة للإبداع، ذاكراً تجربته بقوله «عملت طويلاً في مجال الصحافة، ولا أعتقد ذلك»، مقترحاً خلق نقطة توازن عند الصحافي، بين نصه الإبداعي ومتطلبات الصحافة. ويؤكد الرحبي أن الصحافة بانفتاحها على العالم بشكل يومي ومباشر تساهم في إثراء التجربة الشعرية، وليس قتلها. ولا تعني الشهرة الشاعر العماني سيف الرحبي بشكل أو بآخر، ولا يفكر فيها، لهذا لم يحاول يوماً أن يشارك بفيديو على موقع ال»يوتيوب»، بل ولا يفكر في المشاركات الأخرى، سواء الأمسيات، أو الندوات، إلا تلك التي تتبع سياقاً صداقياً معيناً، كأمسيته التي قدمها مع الشاعر البحريني قاسم حداد مؤخراً في الدمام. ولا يستخدم الرحبي الشعر بمواصفاته التقليدية، بل بانفتاحه على السرد، وعلى المشهد البصري السينمائي، والحوارات المسرحية «صرت أشتغل على مناطق متعددة الأجناس والتعبيرات، وأحاول دمجها في نص واحد يتسع أفقه لكل هذه التعبيرات»، مؤكداً سعيه الدؤوب لكسر القوالب المتداولة لصالح أفق أكثر اتساعاً في التعبير الأدبي. ويصدر قريباً عن دار الآداب للرحبي كتاب بعنوان «نسور لقمان الحكيم»، وهو كتاب نثري، شعري، يتضمن في جزء أساسي منه نصاً حول الجبل الأخضر في عُمان، بأبعاده المكانية والجغرافية والروحية، ويتمنى الرحبي أن يكون مقنعاً بالنسبة للقراء. غلاف نشيد الأعمى لسيف الرحبي