في «الفيسبوك» حكت إيرين يوسف قصتها، كانت تعاني من ضائقة مادية اضطرتها للتقشف بتجنب حضور المناسبات المكلفة، وركوب المواصلات العامة، وعدم الأكل خارج البيت، وبينما هي تكافح للعيش بشرف دون إهراق ماء الوجه بسؤال أحد، إذا هي تستمع لزميلتين في العمل استهدفتاها بنكتة عن رجل بخيل، قاصدتين بها تصرفات زميلتهما التي لا تعرفان وضعها المادي. أذكر حالة مشابهة لزميل في ابتعاث قديم، كان يحضر اللقاءات، ويتجنب معاركنا على التكفل بدفع تكاليف بعضها، محنيا رأسه حتى تمر هذه اللحظات دون انتباه أحد إليه، حتى تلامز بعض الزملاء ببخله، غير أن هذا المنكِّس الرأس يتحول إلى صارم شامخ آخر الشهر، بعدما يحوّل له والده المبلغ الشهري، رافضا أي محاولة لمسابقته على الدفع. في الصف الثالث المتوسط، كان هناك مدرس للغة الإنجليزية، الصورة العامة له أنه سريع الغضب حاد الطبع، تهاوت هذه الصورة لتظهر بدلها صورة طالما أخفاها ليقاسيها وحيدا، وقف أمامنا وهو يغالب الدمعة، محاذرا سقوطها فلا يملك بعدها السيطرة على ما سيتلوها، حلّت صورة الأبوة الرحيمة مكان الغلظة القاسية بعد أن طلب منا السماح إن صدر منه ما يغضبنا، قائلا إنه يعاني مرض السكري، الذي يسبب له أحيانا نوبات الغضب وعدم الارتياح. عزيزي الإنسان، إن الإنسان الذي أمامك صندوق مغلق تتطاحن فيه الظروف والمشاعر والذكريات والتجارب، حذار من ظلم صندوق لم تفتحه.