ينضم قرار وزارة العمل بفرض 200 ريال شهرياً على كل عامل أجنبي في المؤسسة التي تزيد عمالتها الأجنبية على العمالة الوطنية، ضمن القرارات المتخبطة للوزارة التي أقرت قبل نحو عام تقريباً برنامج «نطاقات»، وأكدت أنه الحل السحري لتوطين الوظائف، ولكن يبدو أن هذا البرنامج بألوانه الثلاثة لم يحقق النسبة المرجوة من التوطين «الحقيقي»، فرأت الوزارة أن تبحث عن بديل آخر، يحقق بعض الدخل لصندوق الموارد البشرية، بحجة دعم برامج التدريب للمواطن السعودي، وكأن صندوق الموارد يعاني ضائقة مادية، وينتظر «فزعة الوزارة» لدعمه، ولا ندري مصير هذا القرار بعد الموجة الاعتراضية التي شنتها قطاعات اقتصادية خاصة، ليس أولها «المقاولات»، وليس آخرها «النقل»، التي رأت فيه قرارا غير مدروس ومفاجئا ولا يخلو من ارتجالية. لا نقول جديداً إذا أكدنا أن القطاع الخاص يقوم بدور فاعل ومهم في مسيرة الاقتصادي الوطني، وهذا الدور يتطلب من الوزارات، وعلى رأسها العمل، أن تكون داعمة له ولبرامجه، بما يضمن نجاح هذا القطاع في أهدافه ومساعيه، وبما يضمن المصلحة العليا للوطن والمواطن، أما أن تكون هذه الوزارات عاملاً معوقاً بقرارات مفاجئة، تصدر اليوم وتُطبق بعد غد، فهذا قد يضر بمنظومة الاقتصاد. قرار الوزارة بصورته الحالية، وكأنه يبعث رسالة إلى شركات القطاع الخاص بأنه يحق لها أن تستقدم ما تشاء من العمالة الأجنبية، وأن تقلص أعداد العمالة الوطنية، طالما ستلتزم بدفع ال 2400 ريال سنوياً عن كل عامل أجنبي، وهذا سيضرب مبدأ السعودة، ويقضي على برامج التوطين إلى الأبد، ويلغي «نطاقات»، خاصة إذا علمنا أن شركات كثيرة لا تمانع في دفع الرسوم المطلوبة منها، نظير ألا تكون هناك ضغوط عليها لسعودة وظائفها. قبل فترة، وفي رأي سابق ل «الشرق»، أكدنا أن سر السعودة يكمن في «التدريب والتأهيل» الجيدين للمواطن السعودي، هذا الجانب نرى أنه مفقود في برامج الوزارة، رغم الميزانيات الضخمة التي ينفقها صندوق الموارد البشرية من أجل هذا الأمر، ولو أن الوزارة اهتمت بالتدريب والتأهيل كما ينبغي، لأصبح لدينا مواطنون مؤهلون للعمل، لا يحتاجون إلى قرارات وزارية لتوظيفهم، وإنما ستبحث عنهم الشركات في كل مكان، طالبة خدماتهم وبأي ثمن، فالمواطن السعودي أكبر من أن يتوظف بقوة الأنظمة والقوانين.