يُعتبر التنمُّر «Bullying» ظاهرة سلوكية مرضية تتصف باستخدام القوة والتهديد والإذلال والرعب والاستغلال والقسر والإكراه والإجبار أو من خلال فرض السيطرة من قبل شخص «المُتنمر» لشخص آخر أو عدة أشخاص، وربما قد يحصل من جماعة أو فئة «مُتنمرة» على شخص بعينه أو أكثر. تُصاحب مثل هذه السلوكيات «التنمُّرية» في العادة عديد من الاضطرابات النفسية كأعراض وربما نتائج «Consequences» لتلك الاضطرابات، وفي حالات أخرى «نقية» يكون التنمُّر هو السلوك السائد بمجمل تلك الخصائص السابقة الذكر، فالحديث هنا عن ظاهرة شاذة من نوع مُخالف لبقية الاضطرابات النفسية والسلوكية. تتعدد صور التنمُر لتشمل التنمُر العاطفي واللفظي والجسدي والإلكتروني «Cyber»، يُضاف إلى ذلك كله التنمُر السلطوي من خلال سوء واستغلال الكرسي والموقع الوظيفي والقبلي والمُجتمعي، كما هو الشأن في بيئات العمل والقبيلة والمُجتمع. ولعل التنمُر الإلكتروني من خلال سوء استخدام تقنيات الإنترنت وقنوات التواصل الاجتماعي في إلحاق الأذى بفرد أو جماعة وربما دولة، والتنمُر الوظيفي والقبلي والمُجتمعي من أكثر صور التنمُر انتشاراً وأشدها ضراوة وإلحاقا للأذى والضرر بالآخرين، خاصة في المُجتمعات التي تفتقر لوجود قوانين صارمة ذات صلة بسوء استخدام وسائل التقنية وقنوات التواصل الاجتماعي وسلطة الوظيفة والقبيلة والتأثير المُجتمعي. يعود سلوك التنمُّر لعديد من المسببات، ولعل الخبرات السابقة السيئة التي يتعرض لها الفرد هي القاعدة الرئيسة لنشأة ظاهرة التنمُر. عدم المقدرة على تحقيق الذات «Self-actualization» بشكل مُرضٍ، يجعل من الشخص أداة فاعلة لاستغلال من حوله وإيقاع الأذى بهم لإخفاء عجزه وهوانه على نفسه وعلى الناس من منظوره الفردي، يُشاطر ذلك في السببية إدراكاً غير عقلانياً «مشوهاً» من قبل الشخص المُتنمر لواقع الحياة المعاشة وأحداثها، والنتيجة صدور سلوكيات التنمُّر وفقاً لتلك القراءة الخاطئة والفكر المُشوه. يلعب التعلم من خلال الإشراط المُقارن أو النتائج السارة المُترتبة على التنمُّر «للمتنمُّر نفسه» الدور الحاسم في نشأة الظاهرة، ولربما الشخص «المُتنمر» قد يقتدي بقدوة غير حسنة «مُتنمرة أيضاً» ويبدأ في تقليدها ومحاكاتها خاصة بين الأطفال والمُراهقين. والخلاصة أن التنمُر ظاهرة مرضية تحتاج للتدخل العلاجي لمن يعاني الظاهرة، والوقائي للعامة من خلال برامج توعوية ذات طابع شخصي ومُجتمعي ومُؤسساتي. للتنمُّر ضحايا لا شك نتيجة سلوك «المُتنمر» تتمثل في عديد من المأسي الصحية والعواقب السيئة على أصعدة عدة لمن وقع عليه «عليهم» ظاهرة التنمُّر. للحديث بقية.