سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المتنمّرون في المدارس ... يُحرّضون الطلبة على الخروج عن القانون ويثيرون القلاقل والشغب في المدرسة! 8 أشخاص من طلاب الثانوية يغيبون يوماً واحداً أسبوعياً بسبب الخوف من زملائهم
تحدّثنا في الأسبوع الماضي عن رفض الذهاب إلى المدرسة، وكيف يؤثر هذا على سير الدراسة عند الأطفال خاصةً في بداية ذهابهم إلى المدرسة وعند انتقالهم من مرحلة الدراسة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة، وربما يؤثر هذا على مستقبل الطفل أو الطفلة ويمنعه من إكمال الدراسة والتوقّف تماماً عن مواصلة الدراسة. هذا اليوم سوف نتكّلم عن مشكلة حقيقية في المدارس، وفي الدول الغربية تُعتبر هذه المشكلة من المشاكل التي يُدرس وضعها في المدارس بشكلٍ جدي، لأنه في الغرب تُشكّل مشكلة التنّمر أحد الأسباب التي تُعيق الدراسة بالنسبة للطلبة والطالبات، خاصةً وأن الدراسة مختلطة في الدول الغربية بين الفتيان والفتيات، وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية تُشير الدراسات بأن ثمانية أشخاص من سكان المدن سواء أكانوا صغاراً أم كباراً في المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة لأن هناك من يتنّمر على هؤلاء الطلاب!. هذه الإحصائية مُخيفة وتُثير قلق المسؤولين عن التعليم في المدارس الثانوية، التي يكثر فيها التنّمر، حيث إن التنّمر في المدارس الثانوية يُعتبر مشكلة أكثر من المدارس الابتدائية أو المتوسطة، بالرغم من أن التنمّر يحدث في المدارس الابتدائية والمتوسطة كذلك إلا أن أكثر مشاكل التنمّر تحدث في المرحلة الثانوية، هذا حسب الدراسات الغربية، خاصةً في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وحسب الجهات التعليمية المسؤولة في الولاياتالمتحدة فإن التنّمر هو المشكلة الأكثر حضوراً من مشاكل العنف في المدارس، وهذا ليس في الولاياتالمتحدة فقط ولكن في العديد من الدول، التي تُناقش موضوع التنّمر مثل الدول الأوروبية وبعض دول آسيا مثل اليابان والصين. التّنمر هو المشكلة الأكثر حضوراً من مشاكل العنف في المدارس التنمر هو الاعتداء المتكرر،وسوء المعاملة ضد طلبة آخرين وكذلك الضغط والقمع أو التهديد الشخصي بالاعتداء جسدياً أو نفسياً ويأخذ صوراً متعددة مثل السخرية وعزل الشخص ونبذه وكذلك بالضرب والسرقة منه. وحسب الدراسات في هذا المجال من الولاياتالمتحدةالأمريكية فإن التنّمر في ازدياد في المدارس ويُسبب مشاكل كثيرة للطلبة والطالبات، وفي بعض الدول الأوروبية حصلت مشاكل عنف خطيرة بين مجموعات من الطلبة المتنمّرين ضد طلبة وطالبات، وقد حدثت مشكلة بين طلاب من عصابات طلاّب صينيين ضد طلبة آخرين راح ضحية هذا التنمّر أكثر من طالب فقدوا حياتهم وجُرح عدد آخر من الطلبة والطالبات، حيث استخدم بعض الطلبة السلاح الأبيض من خناجر وسكاكين، وقد أثرّت هذه المشكلة في بريطانيا، وأظهرت على السطح مشكلة التنّمر في المدارس البريطانية، ونقلت وسائل الاعلام المختلفة مشاكل التنّمر في المدارس البريطانية، وكذلك الجماعات التي تُثير الرعب بين الطلبة والطالبات في مختلف المراحل الدراسية وفي المدن والقرى البريطانية على حدٍ سواء، وإن كانت المشكلة أكثر في المدن،خاصةً في الأحياء التي يسكنها الفقراء أو المهاجرون أو الأماكن التي تقل فيها الخدمات الترفيهية للشباب. وأشارت الدراسات أن ازدياد التنّمر في المدارس هو نتيجة تغيّرات حدثت في المجتمع، وبالذات ظهور العنف في المجتمعات، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية، واختلال العلاقات الاجتماعية في المجتمع وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكياتهم، ولذلك يظهر من أبناء هؤلاء العائلات الذين يعيشون في المناطق المحرومة ويُعانون من مشاكل اقتصادية. عادةً يكون هناك قائد لهؤلاء الطلبة المُتنمرين، يكون شخصية قوية وفي كثير من الأوقات يكون من الشخصيات المضادة للمجتمع ( الشخصيات السيكوباثية)، وهذا القائد هو أكثر من يُثير المشاكل والقلاقل في المدرسة، ويُحرّض الطلبة على الخروج عن القانون وإثارة الشغب في المدرسة. هذا القائد لعصابات المراهقين قد يكون مشروعا مجرما في المجتمع خارج نطاق المدرسة وقد يأخذ معه عددا من الطلبة الذين لهم نفس الميول والشخصية السيكوباثية الإجرامية، وهؤلاء الطلبة قد يُشكّلون عصابات في مستقبل حياتهم ويُصبحون مجرمين حقيقيين!. الاعتداء المتكرر، وسوء المعاملة ضد طلبة آخرين الطالب الذي يُمارس التنّمر قد يكون طفلا أو مراهقا يُمارَس عليه العنف من آخرين فيقوم هو بالتنّمر على أطفال آخرين، وهكذا فإن دائرة العنف التي تُمارس على الطفل في المنزل أو من قِبل أفراد عائلته أو أقاربه تنعكس على حياته في المدرسة ويُصبح هو من يُمارس العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة. ثمة عوامل آخرى قد تقود إلى أن يُمارس الطفل التنّمر على الآخرين، مثل الفقر وعدم وجود قدوة في المنزل أو وجود قدوة سيئة في المنزل، فيقوم الطفل بتقليد هذه الشخصية السيئة والتي ربما تشجّع الطفل على أن يكون عنيفاً مع الآخرين، خاصةً الطلبة أو الطالبات المسالمين والمهتمين بالدراسة والذين لا يرغبون في الدخول في مشاكل أثناء الدراسة. الإساءة إلى الطفل في المنزل فيقوم هو بتفريغ ذلك على الطلاب الآخرين في المدرسة كما هو الحال في حالة الطفل الذي يعيش في منزل به قدوة سيئة أو عدم وجود قدوة في المنزل الذي يعيش فيه الطفل. من الأمور أيضاً التي قد تجعل الطفل يُصبح عنيفاً ويتنمّر على الأطفال الآخرين في المدرسة، هو أن يكون الطفل مهملاً في المنزل ويفتقد العاطفة ممن يعيش معهم كالوالدين أو من يقوم مقامهم، ولذلك أيضاً نلاحظ أن الأطفال الذين لا يعيشون في أسر يكونون أكثر ميلاً للعنف والتنمّر في فصول الدراسة. إذا حُرم الطفل من الحب والعطف والحنان فإن خطورة أن يضطرب مثل هذا الطفل ويُصبح عدوانياً أمر وارد وقد يقوده هذا إلى التنمّر. الطفل الذي يعيش مع أشخاص سيئين في المنزل تجعله يتخلّق بالنماذج الذين يعيش معهم، وهذا يجعله غير عابئ بأن يكون شخصاً جيداً وخلوقاً في المدرسة، وربما وجد الاستحسان والتشجيع على التمّرد على النظام والقانون ومن ذلك أن يُصبح طفلاً أو شخصاً مُتنمراً في المدرسة مع زملائه، وهذا ما يُشجّع على كثرة الأطفال الذين يُمارسون التنمّر على زملائهم في المدارس. ثمة نقطة مهمة في موضوع التنمّر الذي يقوم به بعض الطلاب، مثل أن يكون الطفل أو الطالب في المدارس الثانوية يُعاني من اضطرابات سلوكية مرضية، وهنا يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية التي تحتاج إلى علاج وتدخّل من أشخاص مهنيين، مثل الاطباء النفسيين المختصين في الطب النفسي للأطفال أو الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين في المدارس. أحياناً يكون الطفل يُعاني من اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف عليه من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال. بعد أن استعرضنا أهم الاسباب التي يمكن أن تجعل من الطفل أو حتى المراهق يلجأ إلى العنف ويُصبح طالباً يُمارس التنمّر ضد زملائه في الفصل أو في المدرسة، وقد يؤثر هذا على الطلاب الآخرين بأن يجعلهم يمتنعون عن الذهاب إلى المدرسة، وهذه واحدة من أهم أسباب امتناع الطلبة عن الذهاب إلى المدرسة، كما ذكرنا في بداية المقال، من ارتفاع عدد الطلاب الذين يمتنعون عن الذهاب إلى المدرسة بسبب الخوف، خاصة في المدارس الثانوية. عندنا في المملكة لم أقرأ دراسة علمية عن التنمّر في المدارس السعودية ( ربما يكون هناك دراسات ولكن لم أطلّع عليها)، ولكن يبدو أن هذا الأمر موجود في مدارسنا، خاصةً المدارس الحكومية، بل إنني سمعت بأنه في بعض المدارس يكون هناك عصبيات إقليمية وقبلية بين طلاب المدارس وهذا أمر لم أتأكد منه ولكن نقله لي بعض الأشخاص الذين لهم علاقة بالتعليم!. ليس ثمة ما يُعيب بأن يكون لدينا مشكلة التنمّر في مدارسنا، فهذا الأمر تقريباً موجود في جميع دول العالم وليس هناك مشكلة بأن يكون عندنا طلاب وطالبات يُمارسون التنمّر في المدارس فهذا أمرٌ واقع يجب أن نتعامل معه ونحاول أن نُصلح الأمور ونفعل ما نستطيع لكي لا يُصبح التنمّر مصدر قلق وتوتر بالنسبة للطلبة الآخرين ويُلحق الضرر بهم. يجب أن تكون هناك استراتيجية مدروسة للتعامل مع التنمّر في المدارس، خاصةً وأن لدينا أيضاً مشاكلنا التي قد تختلف عن المشاكل في مدارس الغرب، ولذلك يجب علينا أن نطوّر أسلوبنا الخاص بحل مثل هذه المشاكل التي توجد في مشاكلنا. نحن لدينا التعليم منفصل ؛ فلا يوجد اختلاط بين الطلبة والطالبات في جميع مراحل الدراسة، وهذا يتطلّب أسلوباً مختلفا وخاصا مقارنةً بما يحدث في المدارس الغربية التي يتنمّر فيها الأولاد كثيراً على الفتيات، بينما عندنا الأولاد يتنمّرون على أولاد مثلهم والفتيات يتنمرن على طالبات مثلهن وذلك في مختلف مراحل الدراسة. يجب أن نعترف بأن ثمة مشكلة، وهي النظرة التي ينظر بها بعض الطلبة والطالبات إلى زملاء أو زميلات لهم لأسباب إقليمية أو مشاكل مشابهة لهذا الأمر، يعرفها القائمون على عملية التعليم، وهذه قضية يجب ألا نغفلها إذا أردنا أن نقوم بمعالجة هذه المشكلة بشكلٍ جاد وصحيح، وأن نكون واضحين وصرحاء في مناقشة هذه المشكلة من جميع جوانبها، حيث إنها مشكلة ليست بالبساطة والسهولة التي يتصوّرها كثير منّا. فقد شاهدت أطفالا امتنعوا عن الذهاب إلى المدرسة بسبب خوفهم من أطفال آخرين وأثرّ ذلك على مستقبلهم بشكلٍ كبير. أول خطوة لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها، ويبقى أن نعرف حجم هذه المشكلة في مدارسنا وفي أي مرحلة دراسية تكثُر هذه الممارسات وما هي المسببات التي تدعو بعض الطلبة أو الطالبات للقيام بهذه السلوكيات، وبعد ذلك ؛ أي إذا عرفنا ماهي الأسباب عندئذ يمكننا أن نعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة التي في ازدياد كما تقول معظم الدراسات في الدول الغربية بسبب التغييرات التي تحدث في المجتمعات وتأثير الإعلام الذي غيّر كثيراً من سلوكيات الأطفال والمراهقين، بل حتى على سلوكيات البالغين. هنا يجب أن نقول بأننا في طريقنا إلى حل واحدة من أكثر مشاكل العنف في المدارس، وهو عمل يستحق أن نعمل من أجله بكل جد ونبذل كل مافي وسعنا لحل هذه القضية التعليمية والتي أحيانا تؤرّق العاملين في قطاع التربية والتعليم.