يعاني الكثير من الطلبة والطالبات من تنمر بعض زملائهم واستقوائهم عليهم في الفصول الدراسية والساحات المدرسية ومرافق المدرسة، ويطالب الضحايا بوضع حد لهؤلاء «الإرهابيين» الذين مارسوا هذا الإجرام وحكموا على زملائهم بالخوف وولدوا فيهم الرهاب وساهموا في فشلهم. تشويه سمعة وأذى تقول الطالبة منى عبدالإله والتي انتقلت من مدرستها الثانوية إلى أخرى أنها عانت كثيرا من تنمر بعض الطالبات واستقوائهن عليها؛ نظرا لأنها تتمتع بالهدوء وعدم الرغبة في خلق أجواء حادة مع الزميلات، لكن هذا لم يشفع لها في العيش بسلام في مدرستها فعمدت الزميلات إلى إيقاع أذى «تشويه السمعة» بها ونقل مواقف غير حقيقية ما دفعها إلى ترك مدرسة إلى أخرى تقل فيها هذه السلوكيات، أما فتحية ناشر فتتحدث عن تنمر من نوع آخر وهو العبث في أدوات الزميلات وإتلافها وسرقة بعضها بشكل متكرر، وتطالب بوضع حد لهذا، ووافقتها الطالبة سناء مبارك من أن التنمر الذي واجهته كان يقلقها كثيرا حيث تعتدي بعض الزميلات على المعلمات بالألفاظ وبالتأخر عن الحصص مما يربك الجو الدراسي ويجعله مشحونا. عنف متعمد عرفت المشرفة الطلابية بإدارة التوجيه والإرشاد بتعليم الشرقية نوال الضويان التنمر بأنه سلوك استخدام العنف المتعمد من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص تجاه شخص معين أو مجموعة من الأشخاص بصورة متكررة لفترة طويلة، ولا يشترط أن يكون المعتدي على معرفة شخصية بالضحية. وقالت إن أنماط التنمر مختلفة، منها ما هو لفظي أو جسدي أو نفسي أو الكتروني أو اجتماعي أو جنسي أو تنمر على الممتلكات، أما ضحية المتنمر فتظهر عليه بعض الأعراض كفقدان الشهية وآلام في المعدة وتقلبات المزاج واضطرابات النوم والخوف من الذهاب للمدرسة وفقدان المصروف اليومي أو وجبات الإفطار وقلة الاهتمام بالواجبات المدرسية وقلة الأصدقاء وتحاشي الأماكن والأقارب والأنشطة التي فيها عنف والممتلكات، وقد يحدث رضوض وجروح وإتلاف للملابس وقد يتحول الضحية بدوره إلى متنمر في بيئة أخرى كتفريغ للانفعالات النفسية المكبوتة بداخله، منوهة الضويان إلى أنه لا فرق بين تنمر البنات أو الأولاد كما بينت الدراسات والاحصاءات إلا في نوع التنمر، حيث يميل الذكور إلى التنمر الجسدي؛ نظرا لقوتهم الجسدية مقارنة بالإناث، بينما تميل الإناث إلى التنمر اللفظي أكثر. أفكار لا عقلانية وتحدثت المشرفة التربوية بإدارة التوجيه والإرشاد بتعليم الشرقية نادية الغامدي عن 11 فكرة لا عقلانية للعالم ألبرت أليس تسبب المشاكل للأشخاص وعلاقاتهم ومستويات تفكيرهم، فالنظرية السلوكية تتمثل في النظر إلى أن التنمر سلوك تتعلمه العضوية، فالعدوان هو سلوك يتعلمه الطفل كي يحصل على شيء، كما أن السلوك العدواني متعلم اجتماعيا عن طريق ملاحظة الأطفال نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم وأصدقائهم وأفلام التلفاز والقصص، إضافة إلى أن لأساليب التنشئة الاجتماعية دورا كبيرا سواء مقصودة أم غير مقصودة مباشرة أو غير مباشرة، أما نظرية التحليل النفسي فتفسر التنمر على أنه ما هو إلا تعبير عن غريزة الموت، حيث يسعى الفرد إلى التدمير سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخرين، حيث إن الطفل يولد بدافع عدواني -كما يرى فرويد-، أما النظرية الفسيولوجية فتعرف التنمر على أنه سلوك يظهر بدرجة أكبر عند الأفراد الذين لديهم تلف في الجهاز العصبي (التلف الدماغي)، ويرى فريق آخر أن هذا السلوك ناتج عن هرمون التستستيرون حيث وجدت الدراسات أنه كلما زادت نسبة هذا الهرمون بالدم زادت نسبة السلوك العدواني، في حين تعرفه نظرية السلوك الجمعي بأن الأطفال يتعلمون سلوك التنمر عن طريق ملاحظة نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم ورفاقهم حتى النماذج التليفزيونية ومن ثم يقلدونها وتزيد احتمالية ممارستهم للعدوان إذا توافرت لهم الفرص لذلك، أما نظرية الإحباط والعدوان فتفسره بأنه الإحباط وينتج دافعا عدوانيا يستثير سلوك إيذاء الآخرين وأن هذا الدافع ينخفض تدريجيا بعد إلحاق الأذى بالشخص الآخر، حيث تسمى هذه العملية بالتنفيس أو التفريغ؛ لأن الإحباط يسبب الغضب والشعور بالظلم ما يجعل الفرد مهيأ للقيام بالعدوان -كما يؤكد دولارد ودرب وميلر-. علاج الظاهرة حثت المرشدة الطلابية في الثانوية 28 بالدمام نادية الصطامي على ممارسة مهارات الاتصال في البيئة المدرسية، وقالت إن البرنامج الوقائي لمكافحة ظاهرة التنمر يبدأ من تقدير الذات وإدراك دور الأسرة في تكوين شخصية الفرد والاتصال الفعال وزيادة التفاهم والوضوح والعمل على تحقيق علاقات أفضل في البيئات المدرسية بين الطلبة والمعلمين ثم بين الطلاب أنفسهم. ونوهت المرشدة الطلابية في المتوسطة الثانية عشرة بالدمام مها الكبد إلى دور التوعية الأسرية والمجتمعية، وقالت إنها عززت هذا الجانب من خلال تقديم ورشة عمل للأمهات تهدف إلى رفع الوعي لديهن من أجل نشر ثقافة ومفهوم التنمر لدى الطالبات في المدارس والأمهات وقياس مدى معرفة الأمهات لمفهوم التنمر المدرسي وأسبابه والتفريق بين السلوكيات السلبية الصفية للطالبات وبين السلوكيات التي تؤدي مستقبلا للتنمر والوقوف على أسباب الظاهرة لتقديم الحلول من خلال مشاركة الأمهات في وضع آليات للعلاج في المدارس، وأشارت الكبد الى أن التنمر المدرسي يحدث في كافة مرافق المدرسة وليس له مكان محدد، وقد يكون بدوافع نفسية كالشعور بالعجز والتأخر الدراسي أو الفشل في التميز بين التوتر المنزلي وكثرة الخلافات الأسرية والصراع وعدم الاستقرار النفسي والعاطفي لدى الطالبة، كما أن الثقة بالخدم والسائقين وعدم المتابعة من أسباب التنمر. وأشارت إلى أسباب تنمر الأطفال في الأسرة كخلل في أساليب التنشئة الأبوية المبكرة للأبناء منذ الطفولة وضغط جماعة الأقران أو التأثيرات السلبية لوسائل الإعلام وضعف المؤسسات التعليمية في التربية النفسية للطلاب، وحثت على ضرورة تنمية مهارات الكفاءة الاجتماعية والأخلاقية لديهم بشكل يتيح لهم التعرف بشكل فعال وملائم اجتماعيا وضرورة نشر الوعي بين فئات المجتمع والتواصل المستمر بين المدرسة والمنزل للوقوف على أي مؤثر سلبي في بدايته، وتقديم برامج وقائية علاجية على مستوى المدارس، والتركيز على استثمار أوقات الفراغ لدى البنات وتعزيز الجانب الديني وتربية الناشئة على الخوف من الله، ووضع خطوط حمراء للطالبة وإيضاح أهمية الالتزام بها داخل وخارج المدرسة، وغرس العادات الحميدة وتعزيزها من قبل الأهل والمربين وزيادة الرقابة في المدارس وتكثيف الحصص الإرشادية والنشاط الديني، وتشكيل لجان بالمدارس كفرق تطوعية هدفها نشر ثقافة الأمان النفسي بين الطالبات واحتواء الطالبات بعامة وذوات الحالات الأسرية عامة وتقديم دورات تدريبية للمعلمات والكادر التعليمي لمعرفة متغيرات خصائص النمو للطالبة. المشكلة مشتركة بين الجنسين مع اختلاف نوعها