قال تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) المقصود في بالإسراف: التبذير في صرف الأموال في غير وجهها الشرعي وهو من أعظم أسباب كفر النعمة وتحولها وزوالها والعياذ بالله. قد أنعم الله -سبحانه وتعالى- علينا بنعم كثيرة ظاهرة وباطنة في بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، نعمة الأمن والأمان في ظل قيادة هذه الدولة وهذه الحكومة الرشيدة التي تطبق شرع الله وتهتدي بهديه وباتباع كتابه وسنة نبيه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- ومن نعمه علينا ما أفاء الله به علينا من أرزاقه في المؤن وفي الطعام والشراب ومن كل ما لذ وطاب تصلنا من جميع أقطار الدنيا، ولكن من المؤسف أن هناك أناساً وهم قلة من فضل الله كفروا بالنعمة وأسرفوا في كل شيء في الطعام والشراب واللباس والسكن ووصل بهم البذخ حتى أن غسلوا أيديهم بعد الطعام بدهن العود والتباهي في عمل الموائد الكبيرة بوضع الإبل كاملة في الصواني، وهناك من يذبح خروفين لشخصين مثلاً ويظن أن ذلك من الكرم وشاهدنا عبر قنوات التواصل مقاطع فيها العجب العجاب، هناك من وضع النقود الورقية في القهوة بدلاً من الهيل، وغيره يؤكل إبله نقوداً ورقية من فئة الخمسمائة ومنهم من غير اسم ابنه الشاب باسم أحد المشايخ ويعد ذلك تكريماً له بطريقة أبسط ما يقال لها إنها (هياط) لا داعي له. كيف يحصل هذا في بلد الحرمين ونحن نرى ونسمع ولا نحرك ساكناً إن هذا تبذير وإسراف هناك أناس يموتون جوعاً وعوزاً في كثير من البلاد الإسلامية، بل هناك منهم في أمس الحاجة بين ظهرانينا من الأيتام والأرامل والمعدومين، ولكن قد لا نعرفهم من التعفف إلا بالبحث المضني وتكاتف المجتمع في معرفة المحتاجين، يجب أن يعاقب كل متعال ومتغطرس ومبذر مهما كانت مكانته وأن تحفظ النعمة فما نراه من موائد ترمى في الزبالة أمر يندى له الجبين وتذرف بسببه العين وقد يؤدي إلى العقاب لا سمح الله قال تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) -صدق الله العظيم-. نحن في رغد من العيش ويجب أن نحافظ على هذه النعمة قبل أن يصيبنا العقاب.