قال الشيخ /عبدالرحمن بن حسين فقيهي عضو التوعية الإسلامية في الحج إن من فضل الله علينا في هذه البلاد الحبيبة المملكة العربية السعودية أنْ حَبَانا بنعم كريمة، سِعةُ في الخيرات، ورغدٌ في العيش، وبركةُ في الأرزاق، وما ذاك إلا بفضل الله عز وجل ثم ولاة أمورنا في هذا الوطن المعطاء الذين يسعون إلى رفع راية التوحيد ومحاربة معالم الشرك والبدع والخرافة، مستمدين ذلك من كتاب الله الكريم وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والواجب على المسلم أن يشكر الله على ما أولاه من الخير ومزيد النِعم، وقد وعد الله الشاكرين بالزيادة وتوعد من كفر بنعمه وخيراته بالعذاب الشديد حيث قال :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" إبراهيم (7). وحذر من عواقب التبذير قائلا : وإن مما يدمي قلب كل مسلم غيور على دينه ووطنه تلك المشاهد المخزية المتكررة من التبذير والإسراف في المآكل والمشارب من قبل أناس غفلوا عن مقت الله وسخطه وأليم عقابه، وتجاهلوا نهيهُ عن ذلك حيث قال عز وجل:" يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" الأعراف 31قال عطاء بن أبي رباح :" نُهوا عن الإسراف في كل شيء" تفسير ابن كثير 2/182 وأوضح : ويظن كثير من الناس أن إكرام الضيف يكون بالمبالغة في وضع الأطعمة والأشربة المتنوعة الكثيرة التي لربما وضعت ولم تمس من قِبل أحد، وهذا في الواقع غير صحيح بل يكون الدافع هو الرياء والسمعة وطلب المحامد إذ أن مصير هذه الخيرات أن ترمى في النفايات دون خوف من الله أو رادع نفسي، قال علي بن أبي طالب :" ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك ، في غير سرف ولا تبذير ، وما تصدقت به، فهو لك، وما أنفقت رياءً وسمعة ، فذلك حظُ الشيطان" الدر المنثور 5/275. وقد عَدَّ الله عزو جل المبذرين إخواناً للشياطين، حيث قال :" إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" الإسراء 27 وقد فرق العلماء بين الإسراف والتبذير ، فقالوا : إن التبذير هو صرف الأموال في غير حقها؛ إما في المعاصي، وإما في غير فائدة ؛لعبًا وتساهلاً بالأموال، وأما الإسراف : فهو الزيادة في الطعام والشراب واللباس في غير حاجة. وفي الحقيقة كلاهما شر ونقمة على الأمة فمتى ما حل التبذير والإسراف والكفر في قوم إلا وكان ذلك إذانًا بزوال النعم وحلول الجوع والخوف والنَصب، والقرآن يشهد على ذلك حيث قال تعالى : "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" النحل 112 وأضاف : ولو تفكر هؤلاء القوم في حال الآباء والأجداد قبل عشرات السنين كيف كان واقعهم مع الجوع ؛فقد كان الواحد منهم يبيع منزله من أجل وجبة عشاء لأبنائه، بل كان الواحد منهم يسافر إلى أقاصي الدنيا من أجل أن يوفر لأهله شيئاً من الطعام والشراب، ولربما لا يعود بسبب ما يلقاه من شدة الجوع وتخطف الأعداء، ولربما عاد فوجد جميع أفراد عائلته قد هلكوا من الجوع!، بل مازال بعض كبار السن ينقل لنا أنهم كانوا يذهبون لبلدان مجاورة كالصومال والسودان واليمن وغيرها، من أجل العمل لديهم وتأمين شيء من الأكل لأطفالهم، ففي عام 1327ه بلغ الجوع بأهل نجد مبلغاً عظيما فقد وصل بهم الحال أن أكلوا الجيف وأوراق الشجر، من أجل البقاء على وجه الأرض. وختم فضيلته : فالواجب علينا جميعاً أن نحافظ على هذه النعم وهذه الخيرات حتى تبقى لنا ولأجيالنا وأن نتعاون في ردع المبذرين والأخذ على أيديهم وكف شرهم عن الأمة، ولنبدأ ببيوتنا ومدارسنا ومساجدنا وجامعاتنا وأن نرسخ في مجتمعنا قيم المحافظة على النعم ، وأن نغرس ذلك في عقول أبنائنا وأن يكون ذلك واقعاً ملموساً ، وألا ننساق خلف الدعوات الساقطة التي يكون أساسها التخلف والعصبية المقيتة ..ونسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا وعلمائنا إلى ردع المعتدي والأخذ على يد السفيه..و صلى الله وسلم على سيدنا محمد،،