في كل قروب «واتساب» أو «تلجرام» أو «فيسبوك» ستجد شخصا يتظاهر بالصمم والعمى عن كل استجداءات أعضاء تلك القروبات له، بالتوقف عن إرسال مزيد من تلك المقاطع أو الصور أو الأخبار التي لا تصلح للتداول. والمحتوى الذي لا يصلح للتداول، إما أن يحتوي مشاهد عنيفة كالضرب أو القتل أو لقطات مؤلمة كالمجاعات وضحايا الكوارث أو صور مخيفة من دماء وحروق وغيرها، أو أن يكون هذا المحتوى غير مناسب لكل الفئات العمرية الموجودة في تلك القروبات، متضمنا توعية أو طرائف أو صورا لا تناسب الجميع، وقد يحمل معلومات وشائعات مغرضة وذات أهداف خفية ضد الدين والعقيدة أو الوحدة الوطنية، أو قد يكون محتوى سخيفا ولا فائدة من تداوله سوى إضفاء مزيد من الخواء على عقول كثير ممن يروق لهم ذلك. وربما يعلم أو لا يعلم من يقوم بنشر تلك الأمور، بمدى الخطر أو السلبية الناجمة عن مجرد إعادة إرسال تلك المحتويات، وأن تداول بعض المحتويات يعتبر جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون، ولعل الرأي القانوني الذي نشر مؤخرا حول تحميل مديري قروبات الواتساب مسؤولية ما ينشر في قروباتهم، كان خطوة فاعلة في خلق شيء من السيطرة والتحكم في مضمون الرسائل المتداولة، إلا أننا مانزال بحاجة إلى مزيد من التوعية بثقافة ما يصلح وما لا يصلح للتداول، وأن ليس كل مادة صالحة لإعادة الإرسال، إلى جانب ضرورة تنمية الأفراد لحس المسؤولية والرقابة الذاتية لديهم حول ما يرسلونه ويتداولونه. الجرائم الإلكترونية لا تقل سوءا وانتشارا عن مثيلاتها من الجرائم على أرض الواقع، لكن مازال منا من لا يستوعب أبعاد الخطأ ولو كان يسيرا في تلك الوسائل، وآثاره وعواقبه السلبية على المجتمع والشخص نفسه.