تندِّد السلطة في رام الله بإعداماتٍ ميدانية ينفِّذها جنود الاحتلال بحق شُبّانٍ فلسطينيين حاول بعضهم طعن مستوطنين وعناصر أمنية وآخرين بواسطة سكاكين، في وقتٍ بدأت الأذهان تستدعي واقعة قتل الطفل محمد الدرة في عام 2000. ويسود اعتقاد متزايد في الأوساط الفلسطينية بتعمد الشرطة الإسرائيلية قتل المهاجِمين في بعض الأحيان حتى لو توفَّرت إمكانية إطلاق الرصاص على أقدامهم فحسب لشلِّ حركتهم. وأعلن كبير المفاوضين في رام الله، صائب عريقات، اعتزام السلطة التوجُّه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي «لإثارة الطريقة التي تستخدمها إسرائيل للسيطرة على منفذي هجمات»، مندِّداً ب «الإعدامات الميدانية». وحمَّل عريقات حكومة بنيامين نتنياهو، خصوصاً رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقادة الأجهزة الأمنية، المسؤولية عن هذه الإعدامات. وأفصح عن بدء «تجميع المعلومات لإحالة 3 ملفات خاصة بنتنياهو ووزير دفاعه وقادة أجهزته الأمنية إلى الجنائية الدولية بشكل فوري». ولاحظ عريقات، في تصريحات صحفية أمس، أن «الجنائية الدولية ليست محكمة دول بل محكمة أفراد؛ لذا فإن المسؤولية ستُحمَّل إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه ورؤساء أجهزته الأمنية». واعتبر أن «نمط الاحتلال في التعامل مع شعبنا الآن هو الإعدامات الميدانية ومن ثَمّ المحاكمات غير العادلة». وبالنسبة له؛ فإن جملة واحدة تلخِّص الثقافة التي وصلت إليها سلطة الاحتلال، وهي أن «من يقتُل فلسطينياً بدم بارد فهذا عمل جيد». في الإطار ذاته؛ دعا عريقات، وهو أيضاً أمين سر منظمة التحرير، المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة، كريستوف هاينز، إلى «المجيء فوراً والبدء في التحقيق الفوري في الإعدامات الميدانية»، مشدداً على «حاجة شعبنا إلى حماية دولية فورية وإنشاء نظام خاص للحماية الدولية». وتذكر الفلسطينيون أمس الأول حادث مقتل الطفل محمد الدرة في عام 2000 حينما عاينوا فيديو يُظهِر قتل جنود الاحتلال فتى يُدعى حسن مناصرة (17 عاماً). وقارن المتحدث باسم الرئاسة في رام الله، نبيل أبو ردينة، بين الواقعتين، ورأى أن «قتل حسن مناصرة في مستوطنة بسغات زئيف بدعوى إقدامه مع ابن عمه على طعن يهود يُقارَن بقتل محمد الدرة في الانتفاضة الثانية». ووصف أبو ردينة إعدام مناصرة أمام وسائل الإعلام ب «جريمة بشعة تتحمل حكومة إسرائيل قانونياً وإنسانياً وسياسياً مسؤوليتها». بينما رفضت حكومة الاحتلال ووزارة الخارجية فيها الإدلاء بأي تعليق. ولم يستخدم الفلسطينيون السلاح الناري في هبَّتهم الشعبية الحالية إلا نادراً، فيما يلجأ عددٌ منهم إلى الأسلحة البيضاء لطعن جنود إسرائيليين. وتعتقد مصادر أن سلطات الاحتلال تعلِن عن عمليات طعن غير حقيقية لتبرير قتل مدنيين بدعوى أنهم مسلحون. في الوقت نفسه؛ يتحدث حقوقيون عن إطلاق الرصاص على حاملي سكاكين بدافع قتلهم لا لمحاولة السيطرة عليهم. وأمس الأول؛ اتهمت مؤسسة الحق الفلسطينية إسرائيل بانتهاك القانون الدولي عبر عمليات قتل تنفذها بحق مشتبهٍ في أنهم نفذوا عمليات طعن. ولاحظ مدير المؤسسة، شعوان جبارين، أن «شرطة الاحتلال تطلق الرصاص على المشتبه فيهم أو الذين يحملون السكاكين بهدف القتل وليس بهدف السيطرة عليهم». وأظهر فيديو التقطه هاوٍ قواتٍ تحاوط الفتاة إسراء عابد بعد الاشتباه فيها وهي تحمل سكيناً، قبل أن يصل شرطي بلباس أزرق ويطلق عليها أكثر من 3 رصاصات، لكنها لم تُقتَل. وذكَّر جبارين ب «تنصيص القانون الدولي على أنه لا يمكن استخدام القوة القاتلة إلا في اللحظة التي يوجد فيها خطر حقيقي على الحياة». ولفت إلى «رصدِنا الحالات التي نفذت فيها الشرطة عمليات قتل؛ حيث أظهرت جميعها أن إطلاق النار كان يتم بهدف القتل وليس لشلِّ حركة المهاجم، علما أن الأخير يكون حاملاً سكيناً ومحاطاً بعشرات من رجال الأمن الذين يحملون بنادق». وأكد جبارين أيضاً أن «إطلاق النار استهدف الأجزاء العلوية من أجسام المهاجمين، وكذلك يتم إطلاق أكثر من رصاصة على المهاجم لضمان قتله بعد شل حركته». ووفقاً لمدير مؤسسة «الحق»؛ تمَّ توثيق عمليات القتل هذه و«سنضمها إلى الملفات التي ستُرفَع إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي» الهولندية.