شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس «يوم غضب» خرج خلاله الآلاف في الضفة الغربية وقطاع غزة كما في مناطق ال48، لإسناد القدس ومنع الاحتلال من الاستفراد بالمقدسيين الذين باتوا في مركز الحدث من خلال الهجمات اليومية التي ينفذونها، والتي اتسعت أمس لتشمل استخدام الرصاص للمرة الأولى منذ بدء الهبة الشعبية، إضافة الى الطعن بالسكاكين والدهس. وارتفع عدد الهجمات أمس الى 5 وقعت بشكل متلاحق في القدس وبلدة «رعنانا» شرق تل أبيب، وأسفرت عن استشهاد ثلاثة مهاجمين فلسطينيين، ورابع في مواجهات في بيت لحم، ومقتل 3 إسرائيليين وإصابة 23، خمسة منهم بحال حرجة، وسط أنباء غير مؤكدة عن أسر مستوطن قرب مستوطنة «إفرات» في بيت لحم. وتحت وطأة هذه الهجمات، عقدت الحكومة الأمنية المصغرة اجتماعاً طارئاً مساء أمس «لإقرار خطوات إضافية لوقف موجة الإرهاب المتواصلة»، كما جاء في بيان مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. ويجري الحديث عن اقتراح بإغلاق الأراضي المحتلة، و «تطويق» الأحياء والقرى الفلسطينية في القدسالشرقية، واستدعاء قوات احتياط في الجيش. وأعلن نتانياهو أمام الكنيست (البرلمان) مساء أمس أن إسرائيل ستستخدم «كل الوسائل» الممكنة لمواجهة العنف، وستتخذ «تدابير قوية» لمواجهة التصعيد، محملاً عباس مسؤوليته. وتسابق المسؤولون الإسرائيليون في إطلاق مواقف أكثر تطرفاً إزاء الفلسطينيين، واتفقوا على المطالبة بفرض حصار تام على الضفة يشمل قرى القدسالشرقية وأحياءها. وبز رئيس «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان الجميع عندما طالب بعودة الحكم العسكري الإسرائيلي الى الضفة والقدس. وسادت في الشارع الإسرائيلي أجواء من الهستيريا والخوف عبر عنها حادث في بلدة «كريات آتا» في منطقة حيفا حيث طعن يهودي متدين يهودياً آخر ظناً منه أنه فلسطيني. كما أوقفت محطات التلفزة والإذاعة برامجها العادية، وفتحت بثاً مباشراً من المواقع المختلفة للهجمات التي عزتها الى انتشار مقطع مؤثر وصادم لاستشهاد الطفل أحمد مناصرة (13 عاماً) في القدسالمحتلة أول من أمس، يظهر فيه مصاباً بالرصاص يستصرخ العلاج ولا يحصل إلا على الشتائم اللاذعة من المستوطنين. ونقل الموقع الإلكتروني لصوت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن السلطة الفلسطينية ترفض في الوقت الحالي التعاون مع إسرائيل في نشر بيان مشترك مع الحكومة الإسرائيلية يدعو للعودة الى الهدوء. من جهة أخرى، أعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في رام الله، أن السلطة بدأت ب «تجميع المعلومات لإحالة ثلاثة ملفات لنتانياهو ورئيس دفاعه وقادة الأجهزة الأمنية، بشكل فوري على المحكمة الجنائية الدولية»، مشيراً الى أن ما يحدث في القدس هو «إعدامات جماعية». وفي مناطق ال48، عمّ إضراب عام أمس البلدات العربية شمل المحال التجارية والمؤسسات الرسمية والمدارس، استجابة لقرار «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية» احتجاجاً على الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك. وفي سخنين، تظاهر 20 ألف فلسطيني تقريباً، برز بينهم على نحو خاص صبايا وشباب وفِتية وعشرات اليساريين اليهود. وألقى ممثلو الأحزاب المختلفة وممثل عن «القوى اليهودية الديموقراطية» كلمات اتهموا فيها نتانياهو ووزراءه بانتهاج سياسة عنصرية ومتشددة وتعمّد التصعيد مع العرب، وحذروه من العواقب الوخيمة لإسرائيل لسياسة حكومته العنصرية، ومن مواصلة اعتداءاتها على المسجد والمقدسات في القدس. وجاء لافتاً أن الشرطة الإسرائيلية تجنبت الظهور في مواقع قريبة من التظاهرة، مستجيبة لطلب «لجنة المتابعة» لمنع وقوع مواجهات. ونظرت قيادة «لجنة المتابعة» في احتمال إرجاء الزيارة التي كانت مقررة اليوم للمسجد الأقصى بداعي المساهمة في التهدئة. من جهتها، تميل الشرطة إلى إلغاء مباريات كرة القدم نهاية الأسبوع التي تجمع فرقاً عربية ويهودية تقام في بلدات عربية.