اتهمت السلطة في رام الله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمحاولة التسبُّب في انتفاضةٍ ثالثة، في وقتٍ تزايدت وتيرة تنفيذ عملياتٍ فردية لطعن جنود الاحتلال وسط أجواءٍ متوترة. واعتبر وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أن بنيامين نتنياهو يحاول دفع الوضع إلى انتفاضة ثالثة لتحويل الأنظار عن مشكلاتٍ تواجهها حكومته سياسياً ودبلوماسياً «في ظل حصدها فشلاً ذريعاً». ووصف الوزير، خلال مؤتمر صحفي عُقِدَ أمس في العاصمة النمساوية فيينا، اختراق الوضع القائم في الحرم القدسي ب «خطأ فادح للحكومة الإسرائيلية». ويؤكد الفلسطينيون منذ أسابيع أن أعداداً متزايدة من اليهود بات يُسمَح لها بدخول الحرم ما يثير مخاوف من تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى. واتهم المالكي نتنياهو ب «توسيع نطاق النزاع لينقله من خلاف محدود يمكن التوصل إلى حل سياسي له؛ إلى حرب بلا نهاية مع المسلمين حول العالم». في الوقت نفسه؛ رأى الوزير أن من السابق لأوانه التحدُّث عن أجواء انتفاضة شبيهة بانتفاضتي عامي 1987 و2000. وربط بين إمكانية ضبط الوضع التي لا تزال قائمة و»تعاون نتانياهو»، داعياً الأخير إلى «وقف انتهاكات الوضع الراهن في باحة المسجد الأقصى بموجب القانون الدولي»، ومشدِّداً على استعداد رام الله للتهدئة «إذا حصلنا من الطرف الآخر على إشارة إلى استعداده أيضاً للتهدئة». و»لكن في حال عدم صدور إشارة مماثلة فلا يمكننا ذلك، وإلا فسنبدو كمتعاملين في نظر شعبنا»، بحسب المالكي. وتشهد الأراضي المحتلة تصعيداً احتجاجياً منذ أواخر سبتمبر الفائت ما أسفر عن استشهاد 25 فلسطينياً على الأقل بينهم 8 أطفال ومقتل 4 إسرائيليين، لتتأجَّج التوقعات باندلاع انتفاضة ثالثة. وفي محاولةٍ لتجنُّبها؛ أجرى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيرته الأوروبية، فيديريكا موجيريني، محادثات هاتفية منفصلة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وأقَّر رياض المالكي بالحاجة إلى «طرف ثالث»، حاثَّاً كيري وموجيريني على استكمال اتصالاتهما الهاتفية. ميدانياً؛ تصاعدت أمس في القدس وتيرة عمليات الطعن الفردية، ما أسفر عن استشهاد اثنين من منفذيها برصاص جنود الاحتلال وإصابة آخرَين. وأفيد بإصابة امرأة استخدمت سكِّيناً ضد أحد أفراد شرطة الحدود الإسرائيلية في وسط القدس، في وقتٍ طعن رجلان إسرائيليَين اثنين، أحدهما حالته خطيرة، في حي بيسجات زيف على الطرف الشمالي للمدينة. قبل ذلك بساعات؛ قتلت شرطة الحدود فلسطينياً عند باب النبي داود في البلدة المقدسية القديمة، ونسبت إليه محاولة تنفيذ عملية طعن أحد أفرادها. وشكك أحد المارة في هذه الرواية، قائلاً إنه لم يشاهد أي سكاكين. وروى الشاهد، ويُدعَى حسام وشاح (66 عاماً)، أنه شاهد أفراد الشرطة وهم يصرخون في وجه رجل ثم يطلقون النار عليه 4 مرات. وأبلغ وشاح وكالة الأنباء «رويترز» بقوله «أنا ما شفت إنه كان معه سكين». واستُشهِد أيضاً أحد منفذي عملية الطعن في بيسجات زيف، فيما أصيب زميله. ولم يستخدم الفلسطينيون السلاح الناري في هبَّتهم الشعبية الحالية، فيما يلجأ عددٌ منهم إلى الأسلحة البيضاء لطعن جنود إسرائيليين. وتعتقد مصادر أن سلطات الاحتلال تعلِن عن عمليات طعن غير حقيقية لتبرير قتل مدنيين بدعوى أنهم مسلحون. كما تتحدث مصادر عن إطلاق الرصاص على حاملي سكاكين بدافع قتلهم لا لمحاولة السيطرة عليهم. واتهمت مؤسسة الحق الفلسطينية إسرائيل بانتهاك القانون الدولي عبر عمليات قتل تنفذها بحق مشتبهٍ في أنهم نفذوا عمليات طعن. ولاحظ مدير المؤسسة، شعوان جبارين، أن «شرطة الاحتلال تطلق الرصاص على المشتبه فيهم أو الذين يحملون السكاكين بهدف القتل وليس بهدف السيطرة عليهم». وأظهر فيديو التقطه هاوٍ قواتٍ تحاوط الفتاة الفلسطينية إسراء عابد بعد الاشتباه فيها وهي تحمل سكيناً، قبل أن يصل شرطي بلباس أزرق ويطلق عليها أكثر من 3 رصاصات، لكنها لم تُقتَل. وذكَّر جبارين ب «تنصيص القانون الدولي على أنه لا يمكن استخدام القوة القاتلة إلا في اللحظة التي يوجد فيها خطر حقيقي على الحياة». ولفت إلى «رصدِنا الحالات التي نفذت فيها الشرطة عمليات قتل، حيث أظهرت جميعها أن إطلاق النار كان يتم بهدف القتل وليس لشلِّ حركة المهاجم، علما أن الأخير يكون حاملاً سكيناً ومحاطاً بعشرات من رجال الأمن الذين يحملون بنادق». في الإطار ذاته؛ أكد جبارين أن «إطلاق النار استهدف الأجزاء العلوية من أجسام المهاجمين، وكذلك يتم إطلاق أكثر من رصاصة على المهاجم لضمان قتله بعد شل حركته». ووفقاً لمدير مؤسسة «الحق»؛ تمَّ توثيق عمليات القتل هذه و»سنضمها إلى الملفات التي ستُرفَع إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي» الهولندية.