في نهاية كل سنة ميلادية تكثر إعلانات وعروض التخفيضات في المتاجر والأسواق الكبيرة؛ ليبدأ الناس بشد رحالهم إلى الأسواق للشراء واستغلال هذه الفرصة الزمنية القصيرة بهدف التوفير وشراء أكبر قدر ممكن من الحاجيات، ويتأكد هذا الأمر بمشاهدة الازدحام الكثيف للسيارات والتدافع أمام بوابات الأسواق الكبيرة. الوضع في متاجر وأسواق المملكة يشير إلى أن التخفيضات المعلنة معظمها عشوائية، حيث تبقى لافتات الإعلانات والعروض على واجهات بعض المحلات والمتاجر دون تغيير لفترات طويلة حتى أكل عليها الدهر وشرب، فضلاً عن أن بعض المتاجر والأسواق التي تستغل فرص الأعياد والمناسبات في رفع الأسعار وزيادتها، وتحديداً خلال مواسم رمضان والأعياد، ساعد في ذلك انخفاض مستوى الوعي لدى المستهلك وغياب أو ضعف الأنظمة الرقابية والعقوبات الصارمة التي ربما كانت سبباً في تمادي بعض التجار بتقديم العروض الوهمية؛ لاستغلال وخداع المستهلك، إلا أن هناك جانباً مضيئاً بدأ بالظهور يكمن في دفع أصحاب المتاجر والأسواق إلى التفكير ملياً قبل الخوض في مثل هذه الألاعيب التي لم تعد تنطلي على وزارة التجارة والمجتمع، وبخاصة بعد إغلاق وزارة التجارة إحدى الشركات المعروفة على خلفية عروضها وتخفيضاتها الوهمية. ومن جانب آخر، تشتهر الولاياتالمتحدةالأمريكية بيوم «الجمعة السوداء» (Black Friday)، وهو اليوم التالي لعيد الشكر، حيث يعد فرصة سانحة للاستفادة من العروض والخصومات الكبيرة التي تقدمها معظم المتاجر. ففي هذا اليوم تحديداً، تفتح الأسواق والمتاجر أبوابها مبكراً لأوقات تصل إلى منتصف الليل، حيث يبدأ الناس بالتجمهر أمام البوابات لساعات مبكرة تبدأ أحياناً من منتصف الليل، ويستمرون بالوقوف لساعات طويلة، وما أن تبدأ الأسواق بفتح أبوابها حتى يشرع الجميع بالدخول زُرافات طمعاً في الحصول على أكبر قدر من المشتريات المخفضة، ومن الطبيعي أن يحدث التدافع وربما الدعس وغير ذلك بسبب الأعداد الهائلة للمتسوقين، ويعود سبب تسمية هذا اليوم بالجمعة السوداء إلى بداية استخدامها في العام 1961 في ولاية فيلادلفيا، بسبب ما كانت تشهده الولاية خلال هذا اليوم من ازدحام شديد واستنفار أمني؛ حيث وجدت الأجهزة الأمنية وسائقو الباصات آنذاك أن أفضل وصف يمكن أن يطلق عليها هو: «الجمعة السوداء». مؤخراً، بدأت وزارة التجارة في إيقاظ وعي المجتمع من خلال إغلاقها للأسواق التي تعلن عن تخفيضات وهمية لاستغلال المستهلكين وتحقيق أرباح غير عادلة، وبدأ الوعي يسري في عروق المستهلكين؛ الأمر الذي يشجعهم على كشف المتاجر التي تقدم العروض الوهمية ونشرها عبر وسائل الاتصال المختلفة. وهذه اليقظة الرائعة لابد لها أيضاً أن تشجعنا على التفكير بإيجاد بديل مماثل للجمعة السوداء ولكن بلون مختلف يتفق الجميع على أن يكون موسماً للتخفيضات والعروض تحت مراقبة وإشراف من وزارة التجارة بدراسة دقيقة للبضائع ونسب التخفيض والأرباح، ويمكن أن يُتفق على تسميته بالجمعة البيضاء إيذاناً بفتح صفحة جديدة تحمل همّ المواطن وتنقل اهتمام المسؤول في هذا الشأن تحديداً.