سبقت سيدات في أبها برامج التوظيف و مماطلة المواعيد الحكومية البطيئة، و بدأت كل منهن تجهيز «بسطة» داخل سوق شعبي في ظل تعقيد الإجراءات وأمية بعضهن و فقر أخريات، فعزمن على تجربة تجارة بسيطة تعتمد على تجهيز خبز التنور الشهير في المنطقة، فرأس المال لا يتجاوز عجيناً و ناراً وتنوراً، ومن ثم يمكنهن صنع الخبز وبيعه في مواقع مكتظة بالزبائن، حيث إن المخابز الأوتوماتيكية الحديثة لم تثنِ الزبائن عن الاستمتاع بتناول خبز التنور ذي القيمة الغذائية العالية، و المعد بطريقة صحية، فبات وجبة للشباب والعائلات معاً. و تتجاهل صانعة خبز التنور أم سالم صخب السيارات الصادر من شارع مقابل لبضاعتها، فتبدأ عملها منذ الصباح الباكر بعد أن تجهز خبز التنور في منزلها، وتذهب إلى موقعها المخصص مع زميلات مهنتها، و يبدأن في عرض بضاعة تخلو من التنافس فترى- حسب رأيها – نسبة الطلب أكبر من العرض، تبيع أم سالم ورفيقاتها الخبزة الواحدة بعشرة ريالات، وبعد أن رأين السوق مناسبا بدأن يبعن وجبات شعبية أخرى منزلية الصنع مثل السمبوسك، والفطائر، والحلويات. و تؤكد زميلتها الأخرى التي امتنعت عن ذكر اسمها بسبب خوفها من مراقبي البلدية أن المعيشة صعبة، خاصة مع كونها تعول أسرة، و تذكر أنها دخلت المجال منذ الصيف الماضي حيث بدأت آنذاك عملها، ووجدت ربحاً جيداً يعينها على مصاريف المنزل، ويغطي جزءا من احتياجات أبنائها؛ كونها أرملة وتعول أيتاماً بمفردها، ويتراوح دخلها اليومي من 150-300 ريال حسب البضاعة المعروضة، مؤكدة أن بضاعتهن تعمل بطريقة بدائية في المنزل وفي تنور مخصص لذلك، تنقل بعدها في أوانٍ مخصصةٍ لذلك الغرض عبارة عن حافظات تحتفظ بحرارة الخبز، و يأخذه الزبون طازجاً، مبينة أنها تعمل في نفس الموقع على فترتين صباحية ومسائية، وتجني من بيع الخبز لقمة عيش حلال وإعانة لها على تغطية احتياجات أسرتها، كما تستغني عن الاقتراض.