استذكر زوار مهرجان الساحل الشرقي في نسخته الثانية الذي ينظمه مجلس التنمية السياحي بالمنطقة الشرقية في متنزه الملك عبدالله بواجهة الدمام البحرية، جلسات التراث القديمة لأحياء الدمام وتاروت ودارين، وأعادتهم إلى مظاهر حياة البسطاء قبل 100 عام، وأتاحت فرصة للأبناء للتعرف عن قرب على حياة الآباء والأجداد في الماضي قبل ظهور النفط. واحتسى مجموعة من رواد المهرجان الشاي بحبات الهيل والقهوة العربية وتذوقوا الأكلات الشعبية في الدكاك والمركاز. ويقول مبارك محمد العبيد «إن المهرجان أعاد ذاكرته إلى أيام الطفولة وذلك من خلال تجسيده نسخة طبق الأصل من أشهر الحارات آنذاك، بما فيها المركاز والجلسات القديمة، والبيوت ذات الأبواب والنوافذ الخشبية والفوانيس المعلقة على جدرانها، والأزقة الحافلة بالأسواق والدكاكين، التي تبيع للمارة أصنافاً من الأكلات الشعبية والزخارف والمنسوجات وأعمال الخزف والملابس الشعبية، وإذا أحس الزائر بالتعب ويريد أخذ قسط من الراحة فهناك مقاعد من الخشب ليجلس عليها ويتذكر نسمات الزمن الجميل، من خلال مأكولات ومشروبات كالبليلة والتوت والقهوة والشاي. وأضاف إن الزمن القديم كانت حياته خالية إلى حد كبير من التعقيدات التي فرضتها الحياة العصرية الحديثة، فالجيران فيها يزورون بعضهم بشكل دوري، ويعرفون بعضهم بعضاً، ويشكلون ما يشبه العائلة الواحدة داخل الحي، بسبب أن الناس تجمعهم ظروف متشابهة اجتماعياً واقتصادياً، وكانت أكثر تمسكاً ومحافظة على العادات والتقاليد المتعارف عليها. وأرجع العبيد اختفاء تلك «الدكاك» في الأحياء إلى دخول الطراز الحديث على الأحياء فاختفت المعالم القديمة فيها، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن بعض أصحاب البيوت يقومون بعمل «الدكاك» بداخلها والاستمتاع بالجلوس عليها. أما عبدالله الدوسري فذكر أن الدكة وجمعها «دِكَاكٌ» هي بناء من الحجر أو الطابوق أو مقعدٌ مستطيل من خشبٍ توضع خارج البيت وملاصقة للبيت معدة للجلوس يتم فيها استقبال الضيوف وخصوصاً الجيران، وتُكسى الدكة عادة بالقماش وتصف عليها وسائد للراحة أثناء الجلوس، وأضاف «لا يكاد يخلو بيت قديم من الدكة، وتستخدم عادة للزيارات الخفيفة التي لا تستوجب ضيافة، كما يجتمع فيها كبار السن لتبادل الأحاديث الودية والنقاش في الأمور الحياتية»، لافتاً إلى اختلاط الشباب بكبار السن في تلك الجلسات للاستفادة والتعلم واكتساب الخبرات وتعميق ثقافتهم بالتاريخ الذي يتحدثون عنه. وأكد الدوسري أنه يستنشق رائحة الزمن الجميل وعراقته من خلال أروقة المهرجان التي يفوح منها عبق الماضي الذي ظل يصارع التغيير والحداثة والتطور في معظم أنحاء المملكة.