الحميدين.. مازلنا نطمع بالمزيد! عماد العباد الأستاذ سعد ليس مجرد رمز وطني في مجال الشعر والإبداع، بل ستتذكره الأجيال القادمة كإعلامي قدم خدمات جليلة للساحة الثقافية، ففي الوقت الذي كانت حركة النشر الثقافي في المملكة بسيطة، كان هو من الرواد الذين قاموا بتأسيس مشروع ثقافي وفكري تمثل في (ملحق ثقافة اليوم) ظل على مدى عشرات السنوات يخدم القارئ والمهتم بالحركة الثقافية في الوطن العربي، استقطب من خلاله ابرز الكتاب والأدباء ونشر فيه مئات الدراسات والمقالات والأعمال الابداعية. كما قدم عبر (كتاب الرياض) -على مدى واحد وعشرين عاما- أكثر من 187 كتاباً في مختلف فروع المعرفة ناهيك عن الصفحات اليومية الثقافية وصفحات الابداع الجديد. بقي أن نقول شكراً للأستاذ سعد الحميدين بحجم هذا العطاء الاستثنائي الممتد على مدى أكثر من أربعين عاما. وشكرا على كل الأيام التي قضيناها معك في صحيفة «الرياض» وتعلمنا فيها منك الكثير. لكن مازلنا نطمع -نحن تلامذته- أن يحقق لنا الطلب الذي سمعه منا عشرات المرات وهو أن يكتب مذكراته والتي هي حق للتاريخ عليه كشاهد استثنائي على جيل لا يمكن أن يتكرر. تجربة تستحق المزيد من الدراسة د. عبدالله الوشمي* يمثل الأستاذ الشاعر سعد الحميدين حضوراً ثقافياً مهماً من خلال محطات رئيسة في تجربته، ولعل من أهمها: المحطة الإبداعية التي حقق حضوره فيها من الناحية التاريخية الريادية، حيث سبق إلى ارتياد آفاق فتحت المجال لأفراد من جيله ومن الأجيال التي تلته. ومن محطاته المهمة: أنه انخرط في البعد العربي بشكل جعل نصه الشعري يحضر في عدة مشاهد عربية، فعرفه النقاد العرب ودرسوا شعره، ونقل من خلال ذلك صوت الشاعر السعودي رفقة مماثلين قلة من جيله ومن تلاه. ومن محطاته المهمة أنه حاضر في المسار الثقافي من خلال صيغتين؛ إشرافه على الملحق الثقافي في صحيفة الرياض، وانتمائه إلى بعض المؤسسات التي قدم من خلالها رؤاه أو اجتهد في أن يكون له صوته الخاص، وإذا كانت تجربته في صحيفة الرياض بارزة بما لا تحتاج إلى تفصيل، فإن عملنا المشترك سوياً في مجلس إدارة أدبي الرياض يتيح لي أن أشير إلى أن أبا نايف حريص على أن تكون رؤيته في النشاط الثقافي الجماعي مماثلة لرؤيته الفردية، بل إنه يقف مجتهدا في توسيع الدائرة المتاحة للأنشطة المختلفة، فسعد الحميدين تجربة شعرية وثقافية بارزة أتطلع أن تقوم الأقسام الأكاديمية السعودية بدراسة تجربته. * الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية تتلمذنا على قصائده زينب غاصب سعد الحميدين صاحب تجربة ثرية، في الشعر، وفي الصحافة -أيضا- من خلال عمله لعقود مديرا لتحرير القسم الثقافي في جريدة "الرياض"، الذي أطل من خلاله كاتبا له رؤيته النقدية، وذائقته المتميزة تجاه الإبداع الأدبي. تجربة الحميدين الشعرية، تعني الريادة، والعطاء، فهو صاحب مسيرة شعرية انحاز من خلالها ل"الشعر" أياً كان فنجده يكتب الشعر العمودي والتفعيلة والشعر الحر وقصيدة النثر، وهكذا ظل يتعامل مع الشعر من خلال تشجيعه للمواهب فيما ينشر عبر الصفحات الثقافية دون تحيز أو إقصاء. رجل ودود في تعامله مع أطياف مشهدنا الثقافي المحلي، فلقد كان الحميدين أول من شجع تجربتي الشعرية، وأكثر المحتفين بنصوصي، بالكلمة حينا، وبنشرها حينا آخر، لذلك فلن أكون مبالغة على أن جمع من المواهب الشعرية في المملكة تتلمذت بشكل أو بآخر على نصوص الحميدين الشعرية، المتجددة، التي تستشف منها شيئا مغايرا، وجماليات غير ما نألفه عند عامة الشعراء، ليظل نصه بعيدا عن التقليدية، وينحو إلى النص المحرض المفتوح. الطائف.. مرة أخرى! عطاالله الجعيد قبل عشرين عاما، كان لي أول لقاء بسعد الحميدين، في نادي الطائف الأدبي، عندما كان الدكتور عثمان الصيني سكرتيرا للنادي آنذاك. منذ ذلك اليوم استمرت علاقتي بأستاذنا الحميدين، إذ كان فيما بعد شعره ضمن النماذج التي درستها عن التجديد في الشعر السعودي، إذ يعد شعر الحميدين ملمحا بارزا من ملامح التجديد في الشعر السعودي. كما يعتبر الحميدين -أيضا- إلى جانب كونه قامة شعرية، فهو قامة صحفية، بوصفه مديرا لتحرير القسم الثقافي بجريدة "الرياض"، وبوصفه كاتبا، إذ كان سعد الحميدين له حضوره في الصحافة وتسلم المسؤوليات فيها منذ وقت مبكر لصحافة في وقت ندر أن تجد من السعوديين المثقفين والمبدعين من يديرون دفة الثقافة في الصحافة المحلية. لقد وجهنا دعودة نادي الطائف الأدبي الثقافي للأديب الحميدين، ضمن برنامج النادي "لمسة وفاء" وان دعوتنا له ما تزال قائمة، والتي ما زلنا في نادي الطائف نتطلع إلى قبولها. * رئيس مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي ما لم يكتبه الحميدين! محمد المرزوقي لم اتعلم من استاذي القدير سعد الحميدين، مسؤولية الإعلام الثقافي، بوصفه "مهنة" وبجوهر دوره الريادي، في حمل مشاعل التجديد، والتوازن في طرح الرؤية، والكلمة المسؤولة فحسب.. وإنما تعلمت منه، الكثير مما لم يدون عن مشهدنا الثقافي، التي عاشها الحميدين، مدركا لتحولاتها، وواعياً بنتاجها، محلياً وعربياً. وإذا كانت الحداثة في المملكة قد تلاشت بوصفها "تيارا" نقدياً كان ذلك أو إبداعياً، إلا أنها لا تزال متمثلة في رموزها "أفرادا" ليظل الحميدين من أبرز الندرة لشعراء الحداثة في المملكة، بدءاً من منتصف الستينات التي كان الشعر الحر، أشبه ما يكون فيها بعتبات الحداثة، وصولا إلى الديوان التاسع "سين بلا جواب" الذي يجسد امتداداً لمسيرة الحميدين الشعرية، إلى جانب أكثر من أربعين عاماً بين مسؤولية التحرير الثقافي، والكلمة الناقدة فيما يكتبه من مقالات، حظيت بتفاعل المثقفين، من داخل المملكة وخارجها. طرائف.. ولطائف.. وكواليس لقاءات.. لمؤتمرات وإخوانيات ومؤلفات.. وصراعات ثقافية بين أفراد وتيارات.. وهزات إبداعية وتحولات، عاشها الحميدين، شاعرًا، وصحفياً، وقارئا، وناقداً.. فكان شاهدا على مرحلة من ذهنيتنا الثقافية في المملكة.. فهل يدونها الحميدين لذاكرة الأجيال القادمة؟!