أقام بيت الشعر، بالنادي الأدبي الثقافي بالرياض، مساء يوم الثلاثاء، أمسية نقدية أدارها الدكتورعبدالله الوشمي بقاعة النادي المخصصة للرجال، وأدارت الدكتورة ميساء الخواجا الجانب الآخر من الأمسية، بالقاعة النسائية، في استضافة جمعت بين قراءة نقدية لشعر المرأة السعودية، قدمها الشاعرالدكتور فواز اللعبون، والدكتورة والشاعرة: فوزية أبو خالد، على اعتبارها شاعرة سعودية ذات ريادة في المشهد المحلي والعربي..وذلك في مساء اتسم بالحضور الكبير في القاعتين، وشهد حضور الاتجاهات المتباينة في الطرح تارة، والمتضادة تارة أخرى بين فارسي الأمسية من جانب وبين المداخلين والضيفين من جانب آخر. أبحر المساء بعد أن أخذت الدكتورة فوزية أبو خالد من كلمة استهلتها بشكر النادي، فأبيات شعرية أخذت تحرك مجاديف أطراف الحديث في شعر المرأة السعودية، مستعرضة من خلال هذه التجربة الأجيال الشعرية بوجه عام في الستينات والسبعينات والثمانينات من خلال عرض تمهيدي للريادة الشعرية التي أخذت تظهر لدى المرأة السعودية على جانب الريادة الذكورية كما نجده عند سعد الحميدين ولي الدميني ومحمد العلي وغيرهم وصولا إلى الشكل الحديث والحداثي وانتقاله من دائرة الأسماء المعدودة إلى دائرة أوسع خاصة في جيل منتصف الثمانينات إلى منتصف التسعينات... وقفت بعد هذا العرض العام الدكتورة فوزية، مع تجربتها باعتبارها جزءا من الإبداع في شعر المرأة السعودية، وعلى اعتبارها تمر أيضا عبر مرحلة كان ديوانها إحدى التجارب التي قادت قافلة المسيرة في شعر المرأة السعودية، إلا أنها حاولت تناول بعض التفاصيل في تجربتها الشعرية، من خلال وقفات سريعة لتصف بعض أطراف تجربتها بقولها: بعض أطراف تجاربي الشعرية غامض الملامح وبعض فضاءاتها مظلل ومخاتل الا أنها تلتف حول عنقي وخاصرتي...جميعها تشبه مشنقة أو ذراع عاشق. تناولت الدكتورفوزية الحديث عن شعر المرأة السعودية من خلال منطلق عام، يشترك فيه شعر المرأة السعودية بعموميات الشعر في العالم العربي، الذكوري منه والأنثوي، وما يمتد من جداول شعرية نحو التجارب الأنثوية بما وصفته بالحبال السرية، التي غالبا ما كانت هذه الشعرية ممتزجة بالسياسية، في تداخل عجيب، على الرغم من التنافر والتضاالدكتور.مما جعل تجارب أبو خالد من بوابة هذا التمازج متشابهة الإحباطات بتشابه التحولات في الأحداث السياسية التي كان يعج بها المسرح السياسي العربي. ومضت الدكتورة فوزية في عرضها لتجربتها الشعريةمن خلال المزاوجة بين تجربتها وما تبعها من تجارب شعرية نسوية، كانت تنهل متأثرة بالمسرح العام الذي كان يخيم على العالم العربي..وصولا إلى مجلة (شعر) ودورها البارز فيما قدمته من نماذج شعرية وشاعرية لقصيدتي التفعيلة والنثر..مستعرضة دور الملاحق الثقافية الصحفية ودورها البارز - أيضا - في هذا الجانب. وقفت بعد ذلك الدكتورة أبو خالد مع انعكسات هذه التجارب على مشهدنا الشعري المحلي بشكل عام والمرأة بشكل خاص وما صاحب هذا المنتج الشعري الحديث والحداثي من خلافات كانت تنبع من مرحلة بيات إبداعي، أعقبها الاختلاف المتضاد تجاه المنتج الشعري، الأمر الذي وصفته الدكتورة فوزية بأنه أحفى أصوات وفقد فيه أصوات أخرى كانت في بدايات توهجها، إلا أن هذه المرحلة لم تسفر إلا عن القليل من الأصوات الشعرية نتيجة لما تبع هذه الفترة من بيات...إلا ان الدكتورة أبوخالد اعتبرت جيلها محظوظا بما حققه من خلال الروح المفعمة في منتجه الإبداعي الممتزج بالسياسة، الذي كان يواكب الانتصارات العربية، التي كانت تأبى الصمت والخنوع، والتي كان لها انعكاسها على الإبداع الشعري ومنه شعر المرأة...التي تجذر لديها - أيضا - أدب المقاومة وتعمق بتجذر وتعمق الجرح العربي الفلسطيني وما تلاه من عودة جراح الفراديس الضائعة... ومدى انعكاساتها على الشعر من خلال التلاقح والتعالق على المستويات الإبداعية محليا وعربيا... إلا أن الدكتورة فوزية تساءل تلكم المرحلة بين قطبي البحث عن(حرية القصيدة وقصيدة الحرية) من خلال ما أعقبها من تشكل وعي، وما صاحب هذا الوعي من تنظير وأيديولوجيات. تلا عرض تجربة الريادة للدكتورة فوزية أبو خالد، ورقة نقدية قدمها الدكتور فواز اللعبون، حيث تأتي ورقة الدكتوراللعبون ضمن أطروحته لرسالة دكتوراه، عن (شعر المرأة السعودية). انطلق الدكتورفواز من خلال عرض عن شعر المرأة في التراث وصولا على صلب ورقته التي تناولت شعر المرأة السعودية خلال الفترة( 1963- 2002م) حيث تناولت الدراسة أغلب النماذج الشعرية النسائية السائدة شكلا وفنا، مما تعارف عليه الأكثرية من النقاد والجمهور، وفق منهجية اختطها الدكتوراللعبون لدراسته، التي رصدت اول ديوان نسائي سعودي، وهو ديوان(عبير الصحراء) الصادر 1956م للشاعرة (نداء) فديوان(الأوزان الباكية) للشاعرة ثريا قابل، ثم ديوان (عيناي فداك)للشاعرة سلطانة السديري....حيث شملت الدراسة (52) شاعرة سعودية معاصرة، لندرس من نصوصهن ما مجموعه (1124) نصا ما بين مطبوع ومنشور ومخطوط. استعرض بعد ذلك الدكتوراللعبون في ورقته بعدي الثقافة عند الشاعرة المرأة من خلال ثقافتين الأولى: ثقافة أزلية ثابتة شكلتها الفروق التركيبية بين الجنسين..والثانية: ثقافة حضارية ناشئة شكلتها ضراوة المنافسة..وصولا إلى انعكاسات الثقافتين على شعر المرأة. انتقل الدكتورفواز بعد ذلك إلى نتائج دراسته من خلال بعدين الأول: في (الرؤية) والتي أدرج تحتها: قتامة الرؤية في معظم مضامينها، على جانب طفولية الرؤية، اختزالهن الطبيعة في مفردات شبه محددة ومقززة، العالم ليس عالمهن ويعانين الوحشة والاغتراب، غياب قضايا وهموم المجتمع عن شعرهن، تطرف رؤى الحب والبغض والحزن..، نزارية بعض التحديثيات بطريقة سافرة أ وشبه سافرة وذلك عبر بثهن تعابير جنسية في المضامين، تناقض بعض رؤاهن على مستوى مجموعة النصوص للشاعرة الواحدة..لينتقل الدكتوراللعبون لاستعراض نتائج الدراسة في (البنية) والتي أورد منها: الصدق الانفعالي كأبرز عنصر، الوحدات الفنية في بنية النص، مسايرتهن إيقاع العصر، ارتكاز التحديثيات على آلية الاستدعاء وتنويع مفرداته والرمزية الموغلة، قلة احتفائهن باللغة، وكثرة الأخطاء العروضية والنحوية والصرفية واللغوية، قلة وندرة الابتكار والتجديالدكتور.. تلا ورقة الدكتوراللعبون العديد من الأسئلة والمداخلات، التي كانت تدور بين قطبي تجربة الدكتورة فوزية الشعرية، وورقة الدكتور فواز النقدية، والتي كان منها: التجني على المرأة في ورقة الدكتور فواز، ووصفه للإبداع النسوي بالنزارية الجنسية، وإقصائه لشعر المرأة عن الهم الاجتماعي، إلى جانب نرجسية المرأة الشاعرة، وقضية اللغة بدلا من الفكرة، والشعر باعتباره لسان الإنسانية لا لسان الجنس والأعضاء، والأسماء المستعارة النسائية، وقضية الشعرية النسوية بين العلمية والإبداع، والموهبة النسائية وأطوار تجربتها الإبداعية، وجيل الحداثة النسائية عطفا على تقسيم الدكتوراللعبون للشاعرات السعوديات إلى محافظات وتحديثيات، وما بعد الحداثة وشعر المرأة، والمعادل النقدي الذي يجب أن يرتقي إلى مستوى صوت المرأة الشعري المتنامي يوما بعد آخر، وآلية دراسة شعر المرأة وفق المنهج التاريخي من جانب، والجانب النقدي وفق علمية نقدية حديثة، وموقف النقد الأكاديمي المدرسي من شعر المرأة وآلية تعامله الجافة العلمية والصارمة... وكان ختام المساء وقتا مفتوحا للدكتورة فوزية أبو خالد للرد على الأسئلة والمداخلات، و التي لم تبد استغرابها بتجاهل دراسة الدكتوراللعبون لتجربتها، لكنها أبدت رغبتها في أن تكون منهجية دراسة الدكتورفواز أكثر علمية ومنهجية ومعيارية، بعيدا عن تجاهل تجربة واستبعاد أخرى، إلى جانب تعليلها عن تجاوزها لبعض التفاصيل فيما استعرضته من تجارب شعرية تقاطعت مع تجربتها لضيق الوقت، وتشعب التفاصيل. أما الدكتور فواز: فقد اعتبر دراسته علمية حيادية، ذات منهج واضح، وذلك ردا على عدد من المداخلين والمداخلات الذين قللوا من قيمة الدراسة المنهجية، ومجانبتها الصواب لعدد من المحاور في الرؤية وفي البنية، كما وصف الدكتوراللعبون بأنه كان حياديا متعاطفا مع شعر المرأة في الخليج عامة، وفي المملكة خاصة، كما رد الدكتوراللعبون على عدد من الأسئلة والمداخلات التي وصفته بالتحامل ضد شعر المرأة في مشهدنا المحلي تعودت على المدح، وأخذت على الإطراء، والثناء على ملابسها، وكتاباتها، وعلى التطبيل والتصفيق، وما اعتادت عليه الشاعرة السعودية من ضجة المدح في مقدمات دواوينهن، مما جعلهن في عتمة من التظليل، وعدم الإفصاح عن حقيقة مستوى ما يكتبن، مما يجعل الضحية القارئ، وأول الضحايا من يحسن أنفسهن شاعرات وأديبات، كما أكد الدكتورفواز على أن يظل الاتهام الموجه إلى دراسته عند حدود الذوق، لا إلصاقه بالنوايا، موضحا للحضور أن دراسته لم تتطرق لقصيدة النثر. وأضاف الدكتور اللعبون: استبعدت من دراستي مالا يناسب منهجية الدراسة، ولقد درست ما يقارب (1200) نصا شعريا، وما يوجد لدينا من شعر محمد حسن فقي يعادل شعر النساء السعوديات، وفي دراستي (52) شاعرة، ليس فيهن شاعرات سوى(3) شاعرات فقط، وفيما يتعلق باستبعاد النصوص لمجرد الخلل العروضي، كملاحظة لعدد من المداخلين قال الدكتوراللعبون (لواستبعدت نصا بسبب كسر عروضي لما درست شاعرة خليجية ولا سعودية قط).