تغيّرت توجُّهات وقناعات العديد من أولياء أمور الطلاب في الآونة الأخيرة تجاه تسجيل أبنائهم في المدارس الحكومية، واتجه العديد منهم نحو المدارس العالمية "التعليم الأجنبي" أو تلك المدارس التي تُطبِّق برامج "المناهج الدولية"، مرجعين السبب إلى أنَّ هذه المدارس تعتمد في تدريسها على أساليب ونماذج عصرية تواكب المرحلة الحالية وتتناسب مع الاحتياجات المستقبلية لأبنائهم في هذا الصدد، خصوصاً أنَّ تلك المدارس تُزوّد طلابها بمهارات اللغة الإنجليزية وبعض اللغات العالمية الأخرى. وأشار "محمد عمير الخالدي" - أستاذ التربويات في جامعة أم القرى- في دراسة أعدَّها إلى أنَّ نحو (70%) من أولياء أمور الطلاب السعوديين يثقون في عملية التحاق أبنائهم الطلاب بالمدارس الأجنبية، وأنَّ(18%) منهم يرفضون ذلك، بينما وجد أنَّ(12%) منهم يجهلون سير العملية التعليمية والتربوية في المدارس الأجنبية، لافتاً إلى أنَّ الدراسة التي شملت أربع مدن سعودية كشفت عن رضا غالبية الطلاب السعوديين في الالتحاق بالتعليم الأجنبي. ويُشير العديد من أولياء أمور الطلاب الى أنَّ العديد من المدارس الحكومية تعتمد على التلقين، كما أنَّ مناهجها الدراسية لم تواكب العصر الحالي، لافتين إلى أنَّ مشاركات الطلاب المحلية والعالمية ونيلهم الجوائز نظير تقديمهم للعديد من المنجزات العلمية والابتكارات كان نصيب الأسد فيها لطلاب المدارس الأهلية والعالمية، متسائلين في الوقت نفسه عن سبب تميُّز الطلاب الملتحقين بتلك المدارس عن نظرائهم في المدارس الحكومية. لائحة تنظيمية وكانت "وزارة التربية والتعليم" قد وافقت في وقت سابق على قبول الطلاب السعوديين في المدارس العالمية التجارية التي يملكها مستثمرون سعوديون، وتلك المُخصصة لتدريس أبناء الجاليات. وقال "إبراهيم السالم" -رئيس لجنة التعليم الأهلي في غرفة التجارة بالرياض-: "إنَّ الوزارة أصدرت موافقتها بناءً على طلبات عدَّة تلقتها من أولياء أمور بحجة أنَّ هذه المدارس تُدرّس مناهجها باللغة الإنجليزية"، موضحاً أنَّ الوزارة اشترطت لقبول الطلاب السعوديين في هذه المدارس حصول المدرسة على (70%) أو أكثر في سجل التقويم الخاص بتصنيف المدارس، وأن يكون المالك للمدرسة سعودياً. ولفت إلى أنَّ المدارس العالمية كانت تقبل أبناء السعوديين العاملين في السلك الدبلوماسي فقط، وذلك بعد موافقة "وزارة التربية والتعليم"، مضيفاً أنَّها حدَّدت في بنود لائحتها التنظيمية للتعليم الأهلي والأجنبي عدم قرار «التربية» بالسماح بتسجيل الطلاب والطالبات زاد من رغبة المستثمرين وتحسين مخرجات التعليم العام جواز قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية، عدا من تقضي الضرورة بالتحاقهم بها من الطلاب السعوديين العائدين من الخارج الذين لا تمكنهم ظروفهم الدراسية من الالتحاق بالمدارس السعودية. جوائز عالمية وأشار "منصور الجبران" إلى أنَّ الجوائز العالمية التي يحصدها الطلاب في التعليم تذهب لطلاب المدارس الأهلية أو العالمية المتميزة، مستشهداً في ذلك بالإعلان الأخير لوزارة التربية والتعليم الذي نشرت من خلاله أسماء الطلاب الفائزين بجوائز عالمية وأسماء المدارس التابعين لها، إذ أنَّ ما نسبته (95%) تعود للمدارس الخاصة الأهلية أو العالمية على مستوى "المملكة"، متسائلاً عن سبب تميز المدارس الخاصة في تقدم نماذج متميزة من الطلاب. وأضاف أنَّ ذلك يحدث في الوقت الذي لا نلاحظ فيه ذلك في العديد من المدارس الحكومية، مؤكداً على أنَّ ذلك هو ما يجعل الأب يبحث عن المدارس التي تنمي مهارات ابنه ليكون متميزاً، مشيراً إلى أنَّ هذا الأمر موجود في المدارس الخاصة. أساليب متميزة وقال "عبدالله الغامدي":"يهمني أن يتعلم أبنائي وفق أساليب عصرية متميزة"، موضحاً أنَّ مدارسنا الحكومية وكثيرا من المدارس الأهلية تعتمد على التلقين ولا تهتم بتنمية شخصية الطفل بطريقة مغايرة تماماً لما هو موجود في المدارس العالمية التي تُقدِّم التعليم الذي يناسب الطفل، مشيراً إلى أنَّ العصر الحالي يتطلَّب الاهتمام بشكلٍ أكبر بتعليم الطلاب والطالبات اللغة الانجليزية وأن تسعى المدارس إلى تطوير طرق التعليم. وأضاف أنَّ ذلك هو ما جعله يبحث لأبنائه عن مدارس عالمية يتعلمون بها، مشيراً إلى أنَّ الأمر لا يتعلق به وحده فكثيرون ممن يفكرون بتقديم نوعية تعليم أفضل لأطفالهم يتجهون على الفور إلى هذه المدارس العالمية، لافتاً إلى أنَّ هذا التوجّه هو ما أدَّى إلى ارتفاع رسوم التسجيل في هذه المدارس. هُويَّة وطنية وانتقدت "خلود العثمان" فتح الباب على مصراعيه لافتتاح مزيد من هذه المدارس التي قد تؤثر في الهوية الوطنية لأبنائنا؛ موضحةً أنَّ الأطفال يتأثرون في سن مبكرة بكل ما يشاهدونه ويمارسونه بأنفسهم، لافتة إلى أنَّها سجَّلت ابنتها في إحدى المدارس العالمية؛ رغبة في تعلم اللغة الانجليزية، بيد أنَّها فوجئت أنَّ ذلك كان على حساب تعلّمها للغة العربية والمواد الدينية، مُبيّنةً أنَّ المدرسة التي اختارتها تعتمد في تدريسها على المقررات الأمريكية، في حين يتلقّى الطلاب والطالبات حصة واحدة في تعلّم اللغة العربية وحصة لتعلّم القرآن الكريم بشكل يومي. مدارس الجاليات وأوضح "عبدالله العكاس" –مدير مدرسة حكومية- أنَّ الفترة الأخيرة شهدت توجه العديد من أولياء أمور الطلاب نحو إعطاء الأولوية في تسجيل أبنائهم إلى المدارس العالمية "انترناشيونال"، وذلك على حساب المدارس الحكومية والأهلية، مضيفاً أنَّهم أرجعوا ذلك إلى أنَّ المدارس الحكومية وبعض المدارس الأهلية تعتمد في مناهجها على التلقين فقط أكثر من أيّ شيء آخر. ولفت إلى أنَّ الإقبال على المدارس العالمية شهد ازدياداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد صدور قرار السماح للطلاب السعوديين بالدراسة فيها، موضحاً أنَّ الإقبال آخذ بالتزايد، مُبيِّناً أنَّه لم يكن يُسمح في وقت سابق للطالب السعودي بأن يتوجه إلى هذه المدارس الأجنبية، مشيراً إلى وجود نوعين من المدارس العالمية التي تطبق مناهج مختلفة، من بينها المنهج البريطاني والأمريكي والاسترالي. وأضاف أنَّه يوجد أيضاً مدارس أجنبية تُدرِّس جالياتها فقط، ومن بينها المدارس الفيلبينية والهندية والباكستانية التي لا تقبل غير أبناء جاليتها إلاَّ باستثناءات معينة، ومن ذلك أن تكون الأم من الجالية نفسها أو نتيجة وجود أسباب أخرى بعينها، مبيناً أنَّه لا بد في هذه الحالة من وجود موافقة من قبل إدارة التربية التعليم على قبول الطالب أو الطالبة في هذه الحالة. برامج دولية وفضَّل "وليد السويلم" -مدير مدرسة أهلية– أن يتم تسجيل الطلاب والطالبات في المدارس المُطبِّقة للبرامج الدولية؛ وذلك لاحتواء الخطط الدراسية فيها على مواد تُعزِّز الهوية والانتماء الوطني لديهم، موضحاً أنَّ ذلك هو ما يحرص عليه كثير من الأهالي، مبيِّناً أنَّه يتم إطلاق مسمى "ثنائي اللغة" على الطالب الذي يتخرَّج في هذه المدارس؛ نظراً لاعتماد هذه المدارس على تدريس اللغتين العربية والانجليزية إلى جانب مواد التربية الإسلامية ومواد الاجتماعيات. وشدد على أهمية ابتعاد المدارس العالمية عن إهمال تدريس اللغة العربية والمواد الدينية، مضيفاً أنَّ عليها أن تُركِّز على تعليم اللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات، مشيراً إلى أنَّ هناك ضعفا واضحا في هذه المدارس في ما يتعلَّق بتدريس مواد اللغة العربية والمواد الدينية، مبيِّناً أنَّ من الأمور الايجابية في هذه المدارس اهتمامها بتدريس اللغة الإنجليزية، مؤكداً على أنَّ هذا الأمر سيعود بالنفع على الطالب في حال تمَّ ابتعاثه للدراسة في الخارج مستقبلاً. شروط القبول وعن قبول الطلاب السعوديين في المدارس العالمية التي يملكها مستثمرون محليون، أكد "عوض بن محمد المالكي" -مساعد مدير التعليم الأهلي والأجنبي بإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية- على أنَّ هناك تنظيما صادرا من قبل "وزارة التربية والتعليم" يتضمن أن تقدِّم المدرسة العالمية التي ترغب في قبول الطلاب السعوديين طلبها إلى جهة الإشراف في المحافظة أو المنطقة التعليمية، قبل أن تُطبَّق عليها الاشتراطات المُقرَّة من قبل الوزارة في هذا الشأن. وبيَّن أنَّ من بين الاشتراطات المُقرَّة من قبل الوزارة في هذا الجانب، حصول المدرسة العالمية على اعتماد أكاديمي نهائي صادر من جهة دولية مُخوَّلة ومعتمدة ومعترف بها، إلى جانب إجازة محتوى المقررات الدراسية من الجهة المختصة في "وزارة التربية والتعليم"، وكذلك أن تكون الخطة الدراسية مشتملة على تدريس منهج التربية الإسلامية واللغة العربية وتاريخ وجغرافية المملكة لطلابها بالكم المعتمد من وكالة الوزارة للتخطيط والتطوير التربوي، على أن لا تقل الحصص المقررة لأيّ مادة دراسية من هذه المواد عن (50%) من الحصص المقررة في المدارس الحكومية ونظام التعليم العام. وأضاف أنَّ الشروط تتضمن كذلك أن يكون مبنى المدرسة بالمواصفات المناسبة المعتمدة المؤهلة لحصولها على مستوى معين وفق تقويم المدارس العالمية الصادرة من الوزارة، إلى جانب التقيُّد بالضوابط الإسلامية وسياسة التعليم وأنظمة وتعليمات "وزارة التربية والتعليم"، مشيراً إلى أنَّ جهة الإشراف على المدارس العالمية، سواءً المدارس التي تقبل طلاب سعوديين أو تلك المدارس التي لا تقبل الطلاب السعوديين تؤدي دورا مهما في ضمان أن تكون المقررات الدراسية خالية من أيّ مخالفات شرعية أو تجاوزات تنافي أنظمة وتعليمات وتقاليد "المملكة". تكدُّس الطلاب في الفصول الدراسية من أكثر المشاكل في المدارس الحكومية المدارس العالمية جذبت الطلاب باعتماد طرق تدريس عصرية عبدالله العكاس وليد السويلم عوض المالكي