لا يعير كثير من الموظفين والموظفات أهمية لتطوير أنفسهم، أو البحث عن بيئات عمل محفزة على الإبداع، حيث يفضّلون البقاء على ما هم عليه؛ لتخوفهم من التغيير وتبعاته المادية والنفسية، إلى جانب أن البعض يتعاملون مع مسألة التطوير بشكل سلبي، كما أن هناك من قد يرفضون هذا التغيير، وبالتالي نجدهم يرددون حينها عبارة "لا تفتحون علينا باباً". ولفتت إحدى المتخصصات في مجال علم الإدارة إلى إن الكسل والاستهتار والميل إلى الحصول على الراحة وعدم وجود أو ضعف الدافع والطموح تعد من أهم الأمور التي تجعل الموظفين لا يهتمون بالتغيير، ولا يحاولون تطوير ذواتهم ومؤسساتهم، مضيفة أن ذلك يعود إلى عدم علمهم وتيقنهم بفوائد ومنافع التدريب الاحترافي، مشيرة إلى أن ضعف الإدارة وضعف شخصية وثقافة المديرين في هذه الحالات قد تكون أحد هذه الأسباب. تعاملات إلكترونية وأوضحت "سارة سعود" -موظفة- أن العديد من الموظفين لا يعيرون التقدم الوظيفي أي اهتمام، إذ إنهم يفضّلون البقاء على ما كانوا عليه سابقاً ولا يطمحون للتغيير؛ لتخوفهم منه ومن تبعاته، مشيرة إلى أن العديد من الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية لجأت إلى التعاملات الالكترونية والتقليل من العمل الورقي، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك من يتخوفون من التقدم والتطور في هذا المجال، مبينة أن ذلك قد يعود إلى خشيتهم من زيادة الأعباء عليهم أو ربما لعدم قدرتهم على مواكبة كل ما هو جديد في مجال البرامج والتقنيات الحديثة، وبالتالي يفضلون البقاء على وتيرة واحدة دون أي تغيير. وأيدتها الرأي "هيله البدر" -موظفة-، موضحة أن بعض الموظفات يسرن على وتيرة واحدة منذ بداية التحاقهن بالعمل الوظيفي، مشيرة إلى أنهن قد يخشين التغيير والتطوير، وبالتالي يرفضن الإقدام على هذه الخطوة، إلى جانب وجود من يرفضن ذلك في بداية الأمر لخشيتهن من أن يشكلن عبئاً على زميلاتهن في العمل، لافتة إلى أن بعض الموظفات قد لا يُحبذن التجديد والتطوير في أي مجال بداية الأمر، إلا أنهن يشعرن مع مرور الوقت أن في ذلك مصلحة لهن، مؤكدة على أنه قد ينتج عن ذلك إنجاز الأعمال الموكلة إليهن باحترافية عالية وبطرق جديدة ومبتكرة. دورات تدريبية وأضافت "شادن إبراهيم" –موظفة- أن التطور الذي يحدث في مجال عملها بأمر من المدير أو بعض الموظفات لا يجدي نفعاً في كثير من الأحيان، مضيفة أنه قد يزيد العبء عليها وزميلاتها وتكون النتيجة هي نفسها في نهاية الأمر، لافتة إلى أن بعض زميلاتها الموظفات ممن التحقن بدورات تدريبية متنوعة داخلية وخارجية حاولن التطوير وتطبيق كل ما تعلمنه من معلومات ومهارات وتجارب في تلك الدورات، وذلك على الرغم من قلة الإمكانات في العمل. وأشارت إلى أنه نتج عن ذلك مزيد من الأعباء عليهن وعلى بقية زميلاتهن بسبب محدودية الإمكانات، إلى جانب صعوبة الحصول على بعض البرامج وتقويم بعض النماذج والبحث عن مصدرها الصحيح، مشيرة إلى أن التطوير من الممكن أن يزيد من أعباء الموظف إذا كان يرى أن النتيجة المرجوة من هذا التغيير والتطوير ستكون نفسها في نهاية الأمر. أفكار إيجابية وبينت "سهام الجويعد" -موظفة- أن بعض الموظفات يتعاملن مع مسألة تطوير أنفسهن وتطوير بيئة العمل بشكل سلبي، موضحة أن هناك من قد ترفض هذا التغيير وبالتالي نجدها تردد كلمتها المعهودة "لا تفتحون علينا باباً"، مشيرة إلى أن بعض المديرات قد يكن السبب في الإحباط الذي يصيب بعض الموظفات في هذا المجال، وذلك عندما لا تسعى إلى تشجيعهن وحثهن على التطوير، مضيفة أن بعضهن قد ترفض بعض الأفكار الايجابية التي تقترحها إحدى الموظفات لتطوير بيئة العمل، الأمر الذي يصيب الموظفة باليأس والإحباط نتيجة لذلك. إجازة أمومة وأكدت "العنود الريس" -موظفة- على أن البعض لا يحاول أن يسعى إلى التطوير، كما أن هناك من يحاول تطوير نفسه وتطوير بيئة العمل لديه ثم لا يلبث أن يجد كل جهوده قد ذهبت هباءً منثوراً بمجرد غيابه عن مكان عمله لمرض أو حضور برنامج تدريبي أو لأي ظرف من الظروف، مستشهدة في هذا الشأن بما حدث لإحدى صديقاتها التي تعمل مع زميلة أخرى في مكتب واحد تابع لإحدى الجهات الحكومية، مضيفة أن صديقتها تلك كانت متميزة في عملها وتسعى بشكل دائم لتطوير نفسها وتطوير بيئة العمل. وأضافت أن صديقتها استعانت بجهود إحدى الخبيرات في مجال الحاسب الآلي لتزويدها ببرنامج يساعدها في إدخال النصوص والبيانات بطريقة سهلة وسلسلة، الأمر الذي أعانها وزميلتها في المكتب على إنجاز الأعمال الموكلة إليهن بكل يسر وسهولة، مشيرة إلى أن زميلتها نسفت تلك الجهود أثناء غيابها عن العمل وتمتعها بإجازة الأمومة التي حصلت عليها بعد ولادة مولودتها الأولى، مبينة أنها عندما ناقشتها في الأمر بعد عودتها من الإجازة أجابتها بكل برود أن سبب ذلك يعود إلى أن البرنامج بطيء ولم يحقق النتائج التي كانت ترجوها منه. ولفتت أن السبب الحقيقي يعود إلى أن تلك الزميلة كانت تخشى أن يُجيَّر النجاح في نهاية الأمر إلى صديقتها، مضيفة أن ذلك لم يفت في عضدها ولم يجعلها تيأس، بل إنها حاولت إعادة البرنامج إلى الخدمة مجدداً، كما أنها حاولت أن توحي لزميلتها أن النجاح في نهاية الأمر هو نجاح لكليهما، إلى جانب أنها حاولت تشجيع زميلتها تلك على اقتراح بعض الأمور والخطوات التي من الممكن أن تعمل على تحسين بيئة العمل. الإدارات الواعية تعمل على تحفيز الموظفين وتطوير أدائهم تدريب احترافي وقالت "أسماء شوقي الضبع" -مدربة معتمدة، ومستشارة إدارية- :"إن الكسل والاستهتار والميل إلى الحصول على الراحة وعدم وجود أو ضعف الدافع والطموح تعد من أهم الأمور التي تجعل الموظفين لا يهتمون بالتغيير، ولا يحاولون تطوير ذواتهم ومؤسساتهم"، مضيفة أن ذلك يعود إلى عدم علمهم وتيقنهم بفوائد ومنافع التدريب الاحترافي، مشيرة إلى أن ضعف الإدارة وضعف شخصية وثقافة المديرين في هذه الحالات قد تكون أحد الأسباب، مبينة أن الإدارات الواعية هي من تعمل على تحفيز الموظفين ودفعهم دفعاً للتطوير ولحضور دورات تدريبية احترافية تطويرية وتأهيلية ومهنية وتقنية لصقلهم وإثراء معلوماتهم. وأكدت على أن البعض لديه مقاومة عالية للتغيير والتطوير والتجديد والابتكار، موضحة أن هناك عدداً من الأسباب التي تجعل المدير ذاته لا يتنبه للأخطاء التي تحدث، على الرغم من التباين فيما بين الموظفين، مضيفة أنه لا يحاول حينها إجبارهم على التطور، مبينة أن من هذه الأسباب ضعف الإدارة وقلة ثقافة المديرين وعدم تطورهم هم أنفسهم وجمودهم وميلهم إلى الأساليب القديمة وعدم التجديد والتطوير والمرونة، أو انعدام وقلة الخبرة والدراية بالإدارة الحديثة وأساسياتها ومعاييرها. مقاومة التغيير وأضافت "أسماء الضبع" أن بعض المديرين يتم ترشيحهم بناءً على المراتب والأقدمية دون النظر للكفاءة والجدارة الإدارية وقدراتهم القيادية ومهاراتهم الإدارية أو حتى معرفتهم بالإدارة من الأساس، موضحة أن الأسوأ من ذلك هو وجود بعض المديرين ممن يقاومون التغيير ويحاربون الموظفين المبتكرين المجددين المبدعين ويضيقون الخناق عليهم؛ قلقاً منهم ومن التغيير، مشيرة إلى أن ذلك قد يعود لعدم قدرتهم على مواكبة هذا التغيير الذي يرون أنه قد يؤدي إلى جمود العمل وتخلفه، لافتة إلى أن ذلك من شأنه تدمير جيل من الشباب المبدع المبتكر الطموح الذي يحتاج فرصته كاملة ويحبطهم تحت إمرة وسيطرة وقيادة هذه النماذج الجامدة المسيطرة المتمسكة بالسلطة والمنصب والوظيفة. وأشارت إلى أنه من غير المعقول أن يتم التعامل مع موظفين ناضجين يافعين متعلمين ومثقفين بهذه الطريقة السلبية التي تسجن أفكارهم وإبداعهم وتحد من تفكيرهم وابتكارهم الذي يكون الكيان المؤسسي والمجتمع في أمس الحاجة إليه، مبينة أن بعض الموظفين قد يتخوفون من أخذ التجارب من زملائهم نتيجة خشيتهم من إمكانية الاستغناء عنهم والبحث عن غيرهم عندما يرون نتاجهم، لافتة إلى أن ذلك قد يعود لضعف الثقة بالنفس. وشددت على ضرورة تدريب الموظفين وتثقيفهم على أنه في حال عمل الموظف على تدريب زملائه الآخرين وتوصيل بعض المهارات والمعارف لهم، فإنها تكون حينها صدقة جارية عنه، مضيفة أن ذلك سيُحسِّن علاقته بهم ويجعلهم يدعمونه ويمدون إليه يد العون وقت حاجته لهم، موضحة أن بقاء الموظفين على وتيرة واحدة منذ تعيينهم وعدم بحثهم أو تقبلهم لأساليب أخرى للتطوير سينتج عنه جمودهم، وبالتالي سينعكس ذلك الفكر غير المتجدد على المنشأة التي يعمل بها الموظف. ولفتت إلى أنه لا يمكن أن يقف الفرد مكانه جامداً دون تغيير، خصوصاً في هذا القرن الديناميكي المتطور المتغير، وإلا فإنه سيصبح متأخراً متخلفاً في الوقت الذي سيسبقه الآخرون ويتجاوزونه إلى الأمام نحو التطور والتغيير للأفضل، متسائلة عن كيفية إنجاز أعمال عصر التقنيات والتكنولوجيا والعولمة بأساليب العصور البائدة القديمة؟.