تعد بيئة العمل الإيجابية قادرة على استقطاب الكفاءات البشرية وتطويرها للأفضل؛ إن وجدت الخطط الاستراتيجية الناجحة للإدارة في هذه البيئة، ويبقى الاختلاف في بيئات العمل، هوالمعيار الأفضل لدراسة مدى الانتاجية التي قد يحققها الموظف، في حين أنّ التسرّب الوظيفي من العمل الخاص بدا واضحاً، واتجهت بوصلة الأفضلية نحو القطاع الحكومي الذي يراه العديد من الموظفين بيئة مناسبة لتأمين المستقبل، في ظل التقلبات التي تمر بها الإدارات وعدم الثبات، مؤكدين على أنّ بيئة العمل النموذجية في الإدارات تساعد على الإبداع، لاسيمّا أنها تكون مهيأة في الغالب بالمحفزات والعلاوات والمميزات الوظيفية التي تجعل الموظف أكثر عطاءً وإنتاجية وإخلاصاً في العمل. بيئة خصبة أكد «عبدالله عبيد الحربي» -موظف حكومي- على أنّ الجهات الحكومية متفاوتة في تأثيرها على الموظف، وتعتمد بشكل كبير على الجهاز الإداري وهيكلته، مضيفاً: «يجب تحديد المسؤولية وقنوات الاتصال في العمل، حتى تكون قادرة على التأقلم والتطور»، مبيناً أنّ هناك موظفين غير منسجمين مع بيئات عملهم لأسباب قد تتعلق بالإدارة في بعض الأوقات، وأسباب أخرى تتعلق بالموظف نفسه، إلاّ أن الإشكالية التي يقع فيها عدد من الموظفين الحكوميين هي البدء في المقارنات ومراقبة العلاوات والامتيازات التي يحصل عليها الموظفون الآخرون؛ مما يقللّ من رغبة الموظف في الانتاجية ويشعره بالإحباط. دورات تدريببية وذكر «أحمد المرزوق» -موظف حكومي- أن أبرز سلبيات بيئات العمل لاسيما الحكومية، هو عدم الاهتمام بتطوير الموظف وتدريبه، حتى يحافظ على استمرارية انتاجيته بطريقة تحقق له ولإدارته النجاح، وإن وجدت تلك الدورات فإنها عادة ما تكون مقتصرة على موظفين محددين أو وظائف محددة، مشدداً على ضرورة أن تكون بيئة العمل تفاعلية وإيجابية كي تحققّ الراحة والانسجام لجميع الموظفين، منوهاً بأهمية رضى الموظفين عن إداراتهم حتى تصبح بيئة العمل محفزة، مشيراً إلى أن تطوير بيئة العمل الحكومي يعتمد بالمقام الأول على استقطاب الكفاءات البشرية المؤهلة، وإعطاء الموظف فرصة صنع القرار. محفزات وعلاوات أشار «محمد المنصور» -موظف حكومي- إلى أن أبرز الظواهر السلبية التي توجد في القطاع العام هي أن الجهود في الانتاجية تكون مقتصرة على الموظفين المتواجدين في الخطوط الأمامية وهم الذين يتعاملون مع الجمهور، أما البقية أو الموظفون المتواجدون في الخطوط الخلفية، فإنهم لا يبذلون نفس الجهد والعمل والانتاجية التي يقدمها زملاؤهم الذين يتعاملون مباشرة مع الجمهور، مبيناًً أن ضعف المحفزات في القطاع العام يعد أمراً سلبياً بعكس موظفي القطاع الخاص الذين يجدون أنفسهم يبدعون وانتاجيتهم عالية بسبب المحفزات. تسرب الموظفين بيّن «إياد المبيّض» -موظف حكومي- أن هناك تسرباً في القطاع الخاص نحو القطاع العام، مرجعاً ذلك إلى «الأمان الوظيفي» الموجود في القطاع العام، كون الموظف لا يلاقي غالباًً أي تهديد بالفصل أو التغيير، بعكس أغلب القطاعات الخاصة التي تكون بيئة العمل فيها مجالاً خصباً للتغيير، مضيفاً: «إن أغلب إجابات الموظفين الحكوميين حول مدى رغبتهم في الانتقال للقطاع الخاص ستكون بالرفض لعدم وجود الأمان الوظيفي الذي يرغبه كل موظف، خشية التأثير على استقرارهم العائلي والاجتماعي»، منوهاً أن الإبداع من قبل الموظف يعتمد بالمقام الأول على المحفزات التي تقدّم له من قبل إدارته، حيث أنها المقياس الفعلي لأدائه في وظيفته. الخيار المفضل شدد «فواز الغامدي» -مدير شؤون الموظفين في شركة بالقطاع الخاص- على أنّ القطاع الخاص يعدُ الخيار المفضل لدى كثير من الخريجين الشباب، كونه يشتمل على بيئة خصبة تنمّي الإبداع وتحافظ عليه، بينما القطاع العام قد لا يكون بنفس فعالية القطاع الخاص، مضيفاً:»هناك جمود يعاني منه موظفو القطاع العام، بسبب غياب المحفزات اللازمة للموظفين، وهو ما يضمن تطوير البيئة اللازمة لإبداع الموظفين»، منوهاً أن القطاع الخاص يتيح التنافسية اللازمة بين الموظفين ويرتقي بأداء العمل في المجمل. قتل الإبداع وأوضح «د.عبدالوهاب القحطاني» -أستاذ الإدارة الاستراتيجية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- أن الإبداع يكاد يكون مفقوداً في بيئة العمل بالقطاع العام، مرجعاً ذلك إلى جمود السياسات واللوائح التي لا تساعد المبدعين على إبراز إبداعاتهم، مبيناً أن ذلك أدى إلى توسّع الفجوة بين الموظف ومديره من حيث الاتصال والعلاقات والتحفيز والتشجيع، مشيراً إلى أن تطوير بيئة العمل الحكومي تأتي من خلال تشجيع الإدارة العليا على مشاركة الموظفين في الرأي وهي بداية الإبداع بالنسبة إليهم، مضيفاً:»إذا لم تشجع الإدارة العليا الموظفين على إبداء الرأي، فذلك هو طريق نحو زرع الإحباط في نفوسهم». محمد المنصور عبدالله عبيد الحربي إياد المبيّض أحمد المرزوق