يؤثر "مزاج المدير" في مسار أداء الموظف لعمله بشكل كبير، كما أنَّه يلقي بظلاله على حالته النفسية؛ فيؤثر بذلك على إنتاجه ومهارته في أداء المهام المنوطة به، فعندما يكون مزاج المدير متعكراً لأسباب قد تكون خارجة عن نطاق العمل فإنَّه يتعامل معهم بشكل سلبي وفقاً لما تمليه عليه مشاعره السلبية، والعكس صحيح. ومن الموظفين من يتحيَّن الفرص المناسبة التي يكون فيها مزاج المدير "رايق"؛ ليحظى بإنهاء طلبه المتعلِّق بالحصول على إجازة اضطرارية مثلاً، ومنهم من يتأكَّد من نوعية مزاج المدير في اليوم الذي يهمُّ فيه بعرض احدى المعاملات التي طلب منه إنهاءها ليحظى بتقديرٍ يتناسب مع الجهد الذي بذله في سبيل ذلك، إلاَّ أنَّه من غير المقبول أن يتوقف مصير الموظف أو حالة طلبه على الحالة النفسية للمدير، خاصةً عندما يتطلَّب زوال تأثير الحالة المزاجية للمدير مدةً طويلة. ويرى العديد من المختصين في مجال التدريب وتطوير الذات أن يجمع المسؤول بين شخصية القائد والمدير في آنٍ معاً؛ ليتمكن من العبور بسفينة مؤسسته إلى بر الأمان، وإلى أن يعزل ظروفه الخاصة عن بيئة العمل، وأن يحاول قدر الإمكان الخلود إلى الراحة بعيداً عن أجواء العمل في حال تعرضَّ لظروف معينة قد تؤثر على من حوله من الموظفين بشكلٍ سلبي. مزاج سيئ وبيّنت "بدور الشعلان" -موظفة- أنَّ مزاج العديد من المديرين قد يتدخَّل في مسار أداء الموظف لعمله سلباً أو إيجاباً، مُضيفةً أنَّ الموظف قد لا يتمكن من إتمام مهام عمله بالطريقة السليمة عندما يكون مزاج المدير سيئاً في ذلك اليوم، مُوضحةً أنَّه رُبَّما كرَّر المهمة نفسها في الوقت الذي يتلقَّى فيه العديد من الملاحظات من قبل مديره، مُشيرةً إلى أنَّه ليس بالضرورة أن تكون تلك الملاحظات على درجةٍ كبيرةٍ من الأهمية بالشكل الذي قد يؤثر على مسار تنفيذ تلك المهمة، لافتةً إلى أنَّه قد يدخل الطرفان في نقاش حاد أو تتعالى أصواتهما، في ظل انَّ تلك المهمة قد تتطلب وقتا وجهداً يسيرين لإتمامها بالشكل المطلوب في حال لم يتدخل المدير ذو المزاج المتقلِّب في الموضوع. المسؤول الناجح يجمع بين شخصية «القائد» و«المدير» معاً ويعزل ظروفه الخاصة عن بيئة العمل نفسية الموظفين وأوضحت "ريم الهدلق" -موظفة- أنَّ مزاج المدير يُؤثر في نفسية الموظفين، كما أنَّه قد يُربكهم عند أداء عملهم، مُوضحةً أنَّ الموظف رُبَّما أخطأ للوهلة الأولى نتيجة إرباك المدير له، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك قد يؤثر على علاقة الموظفين ببعضهم، كما أنَّ ذلك قد يوقع الموظف في حيرةٍ كبيرة نتيجة تناقض مواقف المدير معه، وعند ذلك لايستطيع أن يفهم ما يريده منه على وجه الدِّقة. ووافقتها الرأي "جواهر العنزي" -سكرتيرة - حيث ذكرت أنَّ التوتر والقلق وضغوط العمل التي يتعرَّض لها العديد من الموظفين تكون ناتجةً عن مؤثرات خارجية أساسها نفسيَّة المدير وسلوكه مع الموظفين، مُضيفةً أنَّ الموظف قد يؤدي ما يُمليه عليه المدير حتى وإن كانت قراراته خاطئة، وبالتالي فإنَّ ذلك قد يؤثر سلباً على إنتاجيته في العمل. قرارات متسرِّعة وقالت "لبنى الربيع" -موظفة-:"عندما أجد المديرة غاضبة ألجأ إلى عدم مواجهتها بأيَّة طريقة كانت؛ حتى لا أجد نفسي أمام حزمةً من قراراتها المتسرِّعة"، مُضيفةً أنَّها عندما تكون في مواجهتها فإنَّها لابد أن تختلق لها بعض المشكلات، أو تبدي عدداً من الملاحظات التي قد لا تكون بالضرورة صحيحة، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك يجعلها منزعجة جداً إزاء ذلك. نتائج سلبية وذكرت "ابتسام الدوسري" -سكرتيرة- أنَّ العديد من الموظفين يسألونها دوماً عمَّا إذا كان بال المدير مرتاحاً "رايقاً" أم لا ليتمكنوا من الحديث إليه في أمور خاصة، مُشيرةً إلى أنَّه ربَّما تكرَّر حضور الموظف أكثر من مرة للتأكد من ذلك قبل الدخول إليه، لافتةً إلى انَّه عندما يكون مزاجه مضطرباً فإنَّ الجميع يُقرِّر تأجيل مقابلته إلى وقت لاحق. وأيَّدتها في ذلك "هبة السعود" -موظفة- التي أشارت إلى أنَّ السؤال عن مزاج المدير يتكرَّر دوماً من قبل العديد من الموظفين قبل الدخول الى المدير، مُضيفةً أنَّهم يهدفون من ورائه إلى الكشف عن مدى قبوله أو رفضه للطلب الذي جاؤوا من أجله، لافتةً إلى أنَّ بعضهم قد يدخل إليه عندما يكون متعجلاً قبول طلبه، خاصةً في حال كان مُتعلِّقاً بالحصول على إجازة اضطرارية، مُبيِّنةً أنَّ الطلب قد يُقابل بالرفض فتتأزم الأمور بين الطرفين، الأمر الذي قد تنتج عنه نتائج سلبية تؤثر على مسيرة العمل في ذلك اليوم. ورفضت "سلمى عبدالله" أن يتوقف مصير الموظف أو طلبه أو حتى يتم تأجيل أمر ما على مزاج المدير ونفسيته، مُضيفةً أنَّه من غير المعقول أن يتحيَّن الموظف الفرصة المناسبة لتُحل مشكلته، أو يُقضى طلبه، أو يُبتُّ في أمره، مُوضحةً أنَّ الأمر يبدو أكثر سوءاً عندما يتطلَّب زوال تأثير الحالة المزاجية للمدير عدَّة أيَّام. أجواء العمل وأشارت "مها عبدالملك" -موظفة- إلى أنَّ المزاج المتقلِّب لمديرها أثرَّ على حالة الطلب الذي قدَّمته له، مُضيفةً أنَّه تعامل معه في المرَّة الأولى بشكل سلبي عندما كان مزاجه سيئاً، وعندما أعادت الكرَّة في يوم لاحق تعامل معه بإيجابية كبيرة ووافق عليه، مُوضحةً أنَّها ظلت تتحيَّن الفرصة المناسبة لإعادة تقديم طلبها فتمَّ لها ذلك في اليوم الذي كان فيه مزاجه على قدرٍ عالٍ من الأريحية، داعيةً هذا النوع من المديرين إلى عزل ظروفهم السلبية الخاصة عن أجواء العمل، والتعامل مع الموظفين من هذا المُنطلق. وأيَّدتها في ذلك "سارة الفهد" -موظفة- حيث نصحت المديرين بعدم الخلط بين الظروف الخاصة وبيئة العمل، مُضيفةً أنَّ ذلك من شأنه التأثير على الموظف بشكل سلبي، داعيةً إلى أخذ قسط من الراحة بعيداً عن أجواء العمل في حال تعرضهم لظروف معينة قد تؤثر على من حولهم من الموظفين. المدير والقائد وأكَّدت "د.سامرة وجيه الخصيب" -أخصائية تدريب وتطوير الذات- على أنَّ هناك فارقا كبيرا بين المدير والقائد، مُضيفةً أنَّ المدير عادةً ما يؤمن بأنظمة الشركة ولوائحها، مُوضحةً أنَّه يبدأ عمله بوضع الخطة، مروراً بإعطاء الأوامر والإشراف والمتابعة، وانتهاءً بالتنفيذ، بيد أنَّ القائد الذكي رجل مبدع، وماهر في وضع الخطة، وماهر في التنفيذ، وكذلك فهو متميز في إذكاء روح الحماسة والتحفيز لدى الموظفين، ومرن تجاه المشكلات فيتعامل معها بذكاء وإبداع، إضافةً إلى أنَّه يعمل من خلال الفريق الواحد، مُشيرةً إلى أنَّ هناك من علماء الإدارة من أفرد للقائد صفات وسمات محددة عليه أن يتحلى بها، ومن تلك الصفات التخطيط المبدع، وأن يعمل بشكل منظم ابتداء من وضع الخطط وانتهاء بمكتبه وأوراقه، وأن تكون لديه سرعة في اتخاذ القرار بحيث يصنع الحدث ولا ينتظر ما يحدث. وأضافت أنَّ من بين صفات القائد أن يتميَّز بالذكاء الاجتماعي وأن يكون ماهراً في التواصل مع الآخرين، وأن يعرف متى وكيف ومن يُفوِّض، وأن يعمل بذكاء، وأن يمتلك القدرة على التحفيز، وأن يمتلك الثقافة والمعرفة والاطلاع الواسع، والالتزام الخُلقي والرؤية الإسلامية، وألاَّ يُحقِّق مكاسبه الدنيوية على حساب دينه وقيمه، أن يكون لديه ذكاء عقلي يؤهله للتعامل مع المعلومات والمشكلات والمواقف المختلفة، إلى جانب ثقة القائد في قدراته فهي التي تعطيه القوة في السيطرة على المواقف والمشكلات. إجراءات وقائية وعن تأثُّر الموظف بالمشكلات التي تحدث للمدير، أوضحت "د.سامرة الخصيب" أن ذلك يكون ناتجاً عن جهل المدير بالتعامل مع هذه المشكلات، مُضيفةً أنَّ الإدارة ليست سيطرة وإنما هي فقه التعامل مع الظروف بأنواعها، مُوضحةً أنَّ من القادة من يتعامل مع مشكلة ما فيتأثر بها وتعيقه ويستسلم لها، ومن القادة من يتعامل معها دون حدوث ذلك، مُشدِّدةً على ضرورة تنمية قدرة المدير على حل المشكلات، من أجل ان يُصبح قادراً على أن يتنبأ بمشكلات محددة، ويتخذ إجراءات وقائية، ويحل المشكلات بسرعة وبجهد أقل، كما أنَّ ذلك يُنمِّي أداءه في العمل وعلاقته مع الزملاء. خطط عمل وشدَّدت "د.سامرة الخصيب" على ضرورة تفهُّم القائد لموظفيه بأن يتعرف على كل منهم شخصياً في رفق وهوادة ليطمئنوا إليه ويثقوا به، فيُفضي إليهم بما يجيش في صدره فيعرف رغباتهم وتظهر له مشكلاتهم، وبذلك تصبح الصورة لديه واضحة وجلية، مُضيفةً أنَّه بذلك سيجد أنَّ لكل منهم أخلاقه وعاداته وأفكاره ومميزاته التي يختلف بها عن الآخرين، مُشيرةً إلى ضرورة أن يتضمن وضع الحلول الممكنة تحليل المشكلة للتأكد من فهمها تماماً، ومن ثم وضع خطط عمل لمعالجة أيّ معوقات تعترض تحقيق الهدف، ويتم تطوير الحلول العملية من خلال عملية دمج وتعديل الأفكار، مُبيِّنةً أنَّ من أسباب فشل القائد في حل المشكلات بفاعلية عدم اتباع منهجية في حل المشكلات وعدم الالتزام بحل المشكلة، والافتقار إلى معرفة أساليب وعمليات حل المشكلات، وعدم استخدام الأسلوب المناسب لمشكلة معينة، وعدم كفاية المعلومات، أو عدم صحتها. احتواء طلبات الموظفين بالنظام يعزز من مكانة المدير الناجح المزاج السيئ للمدير يؤثر سلباً في نفسية الموظف