يتساءل البعض أحياناً عن مدى توفر الظروف المساعدة على ممارسة رياضة المشي داخل الأحياء، بينما يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك مشيرين إلى أن العديد من أفراد المجتمع يميلون إلى الكسل وحب الراحة، وهناك من يرمي بالمسؤولية في هذا الجانب على الجهات المعنية نتيجة عدم توفيرها للعوامل اللازمة لممارسة هذه الرياضة. وهناك من يرى أن المسؤولية مشتركة، فغياب إستراتيجية واضحة من قبل هذه الجهات وعدم حرصها على تبني تنفيذ مضامير للمشي وفق معايير صحية وبيئية ملائمة، إلى جانب أن العديد من أفراد المجتمع اعتادوا حياة الرتابة والكسل وابتعدوا عن ممارسة الرياضة بشكل عام ورياضة المشي بشكل خاص، وهو ما أدى إلى إصابة العديد منهم بالأمراض وامتلأت بعض المستشفيات بأجساد لو أنها خصصت دقائق معدودة ضمن برنامجها اليومي لممارسة المشي لكانت -بإذن الله- أكثر سعادة ولتمتعت بالصحة والعافية، إلى جانب توفير مبالغ باهظة تنفقها الدولة على علاج العديد من الأمراض المرتبطة بإهمال هذا الجانب المهم. شروط السلامة وأوضح "د.عبدالله بن عبدالرحمن العبدالقادر" -استشاري أمراض القلب- أن ميادين رياضة المشي التي يراها -على أقل تقدير في المدن الكبرى- عبارة عن أرصفة فسيحة ممتدة فرض وجودها تخطيط الشوارع داخل المدن، مضيفاً أن اتخاذ البعض لها ميادين لرياضة المشي هو من باب التعطش وفقدان الشيء وقبول البدائل المتاحة مهما كانت، مشيراً إلى أن على الأمانات والبلديات في عموم مدن "المملكة" تخصيص ميادين للمشي الآمن للمواطنين والمقيمين تكون قريبة من أماكن التجمعات السكنية داخل الأحياء. وشدد على ضرورة ألا تكون هذه الميادين مجرد أماكن على هامش الطرق تفتقد لأبسط شروط السلامة على الصعيدين الصحي والمروري، خصوصاً في ظل تهور بعض الشباب الذين قد تشكل قيادتهم لسياراتهم خطراً محدقاً بالمشاة المتواجدين في تلك الميادين، منتقداً كثرة استخدام بعض أفراد المجتمع لسياراتهم لقضاء مشاويرهم قصيرة المسافات، الأمر الذي جعل كثيراً منهم يصاب بالكسل والخمول وبعض الأمراض، مشيراً إلى أن البعض قد يلجأ في كثير من الأحيان إلى الوقوف بشكل خاطئ أمام مداخل الطوارئ في المستشفيات وبوابات الأماكن العامة والجهات الخدمية والمحال التجارية هرباً من المشي لمسافات قصيرة قد لا تتعدى (30) متراً فقط. وأضاف أن هناك من يكرر مقولة إن مناخ "المملكة" غير مشجع على ممارسة رياضة المشي، موضحاً أن ذلك غير صحيح وفيه من المبالغة الشيء الكثير، مشيراً إلى أن جميع شعوب الأرض تمارس حياتها بشكل طبيعي تحت أي ظرف من الظروف الجوية، لافتاً إلى أن آخر المستجدات الطبية في علم "فسيولوجي الأعضاء" التي أعلن عنها في آخر مؤتمر لعلوم طب القلب المتقدمة تحت عنوان "ملك الأعضاء" تؤكد على أن الوضع المجهري لقلب وأوعية ورئة الرياضي يبين أن ممارسة الرياضة حياة وعافية والعكس صحيح، مبيناً أن هذا الأثر لا يتعلق بالصحة الجسدية فحسب، بل يتعداه إلى الصحة النفسية وممارسة الحياة اليومية بروح عالية. أولويات أخرى وأشار "يوسف الحسن" إلى أن لدى الأمانات والبلديات في "المملكة" أولويات أخرى أكثر أهمية من إنشاء مضامير مخصصة للمشي، مضيفاً أن المدينة التي لا تتوافر فيها نسبة معقولة من الشوارع المسفلتة والإنارة الكافية والنظافة لن يكون المسؤول فيها منشغلاً بأمر إنشاء مضامير المشي بالقدر الذي يحرص فيه على توفير البنية التحتية لهذه المدينة أو تلك، مشدداً على أهمية تخصيص نسبة معينة من الميزانية المرصودة للأمانات في كل عام للصرف على الجوانب الضرورية المتعلقة بصحة الإنسان، ومن ذلك إنشاء وصيانة وتطوير مضامير المشي. ورأى أنه من الضروري أن يتضمن أي مخطط جديد تتم المصادقة عليه مساحة مخصصة كمضمار للمشي، داعياً البلديات والأمانات إلى أن تأخذ بعين الاعتبار عند تصميم وتنفيذ بعض الأرصفة جعلها مناسبة لرياضة المشي دون معوقات لمن يرغب في ممارسة هذه الرياضة، مع الحرص على تأمين المتطلبات اللازمة لذلك، مؤكداً على أنه يجب ألا ينظر للمضامير على أنها نوع من الكماليات أو الترف، فلربما كان بناء مضمار مشي مناسب ومهيأ في منطقة أو حي ما أكثر أهمية من بناء مركز صحي؛ لكون الأول يعزز جانب أن الوقاية بينما يعزز الثاني جانب العلاج. مبالغ كبيرة وأضاف "الحسن" أن العديد من الأمراض منشؤها قلة النشاط البدني، ومن ذلك السمنة وهشاشة العظام وضغط الدم والسكري وأمراض القلب، مشيراً إلى أن توفير أدوية هذه الأمراض للمواطنين تكلف ميزانية الدولة مبالغ كبيرة، الأمر الذي بالإمكان تجنبه أو التقليل منه بالتركيز على جانب الوقاية من هذه الأمراض، لافتاً إلى أن "وزارة الصحة" معنية أيضاً بهذه الرياضة، مبيناً أن لها جهوداً محدودة في هذا الشأن عبر حثها أفراد المجتمع على ممارسة بعض النشاطات البدنية لتجنب الإصابة ببعض الأمراض المرتبطة بالخمول والكسل، موضحاً أن هذه الجهود غير كافية في هذا الجانب. وبين أنه لا بد من الاهتمام بالبيئة الجمالية لمضامير المشي لتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة هذه الرياضة، مشدداً على ضرورة تحسين أشكال الأرصفة وزيادة المساحات الخضراء والورود حولها وتوفير المظلات المناسبة ودورات المياه والمقاصف، لافتاً إلى أهمية غرس ثقافة المشي لدى أفراد المجتمع بدءاً من مدارس التعليم العام والجامعات، داعياً إلى أن تذهب مضامير المشي إليهم لا أن يذهبوا إليها عبر توفيرها في كل حي وكل حديقة عامة، وأن تتاح الفرصة لأبناء الحي الواحد لتأسيس جمعيات أهلية متخصصة في رياضة المشي. ودعا "الرئاسة العامة لرعاية الشباب" إلى تخصيص جزء من ميزانيتها لتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة رياضة المشي، وأن تساهم في إنشاء بعض المضامير المؤهلة تأهيلاً احترافياً أسوة بمساهماتها الفاعلة ودعمها للرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، مشدداً على أهمية مشاركة بعض المسؤولين عن الرياضة في "المملكة" في ممارسة رياضة المشي، مذكراً بالأثر الإيجابي لمساهمة بعض المشاهير من رياضيين وفنانين في حملات التوعية بأهمية ربط حزام الأمان أثناء القيادة. دور الأسرة ولفت "سلمان بن حسين الحجي" -عضو المجلس البلدي بالأحساء- إلى أن ممارسة أفراد المجتمع لرياضة المشي أكبر من تتولاه "وزارة الشؤون البلدية والقروية" بمفردها، داعياً لمشاركة وزارات "الداخلية والتخطيط والمالية والصحة والتربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والإعلام" و"المؤسسة العامة للتدريب التقني" بحيث تعمل تلك الجهات وغيرها من الجهات المعنية على تبني مشروعاً استراتيجياً شاملاً كلاً حسب مهامه لتثقيف المواطنين تجاه هذه الرياضة ووضعها ضمن البرنامج اليومي لأفراد المجتمع. وأضاف أن للأسرة دورا كبيرا في تشجيع أفرادها على ممارسة برنامج رياضي يومي، محذراً من مغبة السهر إلى أوقات متأخرة من الليل، والحرص على الاستيقاظ المبكر صباحاً، داعياً إلى مضاعفة الجهود لتوفير المواقع الرياضية لممارسة هذه الرياضة، على أن يتم تزويدها بكل ما يحتاجه الرياضي من خدمات مساندة، مطالباً أفراد المجتمع بالتأمل في المبالغ التي تنفق من ميزانية الدولة على صحة الإنسان، مشيراً إلى أن ذلك ناتج عن قلة ممارسة الرياضة أو عدم ممارستها بالكلية، أو نتيجة الأكل الخاطئ والسهر والكسل. وعزا عدم ممارسة البعض للرياضة إلى جملة من الأسباب، ومنها قلة المواقع الرياضية أو عدم مناسبتها، إلى جانب ضعف مستوى الوعي بأهمية الرياضة، وكذلك الظروف البيئية غير المُشجعة، إضافة إلى العادات الغذائية الخاطئة والكسل، مقراً بقلة عدد مضامير المشي في الكثير من مدننا وشبه غيابها عن القرى، داعياً إلى تكثيف الجهود والتركيز على مشروعات إنشاء مضامير المشاة، مشدداً على ضرورة دعم "وزارة المالية" لها وأن تضعها ضمن المشروعات البلدية التي ينبغي أن تركز عليها في موازنات الأمانات والبلديات. المضامير المتاحة للمشي لا تزال تفتقد للمعايير الصحية والبيئية الملائمة د.عبدالله العبدالقادر يوسف الحسن سلمان الحجي