بتاريخ 27 مايو (قبل أسبوعين) وضعت أرامكو على موقعها الرسمي تقريرها السنوي بعنوان: Annual Review 2012 باللغتين العربية والانجليزية. كعادتي أنا لايهمني كثيراً متابعة نشاط أرامكو فيما يسمى Downstream (التكرير، التوزيع، النقل، التسويق) بقدر ما يهمني كثيراً إلى حد العشق متابعة نشاط أرامكو فيما يسمى Upstream (التنقيب، الاحتياطي، الطاقة الانتاجية، معدل الانتاج). لذا اعذروني فأنا لن أتحدث عن مصافي، وبتروكيماويات، وسفن، وفروع، وكمبيوترات أرامكو (المهتمون يمكنهم الرجوع لتقرير أرامكو) وٍسأركّز - لكن لماما- على أربع نقاط هي: التنقيب، الاحتياطي، الطاقة الانتاجية، ومعدل الانتاج لعلاقتهم المباشرة بالعمر الزمني للبترول. وبالنسبة لاحتياطي البترول (الخام والمكثفات) فواضح أنه لايوجد إضافات جديدة وهذا يعني تلقائياً أن نتائج التنقيب لم تسفر عن اكتشافات جديدة وإنما فقط إعادة تقييم روتيني لاحتياطيات الحقول القديمة وهي عادة اتّبعتها أرامكو على مدى أكثر من عشرين عاماً بأن تحافظ على رقم احتياطي راكد يطوف حوالي المئتين وستين (260) مليار برميل فرغم أنها خفّضته رمزياً في تقريرها العام الماضي من 260.1 مليارا إلى 259.7 مليار برميل عادت الآن فأعادته إلى 260.2 مليار برميل. فلسفة أرامكو في تقدير احتياطي بترولها هي امتداد (مع اختلاف بسيط) لفلسفة دول أوبك الأخرى في تقدير احتياطي بترولهم فكل دولة تعتبر أن ضخامة كمية احتياطي بترولها هي التي تحدد حصّتها في داخل المنظمة وتعزّز مكانتها وسمعتها في عيون العالم خارج المنظمة. لذا تحرص كل دولة من دول أوبك على أن تحافظ على ترتيب احتياطي بترولها بوضع عينها على ما يعلنه الأعضاء الآخرون مع نهاية كل سنة كما حدث من تسابق مؤخراً بين العراق وايران. لا زالت المملكة لديها أكبر احتياطي بترول تقليدي رغم ادعاء البعض (بما فيهم أوبك) بأن احتياطي فنزويلا يبلغ 296.5 مليار برميل. كذلك لدى المملكة أكبر طاقة إنتاجية، وأكبر دولة منتجة (خام وسوائل غاز)، وأكبر مصدرة للبترول وبالتالي تكون أرامكو أكبر شركة بترول في العالم. يقول التقرير إن إنتاج أرامكو السنوي خلال عام 2012 بلغ 3.48 مليارات برميل، وبذا يكون العمر الافتراضي لبترول أرامكو 75 سنة. بينما وفقا لتقرير شركة البترول البريطانية BP يبلغ عمر بترول أرامكو 65 سنة رغم أنها تقول إن الاحتياطي يبلغ 265.4 مليار برميل أي أكبر من تقدير أرامكو ب 5.2 مليارات برميل. سبب الاختلاف في تقدير العمر الافتراضي هو أن تقرير الشركة البريطانية يقول إن الإنتاج اليومي هو 11.16 مليون برميل بينما تقرير أرامكو يقول 9.51 ملايين برميل. الفرق 1.65 مليون برميل (يبدو أنها مكثفات وسوائل لاتدخل ضمن حصة أوبك). من المتوقع أن يصدر تقرير الشركة البريطانية الجديد خلال هذا الشهر وسنقارن تقديراتها الجديدة من باب التنويع ونشر ثقافة البترول وليس من باب التشكيك فأرامكو أعرف بخفايا بترولها. يقول تقرير أرامكو إن الطاقة الإنتاجية تبلغ 12 مليون برميل في اليوم (نفس الطاقة الإنتاجية على مدى ثلاثين سنة منذ الثمانينيات) أي لازيادة في الطاقة الانتاجية. الشيء (أو بالأحرى الفضل) الذي يجب أن يقدّره العالم للمملكة هو أنها الدولة الوحيدة التي تحتفظ بطاقة إنتاجية فائضة - رغم تكاليفها العالية - لتحقيق استقرار اسواق البترول. موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - سنشرح لماذا الطاقة الإنتاجية الفائضة هي التي تحقق استقرار أسواق البترول وليس الطاقة الإنتاجية المطلقة..