لقد أصدرت في مطلع يناير 2011 (قبل اسبوعين تقريبا) ادارة معلومات الطاقة EIA (اكبر جهة تنشر تقاريرا دورية عن الطاقة في شتى دول العالم) تقريرها الدوري عن المملكة باسم Saudi Arabia Energy Data استعرضت فيه آخر تطورات الطاقة في المملكة. افتتحت التقرير بقولها المملكة السعودية لديها مايقارب خمس احتياطي البترول التقليدي Conventional المؤكد في العالم وأن لديها اكبر طاقة انتاجية Production capacity في العالم وانها اكبر دولة منتجة ومصدرة للبترول في العالم. ثم بدأت في سرد الأرقام فقالت ان احتياطي البترول المؤكد في المملكة قدره 260 مليار برميل اضافة الى 2.5 مليار برميل في المنطقة المحايدة مع الكويت. وان الطاقة الانتاجية للمملكة بنهاية عام 2010 بلغت اكثر من 12 مليون برميل في اليوم بزيادة قدرها 2 مليون برميل عن عام 2009. وان متوسط الإنتاج اليومي للمملكة في عام 2010 - وفقا لتقديرها - يبلغ قدره: 10.2 ملايين برميل، منها 8.4 ملايين برميل خام، و 1.8 مليون برميل سوايل (لا تخضع لحصص اوبك). واجهني سؤال لم استطع الجواب عليه هو هل ان السوائل وقدرها 1.8 مليون برميل في اليوم يتم حسابها ضمن تقديرات الاحتياطيات البالغة 260 مليار برميل (لا سيما بالنسبة لسوايل الغاز المرافق) أو انه يتم حسابها ضمن احتياطيات الغاز الطبيعي (سواء المرافق او غير المرافق) البالغ قدره 275 تريليون قدم مكعب، او هل ان للسوائل (مكثفات و NGLs) احتياطي مستقل لا يدخل ضمن احتياطيات الخام ولا ضمن احتياطيات الغاز الطبيعي Natural gas. الفرق بين الثلاث طرق في حساب الاحتياطيات للسوائل كبير الى الحد الذي قد يؤثر بمقدار مايقارب 18 % في العمر الزمني للبترول. لن احاول ان اجد جوابا على هذا السؤال. لكن سأنتقل لنقطة أخرى لا تقل أهمية عن الطريقة التي تتبعها ارامكو في تقدير كمية الاحتياطي من حيث تأثيرها على العمر الزمني للبترول وهي ارتفاع معدل الاستهلاك المحلي للبترول ولحسن الحظ ان ارامكو تعترف بهذه المشكلة. يقول التقرير ان المملكة هي اكبر دولة مستهلكة للبترول في الشرق الأوسط فقد بلغ متوسط استهلاكها اليومي مايعادل 2.4 مليون برميل عام 2009 بزيادة قدرها 50 % عن استهلاك عام 2000 وقد حذّر رئيس ارامكو خالد الفالح (وفقا للتقرير) بأنه اذا استمر الطلب المحلي يزداد بنفس المعدل الحالي فإنه سيصل الى اكثر من 8 (ثمانية) ملايين برميل في اليوم عام 2030. فليعذرني المسؤولون في وزارة التخطيط فأنا - ورب الكعبة - احبهم ولكن كلما اقرأ او اسمع تصريحاتهم ثم اقارنها بما اراه يحدث على أرض الواقع لا اتمالك نفسي أن اقول يازينكم ساكتين. وزارة التخطيط هي التي تخطّط لمستقبل المملكة (يحفظها الله وأدام نعمته عليها الى ان يرث الله الأرض ومن عليها) اعتادت ان تعشّمنا في بداية كل خطة من خططها بتحقيق معدلات نمو عالية مفترضة ان ايرادات صادرات البترول ستستمر في النمو الى الأبد وكأنها لم تسمع شكوى ارامكو بأنه - اذا استمر الوضع على ماهو عليه - فلن يتبقى من انتاج البترول مايمكن تصديره للخارج وستعجز وزارة المالية عن تمويل ماتضعه وزارة التخطيط من مشاريع على الورق. وفقا للتقرير فان أحد التحديات التي تواجه استراتيجية ارامكو لزيادة طاقتها الانتاجية هو ان حقول البترول الحالية عجوزة تعاني من معدل انخفاض طبيعي يتراوح مابين 6 و 8 % سنويا وهذا يعني ان ارامكو تحتاج الى اضافة حوالي 700 الف برميل سنويا الى طاقتها الانتاجية من حقول جديدة فقط لتعويض الانخفاض الطبيعي في الطاقة الانتاجية للحقول الحالية. اّن الأوان لوزارة الاقتصاد والتخطيط أن تغيّر النضارة التي تنظر بها لاستشراف المستقبل - ولا ترى الوضع الحالي - حتى تستطيع أن تضع خططا سليمة تأخذ في اعتبارها (وتعالج) المعوقات الحالية التي رغم انها قد تبدو صغيرة الآن الا انها تنمو ككرة الثلج حتى تصبح جبالا عاتية لا يمكن ازالتها من طريق التنمية التي تعودنا وزارة التخطيط تحقيقها لأجيالنا القادمة. موضوع عمود الاسبوع القادم - ان شاء الله - سيكون بعنوان: جنّي بترول الرمال الكندية يتلبّس الأخوات الستة. * رئيس مركز اقتصاديات البترول «مركز غير هادف للربح»