قبل صدور تقرير أوبك الإحصائي السنوي الأخير ASB 2010/2011 دأبت معظم أشهر النشرات المتخصصة في نشر احتياطيات البترول منذ بداية القرن الواحد والعشرين عام 2001 تضع كندا في الترتيب الثاني كصاحبة اكبر احتياطي بترول في العالم بتقدير قدره 175 مليار برميل بعد احتياطي بترول المملكة الذي يبلغ 264 مليار برميل. ولكن تقرير اوبك الأخير قلب الموازين رأسا على عقب فأرجع كندا من ثاني اكبر احتياطي بترول في العالم الى اّخر المؤخرة بأحتياطي قدره 4.9 مليار برميل فقط لأنه استبعد بترولها من رمال البرتا الكندية واستبدله ببترول حوض اورينوكو في فنزويلا فقفز بأحتياطي بترول فنزويلا الى الترتيب الأول كصاحبة اكبر احتياطي بترول في العالم بتقدير قدره 296.5 مليار برميل بزيادة قدرها 32 مليار برميل (ستة اضعاف احتياطي كندا وفقا لتقرير اوبك) عن احتياطي بترول المملكة الذي تراجع بدوره من الترتيب الأول الى الترتيب الثاني بعد احتياطي فنزويلا حيث بقي احتياطي المملكة كما كان عليه دون تغيير طوال العشرين سنة الماضية حوالي 264 مليار برميل. كذلك تضمن تقرير اوبك زيادة في احتياطيات العراق وايران والأكوادور وابقى احتياطيات الأعضاء الآخرين في اوبك كما كانت عليه في عام 2009 من غير زيادة ولا نقصان. هذا يقودنا الى التساؤل ماهي المعايير التي تستخدمها اوبك لتقدير احتياطيات بترول اعضائها؟ على حد معلوماتي ان اوبك ليس لديها معايير خاصة بها لتقدير احتياطيات أعضائها وانما تأخذ التقديرات التي تقدمها لها كل دولة عن نفسها على علاتها وهذا يجعلنا لانستبعد ان يتكرر بحذافيره ماحدث عام 1988 حيث بدأت وقتذاك نفس الدول الثلاثة فنزويلا وايران والعراق وتبعتهم الأمارات في وقت واحد بزيادة احتياطياتهم ثم بعد مايقارب السنة عام 1989 لحقت بهم المملكة. معظم القراء الأشاوس يعرفون ماذا حدث عقب هذه الزيادات الضخمة في احتياطيات اوبك في الثمانينات (التي لازال يشكك فيها كثير من المتخصّصين) فقد انخفضت اسعار البترول الى اقل من عشرين دولارا للبرميل وبقيت هكذا منخفضة طوال اربعة عشرة سنة (الأعوام 1986 - 2000) ثم بدأت تنتعش تدريجيا الى ان اصبحت الآن تحوم حول المائة دولار للبرميل. السؤال هو هل سيحدث الآن عقب الأعلان عن هذه الزيادات الكبيرة في احتياطيات بترول بعض دول اوبك (لاسيما اذا تلاها انشقاق على توزيع الحصص) ماحدث عقب اعلان زيادات الأحتياطيات في الثمانينيات فتنهار اسعار البترول الى اقل من عشرين دولارا للبرميل ؟ الجواب وفقا لتقديراتي فأن متوسط أسعار البترول من المستبعد جدا ان تنخفض الى اقل من 70 دولارا للبرميل ثم تبقى عند هذا المستوى لمدة تتجاوز السنة الواحدة حتى تعود للأرتفاع تدريجيا - وربما فجأة - لتحوم حول (وغالبا فوق) المائة دولار للبرميل. هذا لايمنع ان تنخفض اسعار البترول لأقل من سبعين دولارا لفترة قصيرة (لاتتجاوز بأي حال الستة شهور) كما حدث ان انخفضت الى مايقارب الأربعين دولارا بعد ان وصلت الى مايقارب المائة وخمسين دولارا عام 2008 ولكن لم تلبث حينذاك طويلا حتى اخذت الأسعار في الأرتفاع. السبب الذي يجعل أسعار البترول لاتستقر عند مستوى اقل من سبعين دولارا هو ان تكاليف التنقيب والأستكشاف وتطوير واستخراج وتسويق البترول لم تعد منخفضة كما كانت عليه في الماضي فقد بلغ البترول السهل الرخيص الذروة ولم يعد يكفي لتلبية الطلب وبدأ الأنسان يسد الفجوة بين العرض والطلب بأللجوء الى استخدام البترول عالي التكاليف سواء التقليدي او غير التقليدي. الشيء الذي يبشّر بالخير وسرني كثيرا في تقرير اوبك هو حكمة الكويت فرغم انها كانت تعرف مسبقا قبل صدور تقرير اوبك بأن فنزويلا وايران والعراق ستعلن عن هذه الزيادات في احتياطياتها الا انها لم تعلن عن الزيادة التي سبق ان صرحت بها وفضلت ان تنسحب من الدخول في سباق الفايز فيه هو الخسران كما سبق ان وضّحت في هذه الزاوية في مقال بعنوان: اوبك تختتم يوبيلها بسباق الأحتياطيات (العودة الى صراع الثمانينيات) المنشور في الرياض الأقتصادي يوم السبت 30 اكتوبر 2010 (اي قبل عشرة شهور تقريبا من صدور تقرير اوبك).