عندما نريد ان نتنقل داخل مدننا.. او بينها ليس هناك امامنا أي خيار سوى استخدام السيارة في التنقل.. !! سيقول الكثيرون: إن السبب في ذلك هو سهولة امتلاك السيارة.. ولكن هذا لايبدو سبباً مقنعاً للمتفحص.. وللمتمعن.. فهل كل مواطن يستطيع ان يمتلك سيارة ؟! اجزم ان الكثيرين.. بل الغالبية العظمى من افراد الشعب السعودي لايستطيع ان يمتلك سيارة الا بالتقسيط الذي وجدت فيه وكالات السيارات سوقاً مربحاً وتفننت في اساليب الاستحواذ على افراد هذا الشعب.. الذي يجد كل فرد فيه نفسه مضطراً لامتلاك السيارة حتى للمشاوير البسيطة !! فلا يستطيع ان يصل الى مقصده حتى ولو كان بجانب منزله الا بالسيارة والسبب في ذلك ان ليس هناك أي طريق للمشاة فكل الطرق تملكها السيارات والويل لمن يسير في مسارها حتى الدراجات!! التخطيط كله لصالح السيارات فكل فراغ تتم سفلتته ليصبح طريقا لها حتى لو كان ملاصقا لابواب المساكن!! ولهذا بلغ عدد السيارات لدينا عدداً مهولًا (اكثر من 8ملايين) سيارة تزداد بمعدل (700,000سيارة سنويا) وهو لاشك عدد هائل ملأ كل المدن وكل الطرق وكل المواقف ومن يشاهد طريق (الرياض-القصيم) في عطلة نهاية الاسبوع يذهل للحجم الهائل لحركة المرور عليه التي تصل الى صورة الزحام داخل المدن!! تبلغ اطوال الطرق حاليا(48000كم) =48مليون متر لو وقفت هذه السيارات خلف بعضها البعض (طول السيارة6م) فستشكل خطا طوله=8ملايين ×6م=48مليون متر ولو فرضنا (نظريا) سير هذه السيارات بشكل متلاصق (لا يفصل بين السيارة والاخرى شيئاً) لامتلأت جميع هذه الطرق بالسيارات من جيزان الى طريف ومن الدمام الى مكةالمكرمة ومن حقل الى الخرخير!! هذه الاحصائية تثبت ان لدينا مشكلة ستصل خلال سنوات الى مايشبه الكارثة.. مالم تتنبه الجهات المسؤولة عن التخطيط وتوجد بدائل للنقل داخل المدن.. فليس الوقت وقت كسل واختلاق للعوائق مثل ليس هناك جدوى اقتصادية.. او من سيستخدم النقل العام !! او (نحن لنا خصوصيتنا).. والتي هي كلمة تقال في كل وقت وفي كل حين فقد كانت تقال قبل استخدام السيارات ايضا!! اما مقولة من (سيستخدم القطار.. او المترو) فأقول سيستخدمه الموظف الذي يسكن شرق الرياض وعمله في احد الوزارات بوسط الرياض ويذهب لعمله بعد صلاة الفجر (على الرغم من انه يبعد عنه كيلومترات) وعند عودته لابد ان يجمع صلاتي الظهر والعصر لأنه سيصل الى سكنه بعد صلاة العصر.. حتى ولو كان يملك افخم السيارات!! سيستخدمه الألوف من طلاب المدارس والجامعات الذين تتقطع بهم السبل ولايصلون الى مدارسهم وجامعاتهم الا بشق الانفس!! انني اتساءل ويتساءل الكثيرون لماذا لايكون لدينا طرق وشوارع مسقوفة للمشي من مقار السكن في الاحياء تؤدي الى محطات للقطار او المترو هي بمثابة اسواق ومراكز ترفيه تؤدي الى أي جزء من المدينة في دقائق بدلا من استخدام السيارات الخاصة التي لايوجد لها مواقف!! بدون شبكة للنقل العام سنصبح يوماً وقد صارت كل شوارعنا وطرقنا مواقف وسيزداد التلوث والضجيج بشكل لايطاق!! سيزداد استهلاكنا للبنزين وسنصبح دولة مستوردة للنفط عام 2038م بسبب استهلاكنا المفرط للوقود في النقل وتوليد الكهرباء (3ملايين برميل يوميا)!! النقل اصبح مشكلة (وطنية قومية) تهدد اقتصاد الوطن باكمله ولابد من تدخل على اعلى المستويات لوضع الخطط والبرامج.. ولابد من خطة (وطنية كبرى) لانقاذ اقتصاد الوطن يتدخل فيها مجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الأعلى.. وكل الجهات المعنية.