مازلنا في الحديث عن التغيير.. ليس تغيير العالم حولنا أو تغيير الأحداث؛ وإنما تغيير داخلنا الذي يجعلنا نرى الجمال والسعادة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) اتفقنا إذن أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل ؛ انظر إلى رؤيتك للعالم كله حين تكون سعيداً.. كيف ترى العالم رغم أن لا شيء من الأحداث حولك تغير؟ في حين أنك بالأمس كنت حزيناً أو منزعجاً.. كيف كنت ترى العالم وأنت منزعج؟ قارن بين الرؤيتين.. لا شك ان السعادة تنبع من داخلك وحدك وبتغيير هذا الداخل سوف يتغير كل شيء. ذكرنا في المقالات السابقة (التأمل، التواجد في اللحظة) واليوم نتابع الخطوة العملية الثالثة في التغيير وهي التنفس. ما علاقة التنفس بالتغيير؟ تستطيع أن تحيا أياماً طويلة بلا طعام ولا شراب.. تستطيع أن تحيا بلا مأوى ولا نور ولكنك تعجز تماماً عن الحياة دون تنفس ولو لثوانٍ معدودة. إنه علاقتك الأولى بالحياة، كل خلاياك يجب أن تتنفس فكيف الحال لو أنك حرمت تلك الخلايا من التنفس؟ كثير من الناس يجهلون الطريقة السليمة في التنفس الطبيعي ويعتقدون أن مجرد دخول الهواء وخروجه يسمى تنفساً..!! إن عملية التنفس غير الصحيحة لا تقل خطورتها عن الحرمان من التنفس راقب نفسك كيف تتنفس.. إن كان كتفاك تتحركان علواً وهبوطاً أثناء التنفس ويرتفع صدرك إلى الأعلى؛ فهذا يعني انك تعيش حرمان إيصال الهواء أو بمعنى أدق " الاوكسجين " إلى خلاياك. نعم فالمسألة غاية في الأهمية وستلاحظ الفرق شاسعاً حين تتعلم الطريقة السليمة. التنفس "البطني" أو ما يسمى بالتنفس "الجنيني" هو التنفس السليم راقب الصغير الذي لم يبلغ الثالثة من عمره كيف يتنفس.. سترى أن تنفسه مختلف عن تنفسك. بل إن تنفسك وأنت نائم.. مختلف هل حين يغيب وعينا نتنفس بطريقة سليمة..!! نعم لأننا نعود على الفطرة السليمة الانفعالات والتوتر والغضب والقلق الذي نعيشه للأسف هو السبب في عملية التنفس الخاطىء. دعنا نشرح باختصار التنفس السليم والذي عليك أن تجعله تلقائياً حتى تحقق تغييراً داخلياً حقيقياً يجعل خلاياك تتمتع بالأوكسجين اللازم والذي غيابه سبب لك النسيان والاكتئاب والتوتر والانفعال الدائم. التنفس السليم هو دخول الهواء الى رئتيك مع تمدد البطن حتى يتسنى للحجاب الحاجز أن يتمدد ليملئ رئتيك بأكبر كمية من الهواء. ضع يدك على الحجاب الحاجز والذي يقع تقريباً عند المعدة أو يمكنك وضع يدك على بطنك أعلى من "السرة" بقليل ثم أدخل الهواء إلى رئتيك وتذكر عند دخول الهواء يجب أن ترتفع هذه المنطقة إلى أعلاها لا تقلق حين تشعر أن بطنك ينتفخ في حين أنك تسعى إلى إخفائه ؛لأنك تحرك عضلات بطنك وبالتالي أن تقويها وبعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من استمرارك بهذا التنفس سيختفي حجم بطنك تماماً مهما كان وزنك. وبطبيعة الحال حين تخرج الهواء " الزفير " لابد أن يدخل ويضمر بطنك إلى أقصى درجة مسبباً لك هذا التمرين في الأيام الأولى من تطبيقه ألماً قليلاً في عضلات البطن.انك قمت بتمارين رياضية مجهدة في حين انك تمارسه وأنت مسترخٍ تماماً. إذا اكتشفت أن تنفسك خلال حياتك السابقة كان خاطئاً لا تنزعج ؛ وابدأ من الآن بالتنفس السليم ومارسُه بدايةً سبع مرات بعد كل صلاة و 21 مرة قبل النوم لتجد نفسك بعد ثلاثة أسابيع قد اعتدته تماماً أصبح تلقائياً دون أي سيطرة منك؛ ولا يهم كيف يكون وضعك جالساً أو قائماً.. لا تهم الوضعية وإنما المهم هو التطبيق السليم ويتوفر على الشبكة العنكبوتية الكثير من التمارين العملية لهذا التنفس. عليك بالتطبيق لأن خطواتنا للتغيير الداخلي هي خطوات عملية بالفعل. تابع في المقال القادم الخطوة الرابعة نحو التغيير بشرط أن تكون طبقت الخطوات السابقة (التأمل، التواجد في اللحظة، التنفس الجنيني)