واعتمد على إعداد هذا المجلد* – وأقصد: الفنون الشعبية-أكثر من مصدر تأسيسي في الثقافة العربية، وما يعنى خاصة ب"الثقافة الشعبية"، ضمن فصيل لا ينتهي من التناقض الاصطلاحي والترادفي المعنوي بمثل الفلكلور أو المأثورات الشعبية أو بما تسمت به الموسوعة نفسها "التراث الشعبي"!، عند أحمد أمين في "قاموس العادات والتقاليد والتعبير المصرية"، ورشدي صالح في كتابيه"الأدب الشعبي" و"فنون الأدب الشعبي"، وعبد الحميد يونس في"معجم الفلكلور"، ومحمد الجوهري في "علم الفلكلور"، وموسوعة الفلكلور الفلسطيني لفؤاد عباس، وسواها من المراجع (مع غياب موسوعات أخرى تخص جنوب الجزيرة والخليج العربي والمغرب العربي!). إذا عرفنا أن هناك عوامل تساعد في وضع تصنيفات ذات معقولية لهذه "الثقافة الشعبية" بحسب المكان والمجتمع والتاريخ والتجربة والوظيفة تمكننا من محددات واضحة بدلاً عن فوضى محتمة كلما أخذتنا مقترحات عدة لذات المضمون عبر فوضى اصطلاحية وترادفية معنوية. وتتيح لنا مادة"الفنون الشعبية" إثارة أكثر من إشكال معرفي ووظيفي وفئوي وجغرافي حيال منتجات "الثقافة الشعبية"(الموسوعة، ج 3، ص: 385-392). فالمكان يفتح السؤال حول سؤال البيئة والإقليم والجهة، والجماعة يفتح سؤال الطبقة والفئة والأقلية، والثقافة نفسها تفتح سؤال المعرفة والحضارة. ويمكن وضع محددات أساسية بتصنيف الفعالية الوظيفية بين تراث (مبطل الفعالية)، وموروث (فاعل ومستمر) على مستوى التفرقة بين مأثور يشكل رافداً فاعلاً وبين تراث يبدو ساكناً صامتاً ضمن إطار "الثقافة الشعبية"، ويمكن أيضاً وضع تصنيف بحسب النوعية بين ثقافة معنوية (ذهنية غير مادية)، وأخرى مادية. وبحسب النشاط الثقافي والدور الوظيفي لهذا التراث والموروث تندرج فنون عدة، ولا يمكن فصل الفنون عن آدابها لارتباط وثيق جداً بينها، سببه تعدد وظائف مبدعيها في نفس الوقت، وتداخل دور كل جنس أدبي أو فني بين بعضها. وهذا ما يجعل التصنيف يدرجنا في تسميات من شاكلة: فنون الأداء (الشاعر والمنشد)، وفنون الحركة(الرقص واللعب)، وفنون البصر، وفنون التمثيل.. * قدمت الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر ضمن إطار إصدارات سلسلة الدراسات الشعبية من تحرير محمد الجوهري "موسوعة التراث الشعبي العربي"(2013).هنا إكمال لمقالة سابقة.