سجلت البرامج الرياضية التلفزيونية المصاحبة لدورة الخليج الحالية سقوطاً مدوياً قلما أن نشاهد مثله، وكنا نتوقع أن يرتقي مضمون هذه البرامج إلى الواقع الحقيقي للتطور التقني الذي تشهده محطات دول الخليج التلفزيونية، وإذا بنا نشاهد العكس، هذا من ناحية المضمون وهو الأهم في العملية الإعلامية ككل، ولكن شكل البرامج تنوعَ فشاهدنا العديد من فنون البرامج التلفزيونية المتنوعة، ورأينا نجاحاً في هذا المجال. لكن المضمون وهو الذي يحكم عليه في الغالب ويخضع للدراسات الإعلامية تجاوز كل الحدود في المهنية وفي الطرح الإعلامي الذي يفترض أن تقدمه الرسائل الإعلامية، والتي تهدف عادة إلى التثقيف أو الترفيه أو التعليم أو الإخبار، ما حملته مضامين تلك البرامج كان مسخاً لهذه الوظائف التي يحاول أن يقدمها الإعلام، وكان يعتمد على الإثارة الممجوجة التي لا تفيد المتلقي او تضيف إلى رصيده جديداً، بل تدخله في عداد المتلقين السلبيين اذ أنه يشاهد برنامجاً ويخرج منه من دون أي فائدة. ليت القائمين على البرامج الرياضية يقومون بجولة ريموت كنترول على البرامج الرياضية المصاحبة للدوري الانكليزي الذي تنقله قنوات ابوظبي الرياضية المصنف بأنه واحد من أعظم الدوريات في العالم، خصوصاً أن هذا الدوري مر عليه 150 عاماً، وهو الدوري الأقدم في العالم، ومع ذلك لا يمكننا أن نشاهد خروجاً على النص في هذه البرامج ولا في التحليلات الرياضية، ولا نشاهد لغة التخوين والتنظير والاستهزاء التي تحفل بها برامج تلفزيونات دول المنطقة، علماً بأن تجارب من يظهر في قنواتنا الرياضية لا يملك لا الخبرة أو الرؤية الفنية التي يملكها نقاد البرامج في قنوات التلفزيونات الأجنبية. وربما يقول قائل إن بريطانيا مهد كرة القدم تجاوزت مراحل متعددة إلى أن وصلوا للمرحلة الحالية وهي مرحلة النضج، ويرد عليهم من طرق كثيرة لعل أبرزها: لماذا لا نستفيد نحن من تجارب الآخرين ونبدأ من حيث انتهوا، ونطبق سياسة حرق المراحل وصولاً للمرحلة الأهم، ونتجاوز مرحلة البدائية التي ابتليت بها برامجنا الرياضية التلفزيونية. للأسف هناك من أوحى لبعض القنوات أن الشخصيات التي تجيد الصراخ ورفع الصوت وتقديم المعلومة الزائفة أو الكاذبة أو المضللة هي المطلوبة لدى فئة كبيرة من الجماهير، وأن وجود مثل هذا الشخصيات سيجلب مشاهدة كبيرة وسيعطي القناة زخماً جماهيرياً، لكن الحقيقة أن المشاهد لم يعد بذلك المشاهد الذي يمكن أن يستمر طويلاً في متابعة الغث والسمين، بل أنه أصبح مشاهدا انتقائياً يملك خبرة عريضة في التفريق بين الحقيقة والتزييف، وسيأتي يوماً لهذا المشاهد يضع حداً لهذه البرامج، وهذا يحدث حالياً بعد تعدد القنوات التلفزيونية. وإذا كنا ننتقد البرامج التلفزيونية بما تقدمه فيجب أن نشيد بالطرح الصحفي الذي تقدمه الكثير من الصحف الخليجية، والنجاح الذي أصابته من حيث تواجده في ارض الحدث وفي المضمون الذي تقدمه وبالشكل الذي تخرج به هذا المضون، واشادتنا بهذا الطرح الصحفي يأتي وفق الصعوبات التي تواجه الصحف من حيث مزاحمتها من قبل وسائل الإعلام الجديد، ومزاحمتها كذلك من قبل التلفزيوني الذي ينقل الحدث مباشرة، ومع هذا رأينا حضورا صحافيا مميزا في كثير من الأحداث التي صاحبت "خليجي21".