لم تعد ثمة ضرورة للتذكير بأن الإعلام التلفزيوني في العالم بات مشغولاً بهموم الناس ويسعى الى تقديم الحلول المناسبة لبعض المشكلات التي قد تعترض سبيلهم ولا يستطيعون لوحدهم إيجاد حلول مناسبة لها، بل كذلك إشراكهم في إيجاد هذه الحلول من طريق استضافة مجموعات من المتخصصين سواء في علم النفس أو علم النفس الاجتماعي أو في المسائل القانونية أو غيرها. وهو ما دفع بكثير من الباحثين في مجال الإعلام، إلى التمييز في هذا الصدد بين مرحلتين في حياة التلفزيون: مرحلة «الباليو تلفزيون»، أي التلفزيون في حلته القديمة حيث كانت البرامج الاجتماعية تقدم النصائح في شكل أحادي من لدن مقدم البرنامج، ومرحلة «النيو تلفزيون» أي التلفزيون في حلته الجديدة حيث نرى هذا الانفتاح الإيجابي على مشكلات الناس ودعوتهم للحضور إلى البلاتوه في برامج اجتماعية خاصة بهذا النوع من الإعلام، وتقديم مشاكلهم أمام مختصين. هذا إضافة الى انفتاح هذا النوع من البرامج على المشاهدين من طريق توفير أرقام هاتفية للاتصال بالبرنامج وإبداء الرأي. وهو أمر قد أصبح ملاحظاً الآن حتى في القنوات التلفزيونية العربية بعد أن كان سائداً في السابق في القنوات التلفزيونية الغربية بالخصوص. صورة مغربية وفي ما يتعلق بالتلفزيون المغربي، فإن هذا النوع من البرامج الاجتماعية الهادفة بات يجد له حضوراً قوياً سواء في القناة التلفزيونية الأولى أو القناة التلفزيونية الثانية، بل إن البعض من هذا النوع من البرامج يلاقي استحساناً كبيراً من الجمهور المشاهد للخدمات الإنسانية التي يقدمها سواء في العثور على بعض المختفين عن أسرهم أو في إقامة الصلح بين بعض المتخاصمين حول ميراث معين أو حول قضية محددة. ويمكن لنا أن نقف في هذا الصدد عند بعض هذه البرامج التلفزيونية ذات الطابع الاجتماعي بغية إيضاح نوعية المواضيع التي تطرحها من جهة وكيفية تقديمها في شكل تلفزيوني مقبول يراعي الطابع الفني في عملية التقديم والحرص على شد انتباه المشاهد من جهة أخرى. هكذا يمكن لنا الحديث على سبيل المثال عن برنامج «مختفون» الذي يقدمه الإعلامي عادل بنموسى، على القناة التلفزيونية الثانية «دوزيم». والإعلامي عادل بنموسى وجه مألوف لدى مشاهدي القناة التلفزيونية الثانية. فقد أطل عبرها على المشاهدين عام 2001 عبر نشرات الأخبار، لكنه هذه المرة سيختفي عن هذه النشرات ليضرب لمشاهدي القناة موعداً شهرياً في هذا البرنامج التلفزيوني الاجتماعي. وهذا البرنامج يحمل على عاتقه رسالة إعلامية واجتماعية، «تقوم على أساس الإبلاغ عن حالات اختفاء وكذا الإخبار عن العثور على مختف، من خلال ريبورتاجات ميدانية، تنقل حزن الأسر لفقدان قريب أو فرحتها بعد عملية العثور عليه». وهناك فقرة أسبوعية مرتبطة بالبرنامج تحمل عنوان «نداء» يتم فيها عرض نداءات آباء، وأمهات وزوجات وأبناء يبحثون عن أقرباء، بعضهم حديثي الاختفاء، ومنهم من قد اختفى منذ سنوات. ونتيجة لما حققه هذا البرنامج التلفزيوني من نجاح في العثور على كثير من المختفين الذين تم طرح حالتهم فيه، نجده وقد حظي ويحظى بمتابعة كبيرة من لدن المشاهدين. كما أن طريقة تقديمه سواء من لدن الإعلامي عادل بنموسى أو من لدن التعليق المرافق للحالات المعروضة فيه أو الشهادات التي يقدمها أهل المختفين أو أصدقائهم، ودعوة بعض الباحثين والمختصين في مجال علم النفس الاجتماعي أو بعض الأطباء النفسانيين، ساهمت وتساهم إلى حد بعيد في شد انتباه المشاهدين، إضافة طبعاً إلى المضمون الاجتماعي الإنساني الذي بني عليه البرنامج وهو البحث عن المختفين ومساعدة أهلهم في العثور عليهم. وإضافة إلى هذا البرنامج التلفزيوني ذي الطابع الاجتماعي الإنساني هناك برامج تلفزيونية أخرى تم عرضها أو يتم عرضها الآن على شاشة التلفزيون المغربي سواء في القناة التلفزيونية المغربية الأولى أو القناة التلفزيونية المغربية الثانية «دوزيم»، مثل برنامج «الخيط الأبيض» أو برنامج «أسر وحلول» أو برنامج «إليك» أو غيرها من البرامج التلفزيونية الاجتماعية الأخرى، ساهمت هي الأخرى في تحقيق هذا التواصل الإعلامي والإنساني بين التلفزيون والمشاهدين. على أي حال يمكن القول إن هذا النوع من البرامج التلفزيونية ذات الطابع الاجتماعي والإنساني يساعد في انفتاح التلفزيون على المحيط الاجتماعي وتحقيق بالتالي هذا الترابط الذي يجب أن يكون بين الإعلام بمختلف أنواعه وفي مقدمه الإعلام السمعي البصري وبين متلقي هذا الإعلام خدمة للصالح العام.