بالرغم من خروج أصدقاء سوريا بإجماعٍ على الاعتراف بالائتلاف السوري إلا أن وراء هذا الإجماع خلاف حقيقي بين الأصدقاء. يتضح هذا الاستنتاج للمتتبع لتعليقات وكلمات المسؤولين المشاركين في المؤتمر، إذ يبدو ان الانقسام في المواقف تجاه دعم المعارضة السورية هو محور الخلاف فهنالك موقفان مازالا في حالة شد وجذب لا يؤثران بشكل جوهري على الانتصارات المحققة للمعارضة السورية. الأول: الالتزام الأوروبي نحو المعارضة مازال محصوراً في إطار المساعدات الإنسانية وقد بدا ذلك واضحاً في كلمة وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني الذي أشار صراحة إلى أن بلاده ستركز في الوقت الحالي على نقطة واحد وهي المساعدات، لكنه عاد ليحدد نوع المساعدات التي ستمد بها لندن المعارضة السورية بقوله "في حالتنا سيكون دعمنا غير مسلح بل سيركز على المساعدات الإنسانية". جاءت بعد ذلك تصريحات لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي لتؤكد تأرجح وتردد الدبلوماسية الأوروبية غير الحاسمة فباريس غير مستعدة بعد لتزويد مقاتلي المعارضة السورية بالسلاح بالرغم من تشكيل مجلس عسكري جديد، على حد قول الوزير الفرنسي. الموقف الآخر لمؤتمر أصدقاء سوريا كان يدفع باتجاه الحسم على الأرض وبدا ذلك واضحاً في كلمة الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الذي طالب بدعم المعارضة السورية، وبشّر قائلاً " مقاتلي المعارضة يقتربون من النصر وإنه يجب على العالم دعمهم". وهو ما يمكن اعتباره موقفاً خليجياً موحداً إذ اعتبرت دول المجلس دافع الشعب عن نفسه مشروعاً تجاه آلة قتل لا ترحم، وهو أمر بدا في ذلك الوقت لدول غربية مزعجاً لكنها ما لبثت وأن اقتنعت بمضمون الفكرة مع تحفظ على تنفيذها. وبين هذين الموقفين، يبدو الموقف الأميركي الذي أعلن عشية انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا اعترافه بالائتلاف الممثل الشرعي للشعب السوري وكان إعترافاً مهماً، بالرغم من تردد واشنطن في الاعتراف به في البداية. موقف أميركا جاء متزامناً مع وضعه " جبهة النصرة " على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما رأته المعارضة قراراً متعجلاً وطالبت بإعادة التفكير به، هاتين الخطوتين الأميركيتين يمكن تفسيرهما على وجهين: 1- الاعتراف بالائتلاف يدفع أميركا صراحة بدعم المعارضة عسكرياً، وهو التي التزم وتعهد به رجل البيت الأبيض باراك أوباما إبان حملته الانتخابية. مع حديث بأن واشنطن تقوم بذلك تحت غطاء السرية عن طريق أسلحة روسية تمررها عن طريق الجيش الحر عبر ليبيا. 2- وضع واشنطن "جبهة النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية ربما يعجل بتدخل أميركي عسكري من أجل الحسم على الأرض، وهو أمر له صلة بقلق واشنطن من تنامي الجماعات الجهادية في خضم هذا النزاع العسكري، الامر الذي من شأنه تهديد المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في منطقتها الحيوية ، و يعيد لنا التدخل الأميركي في البوسنة الذي كانت إحدى أهدافه غير المعلنة منع تشكل جماعات جهادية في أوروبا، مع وجود هدف آخر لا يقل أهمية عنه وهو التهديد الذي يمكن أن تشكله الجماعات على أمن إسرائيل الحليف الوثيق لواشنطن. يبقي أن أوروبا المترددة لن تقدم على قرار التدخل وحيدة، كما أن ذلك ينطبق تماماً على واشنطن التي لن تقوم بذلك لوحدها أيضاً، وبين هذا وذاك يبدو ان الأمور تتجه نحو حسم عسكري سوري خالص بشهادة روسية بأن المعارضة تنتصر.