36 شهيدًا فلسطينيًا في غزة بينهم أطفال ونساء    عبدالله بن فهد : ختام مميز لجولة الرياض يعكس عراقة الجياد العربية    أمانة الشرقية وجمعية بناء يناقشان سبل تقديم الدعم لرعاية الأيتام    طالب سعودي يحقق الميدالية الفضية بمعرض جنيف الدولي 2025 للاختراعات    مجمع الدمام ينقذ مريضة من نزيف يهدد حياتها    المراعي تنفذ أكثر من 240 مبادرة مجتمعية خلال الشهر الكريم بقيمة تجاوزت 715 ألف ريال    "روح السعودية" راعياً بلاتينياً لمنتدى العمرة والزيارة 2025    وزير التعليم: سمو ولي العهد يضع تنمية الإنسان في صدارة أولويات التحوّل الوطني    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    مصر ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة    جامعة الأمير سلطان تحتضن النسخة الثامنة من المؤتمر الدولي للمرأة في علم البيانات ( WiDS PSU 2025)    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    تمديد أعمال المسح للمنشآت الصناعية بالسعودية إلى 4 مايو 2025    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    رياح نشطة وأتربة مثارة على الرياض والشرقية    السعودية تدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر وأسفرت عن عدد من القتلى و الجرحى    فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بجازان يطلق اليوم ندوة حوارية    السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة الحجاج    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    السعودية ترحب باستضافة عمان المحادثات الإيرانية- الأمريكية    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    ترتيب هدافي دوري روشن بعد ثنائية رونالدو أمام الرياض    موسم الدرعية يودع زواره بعد تجارب في الفنون والتراث    الخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    أخضر السيدات يختتم معسكر الدمام    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    دور استثنائي    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تنافس نصراوي - اتحادي على مدافع الأرسنال    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    فيضان البيانات وفقر الخيال    في ظلال مطاع صفدي والفلسفة الأخيرة    فريق النهضة للكاراتيه تحت 12 عامًا يتأهل للدوري الممتاز    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أدوية القلق تغير سلوكيات السلمون    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضغط الزمن على الإنسان
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 25 - 10 - 2012

مع أننا نُدرك الزمن إلا أنه يصعب أن نعرّف هذا الزمن تعريفًا دقيقًا يمكن التحقّق من صحّته على المستوى الوجودي. ونلجأ إلى الإشارة إلى مفاهيم الزمن والمعايير المرتبطة به فيزيائيًا أو لغويًا لتسهيل التعرّف عليه. والمقصود به هنا مرور الوقت علينا في الصباح وفي المساء، وتمثله خلال دورة الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات.
إن دورة الزمن هذه تقوم بعمليات تغيير كبيرة تحصل في الكون وفي الإنسان، ففي أجسادنا كم كبير من الخلايا تموت، وأخرى تنشأ مع مرور الوقت اليومي، ولكننا لا نشعر بذلك لأننا نعيش ضمن دائرة الزمن نفسها. نلاحظ التغيرات الجسدية على الأطفال والكبار، لكننا قد لانلاحظ مايجري داخلنا من تغيرات نفسية وعقلية جرت مع الزمن حتى وإن لاحظنا التغيرات الشكلية التي تطال ملامح الجسد.
هذا الزمن الذي يسير ونتعامل معه مستسلمين له أحيانًا، لأننا لانملك سبيلا لإيقافه، أو تحريك عجلته نحو وجهة معينة دون أخرى؛ وأحيانًا نُعاند الزمن في محاولة للسيطرة عليه، أو بتجاهله تمامًا وكأنه لم يمرّ علينا. وهذا التعامل نتعرّف عليه من خلال السلوك اليومي الذي نقوم به. فالاستسلام للزمن يظهر من خلال شكلين من السلوك الذي نمارسه في حياتنا، فهناك سلوك غير مبالٍ بما يحدث بسبب الاعتقاد الجازم بعدم إمكانية التغيير لأي شيء، فتجد الشخص عاطلا عن العمل ولايبحث عن أي فرصة وظيفية، وإن بحث فعل ذلك مرغماً، وبيأس شديد، وكأنه لايملك أي قدرة على شيء. وهذا نوع من الفهم المتطرف الذي يجعل صاحبه يشعر بعدم الجدوى من العمل، نجده بشكل أوضح في اقتناع البعض من انعدام الجدوى من الحوار، أو النقاش في أي موضوع، أو انعدام الجدوى من الصبر والتروّي، ولهذا نجد البعض بسبب هذا النوع من اليأس يصل إلى درجة القنوط، وقد ينتقل معه هذا الشعور إلى الحياة بشكل عام فلايجد لها قيمة.
وهناك تعامل أكثر وعيًا بحقيقة دورة الزمن، وأهمية التعامل معه بمنطقٍ أفضل، من خلال تقدير أنّ ما حصل في لحظة من الزمن قد حصل بخيره وشره، وأي ندم عليه لايعيده كما كان، كما يعبر عن ذلك الشاعر الشعبي:
ما ينفعن كثر المنى لو تمنّيت ولاينغرف دمٍ صفق بالسهالي
وهذا التعمل يحتم على المرء أن يبذل الجهد، ويصل إلى أقصاه، مع توخي السبل الناجحة، وليس عليه ضمان النتيجة التي يُريدها. وبهذا يمكن تنظيم الزمن إلى وحدات والاستفادة منه دون حاجة للقلق لما سيحصل خارج توقعات المرء، كما يقول أبو الطيب المتنبي:
لاتلقَ دهرك إلا غير مكترثٍ مادام يصحب فيه روحَك البدنُ
فما يدوم سرور ماسررت به ولايرد عليك الفائتَ الحزنُ
إن ترقب الزمن، والخوف من المستقبل، يقذف المرء في دوامة متلاطمة من القلق الدائم الذي يجعله يعيش سوداوية ماكان له أن يعيشها، لو عمل مايستطيع وترك الانشغال بأمر ما سيحدث، لأن ذلك خارج قدرته.
أما معاندة الزمن، فيظهر السلوك المعبّر عنها من خلال عدم الاعتراف بتأثيراته الزمن على المرء ومحاولة التغلّب على تلك الآثار بالقوة، وهو ما نلحظه بشكل أكبر عند بعض الرجال وبعض السيدات ممّن لايصدقون أنهم كبروا، وأصبحوا آباء أو أجدادًا، فتجد الواحد أو الواحدة منهم يعمل المستحيل لكي يمنع التغييرات الجسدية من الظهور بما يُوحي بالكبر، أو التعب، أو العبور إلى مرحلة عمرية أخرى. كما تظهر معاندة الزمن، عند بعض المحافظين الذين يريدون من أبنائهم أن يعيشوا كما عاشوا وأن يستمتعوا بالأمور التي كانوا يستمتعون بها، وكأنهم يريدون من الزمن أن يبقى في لحظة معينة، وتحذف منه كل المتغيرات التي جادت بها الحياة مع مرور الوقت.
والعجيب أن ضغط الزمن حينما يكون قصيرًا تظهر تأثيراته بوضوح، كما هو الحال في استعداد الناس لأيّ مناسبة قبل موعدها بوقت وجيز؛ وكأن الطاقة الكامنة لدى المرء تظل مخزنة ثم يدفعها الزمن للظهور، فتجد الشخص نشيطًا يحاول استثمار كل دقيقة من الوقت لكي لايفوت عليه. ولكن هذا الضغط المؤقت حينما يتعاقب على الحياة فإنه يحدث شرخًا في الوعي بالزمن لدى الشخصية التي ترتبك عند التعامل مع الزمن لأن ثمة خوفًا دفينًا من هروبه بسرعة؛ فتجد الشخص يتحدث بسرعة وقد يُعجّل ببعض التصرفات قبل أوانها، ما يكدّس الأخطاء ويجلب المتاعب من جديد.
ويتبين أن الزمن عنصر شفاف في وجوده، وعميق في تأثيره على حياتنا، والمرء يسير في هذه الحياة وفقًا للإحساس الزمني الكامن في وعيه، والذي تأسس في مرحلة مبكرة من حياتنا حينما كان الطفل يصغي باستكانة إلى دقات قلب الأم وهي تربت على الرضيع ويستلهم إيقاع الصوت من حوله، حتى كبر وتلقّى إيقاعات الطبيعة الهادئة والصاخبة وتشكلت شخصيته تبعًا لهذه المنظومة الموسيقية المتداخلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.