لا تستطيع تحمّل الغربة * ابنتي تبلغ من العمر 25 عاماً، أنهت دراستها الجامعية وذهبت في بعثة خارجية إلى إحدى الدول الأوروبية مع شقيقها، وبعد أن قضت حوالي ستة أشهر من سفرها للبعثة، صارت تتصل عليّ بشكلٍ مستمر وهي تبكي وتشتكي من رغبتها في العودة للملكة، وتقول لي بأنها أصبحت تعيش في قلق وخوف مستمر ولا تستطيع أن تذهب إلى الجامعة بشكلٍ منتظم وأنها تبكي دائماً وتشعر بأنها لا تستطيع تحمّل الغربة، برغم أن معها شقيقها، ومع ذلك تشكو من الوحدة، واضطرب عندها النوم والأكل ونقص وزنها وتشعر بالكآبة وعدم قدرتها على التركيز في الدراسة برغم أنها كانت من الأوائل خلال دراستها الجامعية، والآن لا أعرف كيف أتصّرف معها. أتصل عليها بشكل مستمر وأطمئنها وأحاول أن أخفف عليها المشكلة لكن أعتقد بأنها تُعاني من مشكلة نفسية، فهل هذا مرض نفسي أم فقط بسبب مشاكل الغربة وكيف يمكنني مساعدتها وهل أطلب منها مراجعة طبيب نفسي في البلد الذي تدرس فيه، برغم أنها تقول بأن الأطباء النفسيين في البلد الذي تدرس فيه لا يفهمون ظروفها ومشاكلها بحكم الاختلاف في الثقافات، فأرجو إفادتي برأيكم ولكم خالص الشكر. س.ص - أخي العزيز، كثيراً من المبتعثين وخاصةً الفتيات يتعرّضن لمشاكل نفسية عند بداية دراستهن في الخارج، حتى ولو كان معها شقيقها، فهي تشعر بالغربة لأنها قد تكون المرة الأولى التي تُفارق الأسرة و تتغرّب في مجتمع مختلف تماماً عن المجتمع والبيئة التي نشأت فيها. قد يكون هذا هو اضطراب عدم تكيّف، وهذا يحدث كثيراً عند تغيير المكان والبعد عن الأهل والانخراط في مجتمع جديد يختلف تماماً ولا تعرف كيف تتعامل مع الظروف الجديدة التي أصبحت فيها. ما تفعله معها جيداً وأمر قد يُساعدها على التغلّب على المشكلة التي تمر بها حالياً. لا أنصحها بأن تقطع البعثة وتعود إلى المملكة لأن ذلك قد يُصعّب عليها العودة مرةً آخرى للدراسة. أعتقد بأن مراجعتها لطبيب نفسي في البلد الذي تعيش فيه و ربما يكون هناك أطباء عرب أو مسلمون يعرفون الظروف الاجتماعية لمن هم في مثل حالتها، إذا لم يكن هناك طبيب نفسي عربي أو مسلم، فيمكنها مراجعة طبيب من نفس البلد وربما تشرح له ظروفها وقد تكون تُعاني فعلاً من اضطراب نفسي، مثل الاكتئاب أو أحد اضطرابات القلق وربما تحتاج لعلاج دوائي وكذلك علاج نفسي يمكن أن يُساعدها في التغلّب على مشكلتها. إذا لم تشعر بالارتياح فأعرض عليها أن تزور المملكة في عطلة رسمية وتُراجع طبيباً نفسياً فهذا قد يُساعدها على العودة مرةً آخرى إلى دراستها، أتمنى لها التوفيق في دراستها وأن تعود لإكمال دراستها العليا فهذه فرصة جيدة لها في المستقبل وإن شاء الله تكون هذه المشكلة مرحلة في حياتها تتجاوزها بمساعدتكم وكذلك مساعدة المختصين.