أثار بيان وزارة الداخلية الأخير حول الخلية الإرهابية التي تم القبض عليها استغلال الفئة الضالة المساجد في تخزين أسلحتهم وموادهم التفجيرية؛ لتنفيذ خططهم الإرهابية، حيث تساءل عدد من المواطنين من الجنسين عن استغلال مسجد لا يكاد يخلو من المصلين على مدى خمسة فروض يومياً ومع وجود الإمام والمؤذن والحارس، حيث يفترض أن يكون لهم دور رقابي على ما أؤتمنوا عليه، إضافة إلى دور أكبر من وزارة الشؤون الإسلامية في تفقد مرافقها والحرص عليها، من خلال تكثيف الجولات التفتيشية!. "الرياض" زارت عددا من الجوامع والمساجد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية، والتقت عددا من الأئمة والمؤذنين والمصلين للكشف عن مواطن الضعف التي مكّنت ضعاف نفوس من استغلال المساجد في مخططاتهم الإرهابية. راتب الحارس ضعيف بداية كان ضعف المكافآت المالية المقدمة لحراس المساجد سبب قوي لأن يتواطأ أياً منهم مع ضعاف النفوس، حيث تراوحت مكافآت الحراس بين 400 و1200 ريال شهرياً - حسب ما كشفته جولة "الرياض". وقال حارس مسجد من الجنسية الباكستانية عن مهامه: "سكني الدائم في المسجد، ومهمتي اليومية إغلاق المسجد بعد الانتهاء من أداء الفروض الخمسة وفتحها قرب الصلاة، كما يوكل إلي تنظيف دورات المياه والمسجد ومرفقاته، حيث إن شركة التنظيف لا تأتي ولا تزاول مهامها". بينما أضاف حارس آخر من جنسية باكستانية لأحد المساجد أن مكافأته المالية لا تتجاوز 400 ريال شهرياً، وبعد تذمره عدة مرات وإخلاله بمهامها التي كلفه بها الإمام، زادت 200 ريال يدفعها الإمام والمؤذن له شهرياً ليصبح دخله 600 ريال، مشيراً إلى أنه لا يعلم شيء عن المسجد فترة الصباح، فهو يقوم بعمل آخر ليرفع من مستواه المعيشي الذي لا يكفيه مؤنة يومه، مع العلم أن الإمام والمؤذن يعلمون عن تغيبه، وعند سؤاله عمن يفتح المسجد لصلاة الظهر حال غيابه؟، قال: "أُعطيه صديقي لحين عودتي"!. وقال الحارس "عبدالحليم": "أذهب بين الصلوات لغسيل سيارات سكان الحي، حيث مبلغ 400 ريال لا يغطي تكاليف معيشتي، ومهامي هي فتح وإغلاق الباب للمصلين فقط!". فتح أبواب المسجد بحاجة إلى توقيت محدد ومعلن وليس في كل الأوقات عدم التفرغ وغياب الرقابة! في الجانب الآخر كان لعدم التفرغ لمهام الإمامة والأذان أوفر الحظ والنصيب، فدور الإمام لا يتوقف على إقامة الصلوات الخمس، بل تمتد لأدوار أعظم وأكثر عمقاً وتأثيراً في الحي، حيث قال الإمام والخطيب "أبو عبدالرحمن" - منذ عشر سنوات - إن دور الإمام يتفرع إلى أمرين، الأول هو إقامة الصلوات المفروضة والسنن الرواتب كالتروايح والقيام وخطبة الجمعة، والدور الثاني يكون دورا توجيهيا توعويا رقابيا، من خلال الدروس اليومية بعد صلاة العصر أو المغرب، والحث على زيارة الجار والزيارات المتبادلة بين أفراد الحي، إلى جانب زيارة المريض والمشاركة بأفراح وأتراح سكان الحي وتفقدهم، مبدياً استياءه من الاستغلال الآثم لملحقات المسجد من قبل الفئة الضالة، مرجعاً السبب إلى ضعف الرقابة والجولات التفتيشية من قبل وزارة الشؤون الإسلامية للمساجد وما يتبعها. واضاف أن ضعف الرقابة وعدم التفرغ التام للمسجد سبب رئيس في تواطؤ ضعاف النفوس من الحراس أو غيرهم مع هذه الفئة الضالة، مشيراً إلى أن بعض المساجد يتم تعيين الحارس فيها عن طريق الإمام أو المؤذن، مشدداً على ضرورة وجود قاعدة بيانات متكاملة لدى الوزارة عمن يعمل في الجوامع والمساجد، وأن يكون التفرغ شرطا رئيسا للإمامة والأذان، وأن يكون هناك تواصل مستمر بين الوزارة والأئمة حتى في الإجازات تكون عن طريق الوزارة، وفيها يرشح الإمام أو المؤذن من ينوبهما، داعياً إلى وضع معايير واضحة لاختيار الإمام والمؤذن وأن لا تصبح وظيفة ودخلا!. تعاون أكبر واتفق معه المؤذن "علي"، وزاد أن المجتمع بحاجة إلى تعاون أكبر بين وزارتي الداخلية والشؤون الإسلامية، من خلال توجيه أئمة المساجد والمؤذنين في رفع تقارير دورية توضح أي ملاحظة على شباب الحي، أو أي توجهات فكرية تدعو إلى أمور مشبوهة، إضافة إلى الدور التوعوي والاجتماعي وتنوير فكر الشباب وتذكيرهم بالله والانصات لهمومهم ومشاكلهم، ومحاولة الإصلاح بين المتنازعين. وقال أحد الأئمة - الذي يتقاضى أربعة آلاف ريال من الوزارة مكافئة له: "ظروف عملي خارج الرياض - المجمعة - تجبرني أن لا أؤم المصلين إلاّ في فرضين أو ثلاثة في اليوم"، مع العلم أن مكافئة الإمام تراوح بين 3500و4000 ريال وربما أكثر؛ بحسب إن كان إماما أو إماما وخطيبا، ومكافأة المؤذن تراوح بين 2800 و3400 ريال)!. مصلون ينتظرون صيانة ونظافة مستمرة لمسجد الحي سكن الإمام والمؤذن! وشكّلت قضية السكن المخصص للإمام والمؤذن من قبل وزارة الشؤون الإسلامية أو فاعلي الخير مدخلاً آخراً لضعاف النفوس، حيث إن العديد من الأئمة والمؤذنين يمتلكون بيوتا خاصة لهم، ولا حاجة لهم بالمساكن الملحقة بالمسجد؛ فيستفيدون منها كتجارة عن طريق تأجيرها على عدد من العوائل والوافدين، وينالهم من العقار ما ينالون من ارتفاع في الإيجار. وأوضح أحد الساكنين في منزل يخص الإمام أنه يدفع للإمام سنوياً عشرين ألفا بعدما كان يدفع له 13 ألفاً، مشيراً إلى أن الإمام جزأ المنزل إلى ثلاثة الدور السفلي والعلوي والسطح، ويجمع فيه عوائل سعودية وعربية بإيجارات مختلفة. وقال أحد الأئمة: "لا حاجة لي بالسكن فأعرته ابن عمي بمبلغ زهيد"، مقترحاً أن يكون هناك هيكلة معينة في تنظيم سكن الإمام والمؤذن، من خلال التأكد من امتلاكهما لمسكن من عدمه، وفي حال عدم حاجة المؤذن والإمام لهما أن يرشحا من هو أحق بهذا السكن من شباب الحي المقبلين على الزواج، ومن يشهد لهم بالصلاح والمواظبة على الصلاة جماعة". حارس مسجد داخل غرفته ويلاحظ وجود أجهزة حاسب جولات تفتيشية وأوضح عدد من الأئمة والمؤذنين - ممن التقتهم "الرياض"- أن جولات الوزارة - التي وجدت في بعض المساجد والبعض الآخر لم تشملها- لا تتجاوز الجولة الواحدة كل شهرين أو ثلاثة، كما أن الصيانة تكون في الغالب من قبل سكان الحي وفاعلي الخير، كما يوجد بعض المساجد والجوامع الكبيرة التي تشملها صيانة مستمرة من الشؤون الإسلامية، كما اتضح ل "الرياض" أن هناك بعض المصلين يجلبون بعض الكتب الدينية والبروشورات والمصاحف المستعملة للمساجد التي لا تحظى في بعض الأحيان برقابة الإمام أو المؤذن، بينما أكد عدد من الأئمة إطلاعم على كل ما يدخل المسجد أو الجامع.