عاد نشاط الاكتتابات الأولية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بقوة في الربع الثاني من سنة 2012 محققاً أقوى أداء اكتتاب أولي في أي ربع سنة من السنتين المنقضيتين. وقد ساعدت الإدراجات الجديدة، على الرغم من اقتصارها على عدد قليل من البورصات الإقليمية، في امتصاص بعض السيولة الزائدة في المنطقة وفي اجتذاب المستثمرين. ويترقب السوق المحلي طرح أسهم شركة أسمنت المدينة بالربع الأخير من شوال بعد أن وافقت هيئة السوق المالية على طرح 94.6 مليون سهم من أسهم الشركة للاكتتاب العام، والتي تمثل 50% من رأسمال الشركة بقيمة اسمية قدرها عشرة ريالات للسهم الواحد. وسوف يستمر الاكتتاب لمدة سبعة أيام تبدأ من 23 إلى 29 شوال الحالي، حيث سيقتصر الاكتتاب على الأشخاص السعوديين. وحول أنشطة الاكتتابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للربع الثاني من عام 2012 فقد وصل إجمالي عائدات الشركات الإقليمية من خمسة اكتتابات إلى 1.29 مليار دولار ، أي ما يزيد بمعدل ثلاثة أضعاف ونصف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2011 الذي بلغت خلاله عائدات الاكتتابات 374.77 مليون دولار ، وأكثر بمعدل 15.46 ضعفاً مقارنة بالربع الأول من العام الجاري الذي وصلت خلاله عائدات الاكتتابات إلى 82.8 مليون دولار وفقا لتقرير إرنست ويونغ . قيمة الاكتتابات وبلغ إجمالي قيمة الاكتتابات التي سجلتها الشركات الإقليمية في أسواق الاكتتابات خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 1.37 مليار دولار مقارنةً مع 396.47 مليون دولار في النصف الأول من عام 2011، وبنمو قدره ثلاثة أضعاف ونصف تقريباً. وسجلت «مجموعة الطيّار للسفر» أكبر صفقة اكتتاب في المنطقة خلال شهر مايو في السوق المالية السعودية «تداول» بقيمة 364.65 مليون دولار، تلتها صفقة شركة «الخطوط السعودية للتموين» بقيمة 354.09 دولار، وشركة «أسمنت نجران» ، المدرجة أيضاً في السوق المالية السعودية «تداول»، بقيمة 226.58 مليون دولار. وتم إدراج أسهم شركة «إن أم سي» للرعاية الصحية، التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، في بورصة لندن في شهر أبريل من العام الجاري، لتحقق عائدات اكتتاب بقيمة 187 مليون دولار، جاءت بعدها صفقة «بنك نزوى» العماني في «سوق مسقط للأوراق المالية» بقيمة 158.49 مليون دولار. واستضافت بورصة «تداول» 5 اكتتابات أوّلية عامة خلال عام 2011، والتي ساهمت بنسبة 58% من إجمالي القيمة بدول مجلس التعاون الخليجي. مما يؤكد ان سوق الاكتتاب الأوّلي العام في السعودية يعد الأكثر نشاطا في المنطقة خلال الفترة الأخيرة. إلا أنّ المبادلات قد تراجعت بشكل واضح خلال سنة 2011، بحيث انخفض عدد الاكتتابات الأوّلية العامة ب 44% بينما سجّلت قيمة المبادلات تراجعا ب 55% مقارنة بسنة 2010. تحسن النشاط ووفقاً لأحدث تقارير إرنست ويونغ حول أنشطة الاكتتابات العالمية، تحسن نشاط سوق الاكتتابات العالمي خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث تم تسجيل 206 صفقات بقيمة 41.8 مليار دولار حتى الآن في هذا الربع، بنمو قدره 5% من حيث عدد الصفقات، و141% من حيث قيمة الصفقات مقارنةً بالربع الأول من هذا العام الذي شهد 196 صفقة بقيمة 17.4 مليار دولار. ومع ذلك، فإن صفقات هذا الربع كانت أقل بنسبة 46% من حيث العدد و36% من حيث القيمة مقارنةً بالربع الثاني مع عام 2011 الذي شهد 383 صفقة بقيمة 65.6 مليار دولار، والذي كان الربع الثاني الأعلى نشاطاً منذ الفترة نفسها في عام 2007. وكان لصفقة الاكتتاب على موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيسبوك» بقيمة 16.0 مليار دولار، والتي شكلت 38% من إجمالي قيمة الصفقات المسجلة خلال هذا الربع، تأثيراً قوياً على إجمالي عائدات صفقات الاكتتاب التي تم تسجيلها خلال هذا الربع. وحتى من دون احتساب هذه الصفقة، فإن النشاط الإجمالي لصفقات الاكتتاب على المستوى العالمي خلال الربع الثاني من العام الجاري، والتي بلغت قيمتها 25.8 مليار دولاراً، كان أعلى بنسبة 49% من حيث قيمة العائدات مقارنةً بالربع الأول من 2012. من جانبها، قالت ماريا بينيلي، الرئيس العالمي لأسواق النمو الاستراتيجية في إرنست ويونغ: «تعكس نتائج الربع الثاني تفاؤلاً نسبياً إزاء دور صفقات الاكتتاب في جمع رؤوس الأموال. إلا أن هذا التفاؤل يظهر في أسواقٍ محدّدة فقط، بينما لا تزال هناك عوائق تعرقل نشاط أسواق رأس المال ومن بينها انعدام ثقة المستثمرين وحالة الغموض الاقتصادي. وسوف تشكل السياسات النقدية المتوازنة في الأسواق المتقدمة والناشئة عاملاً مهماً في استعادة ثقة المستثمرين والجهات المصدرة». الأوضاع الاقتصادية وقد شهد نشاط التداول في أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي تراجعا في أواخر النصف الأول من سنة 2012 نتيجة للانخفاض في أسعار النفط وتراجع الأوضاع الاقتصادية في أوروبا والأخبار التي تم تناقلها حول التراجع في معدلات النمو في الصين وغيرها من الأسواق الناشئة. وفي أوروبا، بعد ظهور علامات مشجعة مبكرة في الربع الأول، تباطأ نشاط الاكتتاب الأولي بشكل كبير في الربع الثاني من عام 2012، حيث جمعت حوالي 47 عملية اكتتاب أولي 0.7 مليار دولار، بانخفاض بنسبة %65 في حجم الاكتتابات وبانخفاض بنسبة %96 في العائدات من الربع الثاني لسنة 2011 (حيث جمعت 134 عملية اكتتاب أولي 18.4 مليار دولار). وبقيت الأسواق الأوروبية متأثرة بشكل سلبي بأزمة ديون منطقة اليورو وعدم الثقة بالنمو الاقتصادي العالمي ككل خاصة في الصين، مع فترة الركود المعتادة في الصيف واقتراب موعد بدء الألعاب الأولمبية في لندن، من المتوقع أن يبقى نشاط الاكتتاب الأولي الأوروبي هادئاً حتى الربع الأخير من السنة. الصكوك تفوقت واستمرت الصكوك بالتفوق على السندات التقليدية في أدائها في المنطقة في هذه السنة حيث كانت المملكة والإمارات هما الأكثر نشاطا فيها. فقد كانت صكوك بنك التنمية الإسلامي من السعودية وصكوك «جافزا» من الإمارات هي الأبرز في الربع الثاني من سنة 2012، حيث جمعت على التوالي 800 مليون دولار و650 مليون دولار. وخلال نفس الفترة أصدرت حكومة دبي اثنين من الصكوك على سوق دبي المالي بقيمة إجمالية قدرها 1.25 مليار دولار، كما أصدرت الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة أكبر «صكوك» خلال السنة والتي جمعت 4 مليارات دولار. وأضاف ستيفن دريك من بي دبليو سي «يبدو أن أسواق الدين في منطقة الخليج ما زالت منيعة إلى حد كبير ضد حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد العالمي وذلك نظراً للدعم الحكومي المستمر لهذه الإصدارات. وعلى الرغم من التذبذب الذي شهدته أسعار النفط والاضطراب الذي ساد الأسواق الأخرى، تبقى منطقة الخليج محط أنظار المستثمرين الإقليميين والعالميين الذين يسعون للانفتاح على الأوراق المالية للسندات الثابتة في المنطقة».