يبدو أن هناك حملة لتسويق فكرة وقف التقاعد المبكر، ومن يدري فقد تكون هناك نوايا لرفع سن التقاعد من 60 إلى 65، كما ألمح لذلك معالي محافظ التأمينات في تصريحات صحفية سابقة. تمعنت في بيان مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للشؤون التأمينية، الذي وزعه على جميع الصحف، والمنشور في جريدة "الرياض" بتاريخ 22/7/20122 بعنوان: (مساعد المحافظ: الغرامات لا تمثل مصدر دخل لكنها أداة ردع) والذي أشار فيه إلى أن "ازدياد أعداد المستفيدين وارتفاع معاشاتهم بشكل أكبر من أعداد المشتركين وقيمة اشتراكاتهم، ترتب على المؤسسة أعباء مالية مستقبلية كبيرة للوفاء بصرف تلك المنافع للمستفيدين في الوقت الحاضر، وللمشتركين في المستقبل). وأرجو أن يتسع صدر نائب المحافظ لهذا الرد الذي أرجو أن أنقل من خلاله وجهة نظر بعض المشتركين، وأنا أحدهم، وأنصح مسؤولي التأمينات جميعا بقراءة الردود لمعرفة وجهات نظر المواطنين ومنهم المشتركون قبل الإقدام على اتخاذ قرار قد يتسبب في مشكلات كثيرة مستقبلا: 1-التقاعد المبكر حق أصيل للمشترك أقره ولي الأمر، وسيبقى كما هو بإذن الله لاعتبارات كثيرة، وعلى رأسها متوسط عمر الإنسان في السعودية، إضافة إلى الحاجة الملحة لتوفير وظائف جديدة للشباب والشابات الذين يمثلون النسبة الكبرى من السعوديين. فوجود ما يقرب من 1.1 مليون عاطل وعاطلة يستدعي تقليص فترة التقاعد المبكر وليس إلغاءها، إضافة إلى تقليص عمر التقاعد من 60 إلى 55 سنة. فالستون بداية نهاية الإنسان الطبيعية؛ حيث روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"؛ فهل يريد نائب المحافظ أن ترث التأمينات حقوق المشتركين، خاصة وأن من يصل ذلك العمر قلما يكن لديه مستفيدون من معاشه التقاعدي إلا الزوجة!!. أعتقد أن للمشترك كامل الحق بالعيش الكريم، والتفرغ لمواجهة ربه والراحة من شقاء رحلة العمل ومن الظلم مراجعة التقاعد المبكر، أو التفكير في زيادة سن التقاعد. 2- من الطبيعي أن يكون الصرف عبئا ماليا على الجهة المُنفقة؛ ولكن يبقى السؤال الأهم، لماذ لم تستعد التأمينات لمواجهة هذا العبء المتوقع. وأين ذهبت إستثمارات التأمينات، ومن الطبيعي أن تتحمل التأمينات خلال الأعوام القادمة مزيدا من طلبات التقاعد المبكر والنهائي، وهذا جزء من عملها ويفترض أنها خططت لهذه المرحلة جيدا. فمئات المليارات كانت تحت أيديهم لأكثر من ثلاثين عاما ولم ينجحوا في تعظيمها بما يكفل مواجهة مرتبات التقاعد، والتقاعد المبكر، فمن المفترض أن تكون التأمينات قد أسست لها استثمارات نوعية تدر عليها إيرادات ضخمة تفوق إيرادات الإشتراكات بأضعاف مضاعفة، تساعدها مستقبلا في تحمل الالتزامات المالية مع مشتركيها. إن وقف التقاعد المبكر وزيادة سن التقاعد. إن نجحت التأمينات في تمريره واستصدار قرار به، فإنه لن يحل مشكلة التأمينات مع الالتزامات المالية، بل سيؤجلها، اي أن تأجيل التدفقات النقدية اليوم لن يمنع ظهور المشكلة بعد بلوغ المؤهلين للتقاعد المبكر سن الستين. 3-التأمينات تحاول أن تحل مشكلاتها على حساب المشترك وهذا خطأ كبير. فعلى التأمينات إيجاد الحلول الناجعة بعيدا عن منافع المشتركين وعلى رأسها التقاعد المبكر؛ من خلال تنمية مواردها وزيادة منافع المشتركين في آن؛ وهذا يمكن تحقيقه بسهولة. 4-المنافع المُعلنة في نظام التأمينات حق من حقوق المشتركين، ويجب ألا يمن عليهم أحد بها؛ فهي حقوق كفلها النظام بأمر ولي الأمر؛ ولابد من الكف عن التلويح بإلغاء التقاعد المبكر الذي يتسبب في إتخاذ كثير من الموظفين قرار التقاعد المبكر خشية إلغائه على الرغم من أنهم يرغبون في العمل، إلا انهم يخشون مفاجأة قرارات التأمينات المتسرعة. كما أن الدولة حفظها الله هي الداعم لصندوق التأمينات، ولا أظن أن الدولة تمن على مواطنيها برواتب التقاعد المبكر طالما أنها أقرته من قبل، والتجارب الكريمة تشير إلى أن الدولة -حفظها الله- تزيد مواطنيها ولا تنقصهم. كل ما أرجوه ألا يمن أحد على المشتركين بمزايا التأمينات التي فرضها ولي الأمر، وتضمنها نظام التأمينات المعلن الذي بموجبه نشأت العلاقة بين المشترك والمنشأة من جهة، وبين التأمينات من جهة أخرى. فهذه العلاقة قائمة على عقد مبني على قانون وأي مخالفة له أو التراجع عن بعض ما فيه يعتبر إخلالا بالعقود التي أمر الله على إمضائها وعدم نقضها.