من المسلم به أن تطوير الأنظمة، وتحديثها أو تعديلها أمر صحي، ويأتي تبعا لما يطرأ من تغيرات لم تكن موجودة عند وضعها أو قصور في بعض جوانبها لم يتنبه إليه واضعوها، ومن تلك الأنظمة التي تتطلب مراجعة كبيرة نظام التقاعد، وهو أمر يعترف به المسؤولون في المؤسستين المعنيتين. لقد أنشات الدولة مصلحة معاشات التقاعد؛ لتعنى بشؤون العاملين في القطاع العام، وتعرف اليوم بالمؤسسة العامة للتقاعد حيث تقوم على تطبيق نظامين للتقاعد أحدهما للمدنيين والآخر للعسكريين، وبينهما تكامل يتيح للمستفيد ضم خدماته في حال الانتقال من نظام لآخر، أما النظام الثالث فتقوم عليه مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تعنى بنظام تقاعد موظفي القطاع الخاص في الشركات والمؤسسات، ولم تكن هناك أية رابطة تكاملية بين المؤسستين في حال انتقال موظف بينهما مما ساهم في الحد من الانتقال بين النظامين، وحرمان بعض المستفيدين من المعاش التقاعدي بسبب معالجة خدمته في كل قطاع وفقا للنظام الذي قضاها في ظله، وهو ما يتعارض مع الغاية الأساسية لصدور أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية المتمثلة في تأمين مورد مالي ثابت للموظف ولأسرته عند انقطاع مورد الوظيفة بسبب الشيخوخة أو العجز أو الوفاة. وصدر نظام تبادل المنافع بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/ 53 وتاريخ 3/7/1424ه الذي بدأ تنفيذه اعتباراً من 1/11/1424ه لمعالجة وضع هذه الفئات المختلفة، وتبعه قرار وزير المالية رقم 2482 وتاريخ 21/10/1424ه، بالموافقة على اللائحة التنفيذية له. وتوضح المؤسستان على موقعيهما الرسميين أن الغاية من صدور نظام تبادل المنافع هي: تنظيم تكامل المدد، وحفظ حقوق العاملين في القطاعين العام والخاص، وذلك بضم مدد الاشتراك حال الانتقال بين القطاعين تحت مظلة النظام الأخير بحيث يتمكن المشترك في النهاية من الحصول على المعاش التقاعدي أو تحسين معاشه، وتسهيل الانتقال بين القطاع العام والخاص، وتبادل الخبرات، ورفع معدلات السعودة في القطاع الخاص، وتعزيز توجهات الدولة نحو خصخصة بعض المؤسسات، والإسهام في إنجاح الخطط الوطنية في هذا المجال. وقد حدد نظام تبادل المنافع الفئات المستفيدة من النظام وجعله اختياريا، وأعطى الحق للمستفيد بضم الخدمات السابقة إلى اشتراكه الأخير – وهو على رأس العمل – ووسع دائرة المستفيدين لتشمل أحقية ضم خدمات من انتهت مدة اشتراكهم في النظامين قبل البدء بتطبيق النظام، وأعطى الحرية للمشترك في التنقل من نظام لآخر أكثر من مرة. ووضع النظام لضم مدد الاشتراك بين النظامين ستة شروط، أولها: أن يتقدم المشترك بطلبه خلال سنتين من التاريخ المحدد، 01/11/1424ه بالنسبة للموجودين على رأس العمل في هذا التاريخ، ولمن تركوا العمل قبل ذلك، وسنتين من تاريخ الالتحاق بالعمل بالنسبة لمن يلتحقون به بعد التاريخ المحدد، وثانيها : ألا يكون المشترك قد تسلم عن تلك المدة مكافأة أو معاشاً، وثالثها : ألا تقل المدة المطلوب ضمها عن سنة، ورابعها : ألا يزيد عمر المشترك على 59 عاماً، عند طلب الضم « فيما عدا كل من المشتركين الذين تركوا العمل الخاضع للنظامين قبل التاريخ المحدد وكذلك المشتركين الذين مازالوا على رأس العمل الخاضع للنظام الأخير في التاريخ المحدد»، وخامسها: ألا يكون المعاش في النظام الأول قد استحق بسبب العجز، وآخرها : ألا تكون مدد الاشتراك المضمومة مدداً مكملة لاستحقاق معاش التقاعد قبل بلوغ سن الستين فى النظام الأخير، وإنما يجب على المشترك إكمال المدة التى يتطلبها هذا النظام، ما لم تكن أسباب الضم ناتجة من التخصيص، أو كان انتهاء الخدمة بسبب الوفاة أو العجز أو التنسيق من الخدمة، ولا يجوز فى حالة الضم الناتجة من التخصيص الجمع بين المعاش التقاعدي وراتب الوظيفة المشمولة بأي من نظامي التقاعد المدني والعسكري، أو نظام التأمينات الاجتماعية، كما أن الشروط الواردة في المادتين الثالثة والسادسة لا تسمح بأن تكون مدد الاشتراك المضمومة مددا مكملة لاستحقاق معاش التقاعد قبل بلوغ سن الستين في النظام الأخير بل عليه إكمال المدة التي يتطلبها ذلك النظام، وكفلت اللائحة التنفيذية للنظام – وفق شروط وضوابط محددة – حق المشترك في العدول عن طلبه ضم خدماته حتى بعد صدور موافقة الجهة المختصة على طلب الضم، ولا توجد أعباء مالية على المشترك لقاء ضم خدماته حيث يتم تحويل اشتراكاته التي أداها في النظام الأول إلى النظام الأخير وفقاً لجداول اكتوارية معدة مسبقاً ومعتمدة مع نظام تبادل المنافع بين المؤسستين حال انتهاء خدمته، واستحقاقه للمعاش التقاعدي. وقفة : إن المادة الثانية من اللائحة التنفيذية لنظام تبادل المنافع في نصها: «ألا يكون المشترك قد تسلم عن تلك المدة مكافأة أو معاشاً» قد حرمت شريحة كبيرة من المستفيدين في القطاعين العام والخاص، وأضرت بهم، وهم من استقالوا أو تقاعدوا قبل صدور النظام، وبين هؤلاء من تزيد خدماتهم السابقة على خمس عشرة سنة، ولم يدر بخلد أحدهم يوما أن حصوله على مستحقاته المالية سيترتب عليه إضرار به بسبب نظام سيصدر بعد خمس أو عشر سنوات من تركه لوظيفته. إن مؤسستى التقاعد والتأمينات لديهما قاعدة بيانات دقيقة بمشتركيهما، ويمكنهما حصر الفئة المتضررة من نظام تبادل المنافع، وإجراء الدراسات اللازمة للوصول إلى الحل المناسب.