أصبحت في منزلي قبل يومين في مدينة الرياض وكنت قد استقبلت صباحي بالدعاء بأن يحفظ لهذه البلاد أمنها وقادتها والقائمين على كل الأعمال في بلادنا الغالية وإذا برسالة ترد عبر جوالي من أحد الأصدقاء يخبرني فيها بوفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز فكانت تلك الرسالة كاللغم الذي انفجر أمامي وخرجت من منزلي مفجوعاً لعلي أجد في الشارع من يكذب ذلك الخبر ومن هول تلك الصدمة لم أستوعب ذلك الخبر الكارثي وبالرغم من أن خبر وفاته - رحمه الله - تأكد لي بعد استلامي لتلك الرسالة المشؤومة إلا أنني بقيت في ذهول مُطبق وداهمني نفس الشعور المرعب الذي أحسست به عندما توفي والدي أمامي في مدينة الطائف - رحمهم الله جميعاً - لأن سمو الأمير نايف كان قريباً لقلوب كل الناس يحبونه كزعيم ملهم وكقائد ماهر رسم الخطوط العريضة لهندسة الأمن في ربوع البلاد واستفادت من أفكاره بلاد عديدة. وشهود الله في أرضه فمهما قصر الشعراء وكتب الكتّاب لن يوفوا نايف الأمن والأمان حقه. كان سموه - رحمه الله - عبارة عن قاموس مليء بالأمجاد واتصفت شخصيته بعدة مزايا هي الحكمة والرأفة وحسن الوفاد والقدرة على أخذ القرارات الصائبة مع الحرص الشديد على مصالح الناس، لقد أجهشت في البكاء عندما رأيت مشهد جثمانه الطاهر يخرج من الطائرة القادمة من جنيف وبكيت مرة أخرى عندما اتصل مواطن من الحويطات من تبوك وقال بأن الأمير نايف - رحمه الله - قد أمر بعلاج ابني على نفقته الخاصة قبل يومين من وفاته. تلك أحد الدلائل على شعوره بالناس حتى أثناء مرضه العضال، جعل الله ما عمله أبو سعود من أعمال الخير في موازين حسناته.. إنه يصعب علي تدوين مواقفه الدالة على حبه لشعبه ولكن معالي وزير العمل قد ذكر انه قبل وفاته بثلاثة أيام قد أوصاه بالشباب من أبناء هذا الوطن بأن يوجد لهم وظائف وتلاه معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما صرح لوسائل الإعلام بأن ولي العهد أسكنه الله فسيح جناته قد وجهه بالرفق بالناس ومراعاة مشاعرهم والستر على من يطلب الستر ويكفينا فخراً بأن سموه كان يعرف برجل الأمن على مستوى العالم العربي لأنه - رحمه الله - رسم ووجّه بأفضل الطرق لاجتثاث الإرهاب من المملكة. رحمك الله يا نايف. كنت نايف باسمك ونايف بفعلك وعزاؤنا أن أخوتك وأبناءك سيكملون مسيرتك إن شاء الله، رجائي بالله العظيم أن يقبل دعائي لك بالرحمة ويقبل دعاء حجاج بيت الله العتيق الذين دعوا الله سبحانه وتعالى أن يكون ما عملت من خدمة لزوار بيت الله في موازين حسناتك وأن لا يحرمك الله دعاء المصلين في جميع مساجد المملكة الذين صلوا عليك صلاة الغائب. "إنا لله وإنا إليه راجعون".