ثمة إحصائية (مخيفة) عن مدى ازدياد وانتشار التدخين لدى الجنس الناعم في المملكة.. وبالأخص بين الشابات الصغيرات.. وقد تأكدت من ذلك عندما ذهبت الى احدى مدننا الغالية سواء في مقهى أو مطعم ولكم ان تدخلوا إلى قسم العوائل (كما فعلت أنا بصحبة عائلتي) ليرى بنفسه كل امرأة أو شابة صغيرة برفقة صويحباتها أو برفقة زوجها أو أبيها وقد امتشقت واحتضنت رأس لي المعسل باحتراف وكأنها تحتسي كوباً من القهوة أو الشاي (بالنعناع) والدخان الكثيف يتصاعد بين شفتين ناعمتين.. لم يُخلقا لذلك.. وثمة حقيقتان يجدر الإشارة إليهما قبل الاسترسال في الحديث عن تدخينهن بين الماضي والحاضر.. الأولى انني كتبت عن التدخين لعشرين مرة أو تزيد في سوانح وقبلها في غرابيل وغيرهما من إصدارات صحفية أو توعوية عن مضار التدخين.. والحقيقة الثانية ذات الصلة بالتدخين هي ان الإعلام الغربي قوي وفاعل في أي موضوع يتناوله عبر وسائله.. بعكس إعلام العالم الثالث.. ولنأخذ التبغ أو السجائر مثالاً على ذلك.. فالغرب عندما أراد تشديد الخناق عليه (الدخان والمدخنون) فعل ونجح (في الغرب طبعاً) ونجح أيضاً في العالم الثالث.. أي كلما أقلع واحد منهم عن التدخين وقع لدينا عشرة.. فالحملات التوعوية في الغرب عن مضار التدخين يقابلها دعايات وإغرائات (قد) تتبناها وسائلنا الإعلامية (مع الأسف) لإيقاع شباب وشابات العالم الثالث في التبغ والتدخين.. واقرأوا الاحصائيات وماذا تقول.. أي ان ماتخسره شركات التبغ من أسواق في الغرب بفعل الحملات الإلزامية التي تقوم بها ضد التبغ تُعوضه أو تعوضها من أسواق العالم الثالث.. وأنتقل لنقل صورة من الماضي عن علاقة النساء بالتبغ (التنباك) أو السجاير والشيشة أو الأرجيلة (في مصر والشام) وفي لاهور.. أو أهل السند والهند يطلقون على الشيشة (هوكه) وأعود لحريم (مال قبل) فيندر أن تجد امرأة في جزيرة العرب تُدخن.. ماعدا القليل من المسلسلات البدوية.. عندما تقول الممثلة العجوز لخادمها (جب لي التتن ياولد) وغير ذلك لا أعرف أن المرأة العربية فيما مضى (شابة أو عجوز) كانت تُدخن أي نوع من التبغ.. بل بالعكس.. ينصحن من يدخن بعدم التدخين.. حيث قالت إحداهن (شعراً) لحبيبها المدخن: لا تشرب التتن يالغالي.. يخرب ثناياك يا المملوح.. ويقول الراوي أيضاً ان امرأة شاعرة (وزوجها شاعر) إلا انه كان يُدخن التنباك.. فقالت الزوجة شعراً.. وهي لا تعرف بوجوده: ياشارب التنباك.. شاربك لاطال.. إياك وايا واحد(ن) جاز دونه.. فتفاجأت الشاعرة بوجود زوجها وسماعه لما قالت.. وهو يقول غاضباَ: رديها يامره.. فقالت على نفس الوزن والقافية.. لتمتص غضب زوجها وتلطيف الجو و (ترقيع) ما قالت.. فقالت: شرابة التنباك.. فيهم سعة بال.. ومن طال شاربه يقصونه.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.