ما إن يسدل المساء خيوطه الذهبية نهاية الأسبوع حتى تتوافد الأسر لأداء صلاتي المغرب والعشاء في الحرم المكي، ويأسرك المنظر لحد الروعة ويعجبك المشهد لدرجة الدهشة؛ لأسر اقتسمت ساحات وأروقة الحرم المكي في تجمع عائلي مثير، يفيض بمشاعر عائلية وهم يحتسون القهوة في زاوية من زوايا المسجد الحرام، في صورة ناصعة لاستثمار الموقف في التربية والتدريب والتعليم الديني، فيما تحلق حولهم فراشات البهجة والأنس. المنظر المبهج رسم علاقات اجتماعية متنوعة لدرجة أنّ ساحات الحرم المكي تحولت إلى أماكن للعلاقات العامة والتعارف بين قاصدي المسجد الحرام.. هناك يمكنك أن ترى أسرة كويتية إلتقت بأخرى قادمة من الرياض أو من أي بلد آخر وتعارفتا، وقد تشاهد سيدة حجازية قابلت أخريات ودعتهم لتناول إحدى الوجبات في منزلها. الساحات الجنوبية ما بين باب «أجياد» إلى باب «العمرة» أكثر المواقع جذباً للعائلات صور تفاعل الأسر أثناء تواجدها حول الحرم المكي كثيراً ما تتنوع، وتظل الساحات الجنوبية للحرم المكي والممتدة ما بين باب "أجياد" إلى باب "العمرة" أكثر المواقع جذباً للعائلات؛ لسهولة الدخول للحرم من خلالها وانفتاحها على الأسواق الكبيرة، وتبلغ مساحة ساحات الحرم أكثر من (90) ألف متر مربع. وقال "حامد البركاتي": "يظل الحرم المكي فرصة لا تفوت للتزود بالطاعات والهروب من رتابة الأسبوع وملل البيوت، وقد حقَقَت زيارتي فوائد مؤثرة في تربية أولادي، لعل من بينها أنني راجعت الجزء الأول من القرآن الكريم مع الأبناء، وحضرنا عدداً لا بأس به من الدروس العلمية بالمسجد الحرام، وخرجنا بفوائد رائعة منها دخول أولادي الجو العلمي، وتدربهم على تلخيص أبرز فوائد الدرس، ومشاهدة عدد من العلماء المشهورين مباشرة، في حين كنا نتابع سوياً درسوهم التي تبث على بعض القنوات العلمية". عشرات الأسر قادمة من مختلف الأقطار تجتمع في ساحات الحرم وكشف "يوسف السند" -معلم- أنّ زيارته لمكةالمكرمة جاءت لهذا العام لتتحول إلى دروس ميدانية في الفترة الصباحية، مشيراً إلى أنّه استمتع بتعريف أسرته معالم ومواقع تاريخية مشهورة، بالإضافة إلى شرحه لهم ارتباطها وذكرها في القرآن والسنة النبوية مثل؛ "شعب بنو هاشم" و"مسجد البيعة" و"مسجد الخيف بمنى" و"مسجد نمرة" و"وادي عرنة بعرفات" و"مسجد المشعر الحرام" و"طريق مياه عين زبيدة بمزدلفة" و"مسجد الجعرانة"، مبيناً أنّ تلك المشاهدات والرحلات أوضحت لأبنائه كيفية أداء مناسك الحج بأهم خطواته، مضيفاً أنّه توج ذلك بمسابقة علمية حول المواقع في مقر إقامته بالفندق. وذكر "صالح الحربي" -من المدينةالمنورة- أنّ زيارته لمكةالمكرمة حققت فوائد كثيرة، وأشبعت ذائقته وأسرته وكان من أهمها وقوفه - بلا زحام ولأول مرة - على المنجزات الحضارية الرائعة، والمتمثلة في مشروعات المشاعر "الجمرات" و"محطات قطار المشاعر" و"توسعة المسعى" و"توسعة الساحات الشمالية"، مبيناً أنّ إعداد برنامج مقترح ومرن وسهل قابل للتنفيذ يعزز الاتجاهات الإيجابية لدى أفراد الأسرة. وأشار "حسين المغيليس" - تربوي من الأحساء - إلى أنّه استثمر تواجده في مكةالمكرمة لتصوير وتوثيق المعالم التاريخية في مكةالمكرمةوجدة مثل؛ "بازانات" الماء القديمة، والأسواق الشعبية، والمساجد التاريخية، والمعالم الحضارية، وذلك ليضيفها إلى أرشيف الصور التي يستخدمها في تدريس مادة التربية الوطنية بمدرسته، مضيفاً: "للأسف فإن عدم التخطيط وتوظيف مثل هذه الرحلات للديار المقدسة لوسائل تربية وتعليم الأبناء يفقدها الفائدة، وتتحول إلى مجرد رحلات يسيطر عليها الترفيه". وبيّن "سعيد العجمي" - من الخبر - أنّ تواجده في الحرم المكي أتاح الفرصة لأفراد أسرته لمشاهدة أروع صور العمل المجتمعي والمؤسسي، والمنفذ من قبل الجهات الخيرية والجماعات التطوعية بإشراف الجهات الحكومية كتقديم خدمات الإفطار للصائمين يومي الخميس والأثنين، وآلية التقديم، والتوزيع، والتنظيف، وصور فذة أخرى كحمل الجنائز بنعوش المغاسل الخيرية، ونقل المشيعين بسيارات خاصة، وتجارب مشروعات تنظيف الحرم المكي بمشاركة أبناء مكةالمكرمة وغيرهم، لافتاً إلى أنّ تلك المشاهد التي تفيض بالإنسانية تدفع الجميع للتلذذ بالعبادة.