"قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، هكذا استهل العديد من أصحاب المحلات التجارية حديثهم عن معاناة باتت تؤرقهم، بل وتسببت في تراجع مداخيلهم دون أن يكون لهم أدنى ذنب، بعد أن ارتفعت وتيرة صيانة الشبكات الخدمية الماء والكهرباء والهاتف والصرف الصحي في الأحياء، وعصفت "الحفّارات" و"الكسّارات" والآليات الضخمة بالطرق وشوهتها, وحالت بينهم وبين زبائنهم، الذين وجهوا مركباتهم للتبضع في أماكن أخرى، خشية تعرضهم للأذى، سواء صعقاً بكهرباء التمديدات والإنارة، أو السقوط من الجسور الحديدية المؤقتة داخل الحفر العميقة، فضلاً عن تعرض سياراتهم للاصطدام المفاجئ، لاسيما الحديثة منها، بعد أن ضاقت الطرق وتقلص اتساعها. "الرياض" تجولت في أماكن متعددة؛ لتقدير حجم المشكلة، فكان هذا التحقيق. أصحاب المحال التجارية يشتكون «حفريات الشوارع» دون إذن مسبق.. والخسائر بالملايين دون تعويض لائحة سوداء! وقال "أيمن الجهني" - مسؤول في مركز طبي خاص -: لمست انخفاضاً في عدد المراجعين للمركز؛ بسبب الحفريات، محملاً الجهات الرقابية المسؤولية الكاملة عن عدم تنفيذ المؤسسات مهامها، وكذلك تقاعس العمالة عن أداء عملهم, منتقداً الآلية التي يتم فيها ترسية المشروعات على بعض المؤسسات غير الملتزمة - على حد وصفه -، والتي أضحت معروفة لدى المواطنين. وأوضح "محمد الحربي" - صاحب محل خردوات - أن الكثير من الزبائن باتوا يمتنعون عن القدوم إلى محله، مما اضطره أن يعمل بنفسه جسور خشبية صغيرة، كي يمر عليها الزبائن وكحل بديل ومؤقت؛ لتسهيل عملية المرور بالمكان، مؤكداً على أن الخسارة لا تقل عن (35) ألف ريال على أقل تقدير، منتظراً انتهاء تلك الأعمال، مبيناً أنه سيستمر في مزاولة النشاط، حتى يتمكن من إعطاء العمّال مرتباتهم الشهرية، مطالباً بسن قوانين صارمة وملزمة يتم من خلالها تقدير خسائر المحلات المتضررة، مع إلزام الجهات المعنية بالتعويض الفوري، إضافةً إلى وضع "لائحة سوداء" بأسماء المؤسسات والشركات المتعثرة؛ لمنعها من التنافس على المشروعات الحيوية التي ينعكس أثرها على مصالح المواطنين، لاسيما أصحاب الدخل المحدود ممن يقتاتون على محلات تجارية متواضعة من "بقالات" و"صوالين حلاقة" و"مطاعم", و"بوفيهات"، وغيرها. إيجارات ورواتب عمالة وزبائن بدون مواقف وصعوبة في الوصول.. والمكاسب «صفر» أغلقت المحل وأكد "أحمد العروي" - صاحب محل وجبات سريعة - أنه اضطر لإغلاق المحل للإبقاء على سمعته الطيبة ولجوانب صحية, محملاً الجهات الخدمية ومقاولي الصيانة مناصفة المسؤولية في الخسائر التي تحملها دونما ذنب, مؤيداً إلزام الجهتين بتعويض المتضررين عن قيمة الإيجار ومرتبات العمالة. مواطن يشير إلى محلات أوقفت نشاطها وطلب "فهد الحمد" - صاحب مطعم - من أحد عمالته الحديث عن الأضرار التي لحقت بالمطعم، مطالباً "عدسة الرياض" بالتصوير، مؤكداً على أنه سيتقدم بشكوى للمسؤولين، بعد أن تسببت مؤسسة الصيانة في خسائر فادحة له. وقال الطاهي الآسيوي: لقد اضطررنا إلى تقليص كميات الطعام المعدة إلى الربع، ومازلنا نعاني من الفائض أحياناً، موضحاً أن مسلسل الخسارة إذا استمر هكذا، فإن ذلك سيقودهم إلى البحث عن مكان آخر للعمل، رحمةً بصاحب المطعم الذي لن يتمكن من دفع الإيجار ومخصصاتنا الشهرية, لافتاً إلى أنه ومع قلة الزبائن فإن من يضطر للشراء يوجه عشرات الأسئلة حول مدى نظافة الطعام وعدم تأثره بأعمال الصيانة. عامل آسيوي يشير إلى أعمال الحفر التي تسببت في خسائر المطعم «عدسة - فايز المطيري» تكثيف الجولات وعبّر "يوسف حمدان" -صاحب محل لبيع الملابس- عن استيائه البالغ من شركات الحفر والدفن -على حد وصفه-، والتي تعمل صيانة متكررة لأنابيب المياه قبالة محله, مضيفاً: "ما أن يتم الردم والسفلتة وإعلان الانتهاء من العمل، حتى تعاود الآليات الشق والتكسير بعمق أكثر من السابق، مما ينذر بهبوطات أرضية متكررة تلتهم المركبات، بل وتضر بالمباني"، متسائلاً عن دور الجهات الرقابية في منع هذه التجاوزات التي تسببت في هدر المال العام وامتدت إلى لقمة عيش المواطنين. وأوضح "علي القادري" -صاحب صالون حلاقة- أن الحجوزات لديه تراجعت كثيراً، لعدم وجود مواقف للسيارات، مضيفاً أن التقديرات الأولية لخسائر المحل تربو على (18) ألف ريال, مطالباً المؤسسة القائمة على الصيانة إتقان عملها، أو فسح المجال لمؤسسات أكثر خبرة وأمانة والتزاما, مناشداً الرقابة تكثيف جولاتها والوقوف على المشروعات المتعثرة والرفع بها لأمارة المنطقة, مشدداً على أهمية تصنيف المؤسسات الخدمية وفقاً لجودة العمل وسرعة الإنجاز، مع إسناد المهام لمن يتقن هذه المهمة، مشيراً إلى أن المشروعات المتعثرة وكثرت أعمال الشق والرتق في الطرق، أضحى سمة بارزة ليس في الأحياء القديمة التي تهالكت بناها التحتية، بل في أكثر الأحياء حداثة، مما يؤكد وجود خلل واضح، ويحتاج إلى مزيد من الجهد لإيجاد حل عاجل له. .. وتوقف أخرى بنشاط جزئي خطر كبير وبينما "الرياض" تتجول في أماكن متعددة داخل المدينةالمنورة وأطرافها، في أحياء "المساجد السبعة" و"الجويزيات" و"قباء" و"العزيزية"، وكذلك "شارعي الإمامين البخاري ومسلم"، و"طريق الهجرة السريع" و"أحياء الغربية والشرقية", دعانا "عبدالله الرشيدي" -صاحب محل لبيع الخضار والفواكه- إلى الوقوف فوق جسر مقام على إحدى الحفر الموجودة، والتي شكلّت خطراً كبيراً على المارة وقائدي السيارات، إذ تبين مدى العمق الذي تم شقه، وقال: إن المركبات تسير ببطأ وحذر شديدين، خشية المفاجئات اصطداماً أو سقوطاً، نظراً لضيق الشارع، لافتاً إلى أن الوضع لا يحتمل المزيد من التسويف, مطالباً بسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة التي استوطنت المنطقة, والعمل على سرعة تنفيذها خلال فترة زمنية محددة، مشدداً على أن التباطؤ تسبب في خسائر فادحة يصعب تعويضها, مؤكداً على أن هناك محلات أوقفت نشاطها بشكل جزئي وأخرى بشكل كامل تجنباً للخسارة. أعمال الصيانة مستمرة على مدار العام نص قانوني وضم "الرشيدي" صوته للمطالبين بالتعويض، بسن القوانين وتشكيل اللجان المختصة الحيادية، التي تؤدي واجبها في الرقابة والمتابعة على أعمال الصيانة، مبيناً أن التعويض يجب ألاّ يقتصر على دفع مبالغ الإيجار خلال فترة العمل، بل يجب أن يمتد إلى تقدير خسائر البضائع وتوقف النشاط, مقدراً خسارته الشخصية خلال فترة الصيانة الماضية ب(28) ألف ريال وهي - على حد قوله - مرشحة للارتفاع، إذا لم يتم الانتهاء من العمل في الوقت المقرر. وأيد "سعود بن عواد الحجيلي" -محامي- مطالب المتضررين بالتعويض المالي والنص على ذلك في عقود الصيانة مع المقاولين, مشدداً على أن إدراج هذا البند سيجبر المماطلين والمتعثرين العمل على قدم وساق للتقيد بزمن التنفيذ، خشية الغرامات المالية التي يجب أن تقدر بشكل دقيق، لافتاً إلى أن الأهمية تتطلب التدرج في صياغة النص القانوني الذي يبدأ بالتعويض عن الإيجار، إلزاماً للجهة الخدمية المعنية سواء بلديات أو مديريات المياه أو شركات كهرباء وهاتف خلال فترة المشروع, مع استكمال ذلك من قبل الشركة المنفذة بعد انتهاء الفترة المحددة، موضحاً أنه تلقى شكاوى عديدة سابقاً، ولكن غياب المستمسك النظامي أثر على حماسه بتسلم هذا النوع من القضايا, مناشداً الجهات المسؤولة البدء في تقييم الأضرار التي لحقت بالمواطنين، ومخاطبة الجهات العدلية لاستحداث أنظمة تعالج أمثال هذه المشاكل. مشروع خدمي يحاصر المحلات على امتداد الطريق سعود الحجيلي