..هي ليست قهوة يحتسيها الضيوف خلال فترة العصر، وإنما مائدة طعام تقدّم بين صلاتي العصر والمغرب للضيوف، وتحوي الأكلات الشعبية من العصيد والمعصوب والفطير والسمن والعسل ولحم الحنيذ، إلى جانب الحلويات المختلفة والمشروبات الساخنة والباردة. وقهوة العصر تكون عادةً لضيوفٍ مرتبطين بعزيمة رسمية في المساء، ولهذا يستغل هذا الوقت في إكرامهم حتى موعد العشاء!، هذه الظاهرة وتناميها أثارت حفيظة كثيرٍ من أبناء المجتمع، مما جعلهم ينادون بضرورة وضع حد لها؛ لما تشتمل عليه من الإسراف في المأكل والمشرب والمال ومخالفة للعادات والتقاليد. عادة متطفلة! وبيّن المشرف التربوي "علي بن هشبول" إن ما نشاهده في المناسبات والولائم الصيفية من عَرْض الموائد الموسعة من ضروب الإسراف والتبذير لهو جديرٌ بالمناقشة والتفنيد، واصفاً قهوة العصر بأنها أحدث مظاهر الإسراف التي تنقلب إلى موائد وولائم لأصناف المأكولات والمشروبات في تنافس مسعور ما بين العصر والمغرب؛ تمضيةً للوقت ريثما يحين موعد وليمة العشاء الكبرى عند مضيف ما، وكأنهم في لحظات سباق ووداع مع الطعام، والأغرب من ذلك أن هذه القهوة قد تتكرر لذوات الضيوف عند أكثر من مضيف. وقال:"لم أجد لهذه العادة المتطفلة جانباً مضيئاً، خصوصاً من حيث الكيفية الموغلة في الإسراف كمًا وكيفاً وزمناً، وما يظفر به المُضيّفون من ريائهم وسمعتهم لا يعود على المجتمع بالنفع، بل لا يَعدوُ الأمرُ عن كونه كسباً فردياً خارجٌ عن المألوف، وإشباعاً نفسيًا على حساب القيم، وإثباتاً للوجود الشخصي لا يتخطى حواف سُفَرٍ مُكْتظة بما يؤلم المؤمنَ والعاقل من تعمد الإسراف ونشاز التوقيت". مجاملة الحضور للمناسبة دون اقتناع البعض بحجم خسائرها مجاملة وتبذير وقال الأستاذ "سعيد بن علي بن عوضة" - مدير مدرسة الإمام البخاري بتنومة- إن من يقف خلف هذه الظاهرة هو من رزقه الله شيئاً من المال، ويريد أن يُسجلَ اسمه في سجل الكرماء، ويعتقد أنّ هذه الطريقة ناجعة لتجعله من الأعيان، واصفاً من يحضرها بأنهم "نفرٌ تحفهم المجاملة"، ومعظمهم يَمْقت تلك المشاهد الإسرافية التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولكن الواقع يفرض عليه الحضور. وأضاف ان "قهوة العصر" هي عددٌ من الصحاف و"المشاغيث" يتناثر بينها الفطير بكميات كبيرة، وعدد لا يقل عن خروفين أو تيسي حنيذ، وعسل وسمن بلدي وأنواع مختلفة من الفواكه، والضيوف لا زالوا في طريقهم للمضيف الذي يقيم لهم وليمة العشاء ولا شك أنها أضعاف ما ذكر، مطالباً أفراد المجتمع بإعادة التفكير في هذه المظاهر بعيداً عن المجاملات. موائد «الوجاهة المصطنعة» تزيد من التبذير وتحرج «البسطاء» توعية ضد الإسراف وأوضح "معاذ عبدالرحمن" أن الإسراف يدل على اضطراب في السلوك الاجتماعي العام والديني، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك كله هو إرضاءٌ لروح التعالي في بعض النفوس وإرضاء من حوله. فيما دعا "بندر مردوم" إلى دور إيجابي في توعية المجتمع من خطر الإسراف، والتباهي به، ويشاركه الرأي" حسن الشهري" بضرورة توعية المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة، خصوصاً مع ما يعانيه العالم من ارتفاع حاد في أسعار المواد الاستهلاكية.