تناولت صحيفة «الاقتصادية» يوم الأحد الماضي موضوعا هاماً عن علاقة مهنة المحاسبة بسوق المال، والواقع أن التحقيق قد جاء في الوقت المناسب حيث يشهد سوق المال السعودي طفرة نوعية وتزايدا كبيرا في عدد المستثمرين، مما يلزم التوعية بالعلاقة القوية بين مهنة المحاسبة وسوق المال. وفي هذا المجال فإنه لا بد من الحديث عن آلية العلاقة بين هيئة سوق المال السعودية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين (تأسست عام 1991م) . فبينما تكبر هيئة المحاسبين هيئة سوق المال بما يقارب الخمسة عشر عاماً، إلا أن العلاقة بين الهيئتين حالياً غير واضحة المعالم في الواقع العملي . بل أن ما يجري في ساحة سوق الأسهم يوحي بغياب الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين عن تطورات الأمور. وعلى الطرف الآخر فإن هناك غياب لهيئة سوق المال عن ما يجري لتطوير مهنة المحاسبة بشكل عام، وعن تطوير هيئة المحاسبين بشكل خاص. ومن هنا فإنه يلزم على هيئة المحاسبين أن تعيد النظر في استراتيجيتها لتتفاعل مع هيئة سوق المال، وفي نفس الوقت فإن هيئة سوق المال ينبغي عليها الاستفادة من الخبرة المتراكمة لدى هيئة المحاسبين للعمل سوياً على تطوير مهنة المحاسبة حتى تقوم بدورها في حماية المستثمرين والاستثمارات، ولرفع كفاءة سوق المال السعودي. والواقع أن هناك قواسم للعمل المشترك بين هيئة سوق المال وهيئة المحاسبين . فأهداف هيئة سوق المال تنص على ضرورة «العمل على تحقيق العدالة والكفاية والشفافية»، و«تنظيم ومراقبة الإفصاح الكامل عن المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية وتوفير المعلومات التي يجب على المشاركين في السوق الإفصاح عنها». كما أن من مهام هيئة سوق المال «وضع المعايير والشروط الواجب توفرها في مدققي الحسابات الذين يتولون تدقيق الشركات المساهمة المدرجة في السوق»، و «تحديد محتويات القوائم المالية السنوية والدورية والتقارير والمستندات التي يجب أن تقدمها الجهات المصدرة أو المدرجة في السوق وتحديد نماذج وتعليمات الإفصاح». ولا شك أن هذه الأهداف والمهام لا يمكن لهيئة سوق المال أن تضطلع بها لوحدها دون الاستعانة بهيئة المحاسبين على اعتبار أن تزويد المستثمرين بالمعلومات المالية الملاءمة يعتبر الهدف الرئيسي لمهنة المحاسبة. وباستطلاع تجارب الدول نجد أن التعاون الوثيق بين الجهات المشرفة على سوق المال وبين الجهات المشرفة على مهنة المحاسبة يؤدي في نهاية الأمر إلى رفع درجة الشفافية والإفصاح في سوق المال، ولعل العلاقة الوثيقة بين هيئة تداول الأوراق المالية SEC ومجلس معايير المحاسبة المالية FASB وكذلك مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة PCAOB في الولاياتالمتحدة أفضل مثال على ذلك. إن ثمرة التعاون بين الهيئتين سيؤدي بلا شك إلى تحسين جودة المعلومات Quality of Information والحد من المعلومات الداخلية، وسيقلل من الاعتماد على الإشاعات مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الثقة في السوق . فهل نرى قريباً برامج عمل مشتركة بين الهيئتين لتفعيل التكامل بينهما خدمة للمستثمرين في سوق الأسهم. ٭ قسم المحاسبة جامعة الملك سعود